Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 97, Ayat: 1-5)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } الضمير في أنزلناه للقرآن ، دل على ذلك سياق الكلام ، وفي ذلك تعظيم للقرآن من ثلاثة أوجه : أحدها أنه ذكر ضميره دون اسمه الظاهر دلالة على شهرته والاستغناء عن تسميته ، الثاني أنه اختار لإنزاله أفضل الأوقات ، والثالث أن الله أسند إنزاله إلى نفسه وفي كيفية إنزاله في ليلة القدر قولان : أحدهما أنه ابتدأ إنزاله فيها ، والآخر : أنه أنزل القرآن فيها جملة واحدة إلى السماء ثم نزل به جبريل إلى الأرض بطول عشرين سنة وقيل : المعنى أنزلناه في شأن ليلة القدرة وذكرها ، وهذا ضعيف . وسميت ليلة القدر من تقدير الأمور فيها أو من القدْر بمعنى الشرف ، ويترجح الأول بقوله : فيها يفرق كل أمر حكيم { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ } هذا تعظيم لها ، قال بعضهم : كل ما قال فيه ما أدراك فقد علمه النبي صلى الله عليه وسلم وما قال فيه ما يدريك فإنه لا يعلمه { لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } معناه أن من قامها كتب الله له أجر العبادة في ألف شهر ، قال بعضهم : يعني في ألف شهرة ليس فيها ليلة القدر ، وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " وسبب الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رجلاً ممن تقدم عبد الله ألف شهر ، فعجب المسلمون من ذلك ورأوا أن أعمارهم تنقص عن ذلك ، فأعطاهم الله ليلة القدر وجعلها خيراً من العبادة في تلك المدة الطويلة . وروي أن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما عوتب حين بايع معاوية فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المنام بني أمية ينزون على منبره نزو القردة ، وأعلمه أنهم يملكون أمر الناس ألف شهر ، فاهتم لذلك ، فأعطاه الله ليلة القدر وهي خير من ملك بني أمية ألف شهر ، ثم كشف الغيب أنه كان من بيعة الحسن لمعاوية إلى قتل مروان الجعدي آخر ملوك بني أمية بالمشرق ألف شهر { تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم } الروح هنا جبريل عليه السلام ، وقيل : صنف من الملائكة لا تراهم الملائكة إلا تلك الليلة وتنزّلهم هو إلى الأرض ، وقيل : إلى السماء الدنيا وهو تعظيم لليلة القدر ورحمة للمؤمنين القائمين فيها { مِّن كُلِّ أَمْرٍ } هذا متعلق بما قبله ، والمعنى أن الملائكة ينزلون ليلة القدر من أجل كل أمر ، يقضي الله في ذلك العام . فإنه روي أن الله يعلم الملائكة بكل ما يكون في ذلك العام من الآجال والأرزاق وغير ذلك ، ليمتثلوا ذلك في العام كله ، وقيل : على هذا المعنى أن من بمعنى الباء أي ينزلون بكل أمر ، وهذا ضعيف وقيل : إن المجرور يتعلق بعده والمعنى أنها سلام من كل أمر أي سلامة من الآفات ، قال مجاهد : لا يصيب أحد فيها داء . والأظهر أن الكلام تمّ عند قوله : من كل أمر . ثم ابتدأ قوله : سلام هي ، واختلف في معنى سلام ؟ فقيل ؛ إنه من السلامة ، وقيل : إنه من التحية ، لأن الملائكة يسلمون على المؤمنين القائمين فيها ، وكذلك اختلف في إعرابه ؛ فقيل : سلام هي مبتدأ وخبر وهذا يصح سواء جعلناه متصلاً مع ما قبله أو منقطعاً عنه ، وقيل : سلام خبر مبتدأ مضمر تقديره : أمرها سلام أو : القول فيها سلام . وهي مبتدأ خبره حتى مطلع الفجر أي هي دائمة إلى طلوع الفجر ، ويختلف الوقف باختلاف الإعراب ، وقال ابن عباس : إن قوله هي إشارة إلى أنها ليلة سبع وعشرين ، لأن هذه الكلمة هي السابعة والعشرين من كلمات السورة .