Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 91, Ayat: 1-12)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا } الضحى ارتفاع الضوء وكماله ، والضحاء بالفتح والمد بعد ذلك إلى الزوال ، وقيل : الضحى النهار كله ، والأول هو المعروف في اللغة { وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا } أي تبعها وفي اتباعه لها ثلاثة أقوال : أحدها : أنه يتبعها في كثرة الضوء ، لأنه أضوء الكواكب بعد الشمس ، ولا سيما ليلة البدر : والآخر : أنه يتبعها في طلوعه لأنه يطلع بعد غروبها ، وذلك في النصف الأول من الشهر والضمير الفاعل للنهار ، لأن الشمس تنجلي بالنهار فكأنه هو الذي جلاّها ، وقيل : الضمير الفاعل لله ، وقيل : الضمير المفعول للظلمة أو الأرض أو الدنيا ، وهذا كله بعيد لأنه لم يتقدم ما يعود الضمير عليه { وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } أي يغطيها وضمير المفعول للشمس وضمير الفاعل لليل على الأصح { وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا } قيل : إن ما في قوله وما بناها وما طحاها وما سوّاها موصولة بمعنى من والمراد الله تعالى ، وقيل : إنها مصدرية كأنه قال : والسماء وبنيانها ، وضعف الزمخشري ذلك بقوله : فألهمها فإن المراد الله باتفاق ، وهذا القول يؤدي إلى فساد النظم ، وضعّف بعضهم كونها موصولة بتقديم ذكر المخلوقات على الخالق . فإن قيل : لم عدل عن من إلى قوله ما في قول من جعلها موصولة ؟ فالجواب : أنه فعل ذلك لإرادة الوصفية كأنه قال والقادر الذي بناها { طَحَاهَا } أي مدها { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } تسوية النفس إكمال عقلها وفهمها ، فإن قيل : لم نكّر النفس ؟ فالجواب من وجهين : أحدهما : أنه أراد الجنس كقوله : { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ } [ التكوير : 14 ] والآخر أنه أراد نفس آدم والأول هو المختار { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } أي عرّفها طريق الفجور والتقوى ، وجعل لها قوة يصح معها اكتساب أحد الأمرين ، ويحتمل أن تكون الواو بمعنى أو ، كقوله : { إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } [ الإنسان : 3 ] { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } هذا جواب القسم عند الجمهور ، وقال الزمخشري : الجواب محذوف تقديره : ليدمدمَنّ الله على أهل مكة لتكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم ، كما دَمْدم على قوم ثمود لتكذيبهم صالحاً عليه الصلاة والسلام ، قال : وأما قد فلح فكلام تابع لقوله : { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } على سبيل الاستطراد ، وهذا بعيد ، والفاعل بزكاها ضمير يعود على من ، والمعنى : قد أفلح من زكى نفسه أي طهّرها من الذنوب والعيوب ، وقيل : الفاعل ضمير الله تعالى ، والأول أظهر ، { وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } أي حقرها بالكفر والمعاصي ، وأصله دسس بمعنى : أخفى فكأنه أخفى نفسه لما حقرها ، وأبدل من السين الأخيرة حرف علة كقولهم : قصيّت أظفاري وأصله قصَصْتُ { بِطَغْوَاهَآ } هو مصدر بمعنى الطغيان قلبت فيه الياء واواً على لغة من يقول : طغيت ، والباء الخافضة كقولك كتبت بالقلم أو سببية ، والمعنى بسبب طغيانها وقال ابن عباس : معناه ثمود بعذابها ويؤيده قوله : { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ } [ الحاقة : 5 ] { إِذِ ٱنبَعَثَ أَشْقَاهَا } العامل في إذ كذبت أو طغوها ومعنى انبعث : خرج لعقر الناقة بسرعة ونشاط ، وأشقاها : هو الذي عقر الناقة وهو أحيمر ثمود واسمه قدار بن سالف ، ويحتمل أن يكون أشقاها واقعاً على جماعة ، لأن أفعل التي للتفضيل إذا أضفته يستوي فيه الواحد والجمع والأول أظهر وأشهر .