Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 107, Ayat: 1-7)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لكل من يصلح له . والاستفهام لقصد التعجيب من حال من يكذب بالدين . والرؤية بمعنى المعرفة ، والدين الجزاء والحساب في الآخرة . قيل وفي الكلام حذف ، والمعنى أرأيت الذي يكذب بالدين أمصيب هو أم مخطىء . قال مقاتل ، والكلبي نزلت في العاص بن وائل السهمي . وقال السديّ في الوليد بن المغيرة . وقال الضحاك في عمرو بن عائذ . وقال ابن جريج في أبي سفيان . وقيل في رجل من المنافقين . قرأ الجمهور { أرأيت } بإثبات الهمزة الثانية . وقرأ الكسائي بإسقاطها . قال الزجاج لا يقال في " رأيت " ريت ، ولكن ألف الاستفهام سهلت الهمزة ألفاً . وقيل الرؤية هي البصرية ، فيتعدّى إلى مفعول واحد ، وهو الموصول ، أي أبصرت المكذب . وقيل إنها بمعنى أخبرني ، فيتعدى إلى اثنين . الثاني محذوف ، أي من هو ؟ { فَذَلِكَ ٱلَّذِى يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } الفاء جواب شرط مقدّر ، أي إن تأملته أو طلبته ، فذلك الذي يدعّ اليتيم ، ويجوز أن تكون عاطفة على الذي يكذب إما عطف ذات على ذات ، أو صفة على صفة . فعلى الأوّل يكون اسم الإشارة مبتدأ ، وخبره الموصول بعده ، أو خبر لمبتدأ محذوف ، أي فهو ذلك ، والموصول صفته . وعلى الثاني يكون في محل نصب لعطفه على الموصول الذي هو في محل نصب . ومعنى { يدعّ } يدفع دفعاً بعنف ، وجفوة ، أي يدفع اليتيم عن حقه دفعاً شديداً ، ومنه قوله سبحانه { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } الطور 13 وقد قدّمنا أنهم كانوا لا يورّثون النساء والصبيان { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } أي لا يحضّ نفسه ، ولا أهله ، ولا غيرهم على ذلك بخلاً بالمال ، أو تكذيباً بالجزاء ، وهو مثل قوله في سورة الحاقة { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } الحاقة 34 . { فَوَيْلٌ } يومئذ { لّلْمُصَلّينَ } الفاء جواب لشرط محذوف كأنه قيل إذا كان ما ذكر من عدم المبالاة باليتيم والمسكين ، فويل للمصلين { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ } أي عذاب لهم ، أو هلاك ، أو واد في جهنم لهم ، كما سبق الخلاف في معنى الويل ، ومعنى ساهون غافلون غير مبالين بها ، ويجوز أن تكون الفاء لترتيب الدعاء عليهم بالويل على ما ذكر من قبائحهم ، ووضع المصلين موضع ضميرهم للتوصل بذلك إلى بيان أن لهم قبائح أخر غير ما ذكر . قال الواحدي نزلت في المنافقين الذين لا يرجون بصلاتهم ثواباً إن صلوا ، ولا يخافون عليها عقاباً إن تركوا ، فهم عنها غافلون حتى يذهب وقتها ، وإذا كانوا مع المؤمنين صلوا رياء ، وإذا لم يكونوا معهم لم يصلوا ، وهو معنى قوله { ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَاءونَ } أي يراءون الناس بصلاتهم إن صلوا ، أو يراءون الناس بكل ما عملوه من أعمال البرّ ليثنوا عليهم . قال النخعي { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ } هو الذي إذا سجد قال برأسه هكذا ، وهكذا ملتفتاً . وقال قطرب هو الذي لا يقرأ ولا يذكر الله . وقرأ ابن مسعود الذين هم عن صلاتهم لاهون . { وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ } . قال أكثر المفسرين { الماعون } اسم لما يتعاوزه الناس بينهم من الدلو ، والفأس ، والقدر . وما لا يمنع كالماء ، والملح . وقيل هو الزكاة ، أي يمنعون زكاة أموالهم . وقال الزجاج ، وأبو عبيد ، والمبرّد الماعون في الجاهلية كل ما فيه منفعة حتى الفأس ، والدلو ، والقدر ، والقداحة وكل ما فيه منفعة من قليل وكثير ، وأنشدوا قول الأعشى @ بأجود منه بماعونه إذا ما سماؤهم لم تغم @@ قال الزجاج ، وأبو عبيد ، والمبرّد أيضاً والماعون في الإسلام الطاعة والزكاة ، وأنشدوا قول الراعي @ أخليفة الرحمٰن إنا معشر حنفاء نسجد بكرة وأصيلا عرب نرى لله من أموالنا حقّ الزكاة منزلا تنزيلا قوم على الإسلام لما يمنعوا ماعونهم ويضيعوا التهليلا @@ وقيل { الماعون } الماء . قال الفراء سمعت بعض العرب يقول الماعون الماء ، وأنشدني @ تمجّ صبيرة الماعون صبا @@ والصبيرة السحاب . وقيل الماعون هو الحق على العبد على العموم . وقيل هو المستغلّ من منافع الأموال ، مأخوذ من المعن ، وهو القليل . قال قطرب أصل الماعون من القلة ، والمعن الشيء القليل ، فسمى الله الصدقة والزكاة ، ونحو ذلك من المعروف ماعوناً لأنه قليل من كثير . وقيل هو ما لا يبخل به كالماء ، والملح ، والنار . وقد أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس { أَرَءيْتَ ٱلَّذِى يُكَذّبُ بِٱلدّينِ } قال يكذب بحكم الله . { فَذَلِكَ ٱلَّذِى يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } قال يدفعه عن حقه . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب عنه { فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ } قال هم المنافقون يراءون الناس بصلاتهم إذا حضروا ، ويتركونها إذا غابوا ، ويمنعونهم العارية بغضاً لهم ، وهي الماعون . وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه عنه أيضاً { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ } قال هم المنافقون يتركون الصلاة في السرّ ، ويصلون في العلانية . وأخرج الفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وأبو يعلى ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه عن مصعب بن سعد قال قلت لأبيّ أرأيت قول الله { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ } أينا لا يسهو ؟ أينا لا يحدّث نفسه ؟ قال إنه ليس ذلك ، إنه إضاعة الوقت . وأخرج أبو يعلى ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني في الأوسط ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه عن سعد بن أبي وقاص قال سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم عن قوله { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ } قال " هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها " قال الحاكم ، والبيهقي الموقوف أصح . قال ابن كثير وهذا يعني الموقوف أصح إسناداً . قال وقد ضعف البيهقي رفعه وصحّح وقفه ، وكذلك الحاكم . وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه قال السيوطي بسند ضعيف عن أبي برزة الأسلمي قال لما نزلت هذه الآية { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الله أكبر ، هذه الآية خير لكم من أن يعطى كلّ رجل منكم جميع الدنيا ، هو الذي إن صلى لم يرج خير صلاته ، وإن تركها لم يخف ربه " وفي إسناده جابر الجعفي ، وهو ضعيف ، وشيخه مبهم لم يسمّ . وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال هم الذين يؤخرونها عن وقتها . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وأبو داود ، والنسائي ، والبزار ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني في الأوسط ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه من طرق عن ابن مسعود قال كنا نعدّ الماعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عارية الدلو ، والقدر ، والفأس ، والميزان ، وما تتعاطون بينكم . وأخرج ابن مردويه عنه قال كان المسلمون يستعيرون من المنافقين القدر ، والفأس ، وشبهه ، فيمنعونهم ، فأنزل الله { وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ } . وأخرج أبو نعيم ، والديلمي ، وابن عساكر عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في الآية قال " ما تعاون الناس بينهم الفأس ، والقدر ، والدلو ، وأشباهه " وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن قرّة بن دعموص النميري أنهم وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا يا رسول الله ما تعهد إلينا ؟ قال " لا تمنعوا الماعون " قالوا وما الماعون ؟ قال " في الحجر ، والحديدة ، وفي الماء " قالوا فأيّ الحديدة ؟ قال " قدوركم النحاس ، وحديد الفأس الذي تمتهنون به " قالوا وما الحجر ؟ قال " قدوركم الحجارة " قال ابن كثير غريب جداً ، ورفعه منكر ، وفي إسناده من لا يعرف . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير عن سعيد بن عياض عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم { الماعون } الفأس ، والقدر ، والدلو . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي ، والضياء في المختارة من طرق عن ابن عباس في الآية قال عارية متاع البيت . وأخرج الفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم ، والبيهقي في سننه عن عليّ بن أبي طالب قال الماعون الزكاة المفروضة { يُرَاءونَ } بصلاتهم { وَيَمْنَعُونَ } زكاتهم .