Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 1-9)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } أي عقابه للمشركين . وقال جماعة من المفسرين القيامة . قال الزجاج هو ما وعدهم به من المجازاة على كفرهم ، وعبر عن المستقبل بلفظ الماضي تنبيهاً على تحقق وقوعه . وقيل إن المراد بأمر الله حكمه بذلك ، وقد وقع وأتى ، فأما المحكوم به فإنه لم يقع ، لأنه سبحانه حكم بوقوعه في وقت معين ، فقبل مجيء ذلك الوقت لا يخرج إلى الوجود . وقيل إن المراد بإتيانه إتيان مباديه ومقدّماته { فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } نهاهم عن استعجاله ، أي فلا تطلبوا حضوره قبل ذلك الوقت ، وقد كان المشركون يستعجلون عذاب الله كما قال النضر بن الحارث { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ } الأنفال 32 ، الآية . والمعنى قرب أمر الله فلا تستعجلوه ، وقد كان استعجالهم له على طريقة الاستهزاء من دون استعجال على الحقيقة ، وفي نهيهم عن الاستعجال تهكم بهم . { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي تنزه وترفع عن إشراكهم ، أو عن أن يكون له شريك ، وشركهم هٰهنا هو ما وقع منهم من استعجال العذاب ، أو قيام الساعة استهزاء وتكذيباً ، فإنه يتضمن وصفهم له سبحانه بأنه لا يقدر على ذلك ، وأنه عاجز عنه والعجز وعدم القدرة من صفات المخلوق ، لا من صفات الخالق ، فكان ذلك شركاً . { يُنَزّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ } قرأ المفضل عن عاصم " تنزل الملائكة " ، والأصل تتنزل ، فالفعل مسند إلى الملائكة . وقرأ الأعمش " تنزل " على البناء للمفعول ، وقرأ الجعفي عن أبي بكر عن عاصم " ننزل " بالنون ، والفاعل هو الله سبحانه . وقرأ الباقون { ينزل الملائكة } بالياء التحتية إلاّ أن ابن كثير ، وأبا عمرو يسكنان النون ، والفاعل هو الله سبحانه ووجه اتصال هذه الجملة بما قبلها أنه صلى الله عليه وسلم لما أخبرهم عن الله أنه قد قرب أمره ، ونهاهم عن الاستعجال ، تردّدوا في الطريق التي علم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، فأخبر أنه علم بها بالوحي على ألسن رسل الله سبحانه من ملائكته ، والروح الوحي ، ومثله { يُلْقِى ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ } غافر 15 . وسمي الوحي روحاً لأنه يحيـي قلوب المؤمنين ، فإن من جملة الوحي القرآن ، وهو نازل من الدين منزلة الروح من الجسد . وقيل المراد أرواح الخلائق . وقيل الروح الرحمة . وقيل الهداية لأنها تحيا بها القلوب كما تحيا الأبدان بالأرواح . قال الزجاج الروح ما كان فيه من الله حياة بالإرشاد إلى أمره . وقال أبو عبيد الروح هنا جبريل ، وتكون الباء على هذا بمعنى مع ، « ومن » في { مِنْ أَمْرِهِ } بيانية ، أي بأشياء أو مبتدئاً من أمره ، أو صفة للروح ، أو متعلق بـ { ينزل } ، ومعنى { عَلَىٰ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ } على من اختصه بذلك ، وهم الأنبياء { أَنْ أَنْذِرُواْ } . قال الزجاج { أَنْ أَنْذِرُواْ } بدل من الروح ، أي ينزلهم بأن أنذروا ، و " أن " إما مفسرة لأن تنزل الوحي فيه معنى القول ، وإما مخففة من الثقيلة ، وضمير الشأن مقدّر ، أي بأن الشأن أقول لكم أنذروا ، أي أعلموا الناس { أَنَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلا أَنَاْ } أي مروهم بتوحيدي ، وأعلموهم ذلك مع تخويفهم ، لأن في الإنذار تخويفاً وتهديداً . والضمير في أنه للشأن . { فَٱتَّقُونِ } الخطاب للمستعجلين على طريق لالتفات ، وهو تحذير لهم من الشرك بالله ، ثم إن الله سبحانه لما أرشدهم إلى توحيده ، ذكر دلائل التوحيد فقال { خُلِقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقّ } أي أوجدهما على هذه الصفة التي هما عليهما بالحق ، أي للدلالة على قدرته ووحدانيته . وقيل المراد بالحق هنا الفناء والزوال { تَعَالَى } الله { عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي ترفع وتقدّس عن إشراكهم ، أو عن شركة الذي يجعلونه شريكاً له . ثم لما كان نوع الإنسان أشرف أنواع المخلوقات السفلية ، قدّمه وخصه بالذكر ، فقال { خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ } وهو اسم لجنس هذا النوع { مِن نُّطْفَةٍ } من جماد يخرج من حيوان ، وهو المنيّ فنقله أطواراً إلى أن كملت صورته ، ونفخ فيه الروح ، وأخرجه من بطن أمه إلى هذه الدار فعاش فيها { فَإِذَا هُوَ } بعد خلقه على هذه الصفة { خَصِيمٌ } أي كثير الخصومة والمجادلة ، والمعنى أنه كالمخاصم لله سبحانه في قدرته ، ومعنى { مُّبِينٌ } ظاهر الخصومة وأضحها ، وقيل يبين عن نفسه ما يخاصم به من الباطل ، والمبين هو المفصح عما في ضميره بمنطقه ومثله قوله تعالى { أَوَلَمْ يَرَ ٱلإِنسَـٰنُ أَنَّا خَلَقْنَـٰهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مٌّبِينٌ } يۤس 77 . ثم عقب ذكر خلق الإنسان بخلق الأنعام لما فيها من النفع لهذا النوع ، فالامتنان بها أكمل من الامتنان بغيرها ، فقال { وَٱلأَنْعَـٰمَ خَلَقَهَا لَكُمْ } وهي الإبل ، والبقر ، والغنم ، وأكثر ما يقال نعم وأنعام للإبل ، ويقال للمجموع ، ولا يقال للغنم مفردة ، ومنه قول حسان @ وكانت لا يزال بها أنيس خلال مروجها نعم وشاء @@ فعطف الشاء على النعم ، وهي هنا الإبل خاصة . قال الجوهري والنعم واحد الأنعام ، وأكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل . ثم لما أخبر سبحانه بأنه خلقها لبني آدم بين المنفعة التي فيها لهم فقال { فِيهَا دِفْء } الدفء السخانة ، وهو ما استدفىء به من أصوافها وأوبارها وأشعارها . والجملة في محلّ النصب على الحال { وَمَنَـٰفِعُ } معطوف على { دفء } وهي درّها وركوبها ونتاجها ، والحراثة بها ونحو ذلك . وقد قيل إن الدفء النتاج واللبن . قال في الصحاح الدفء نتاج الإبل وألبانها وما ينتفع به منها ، ثم قال والدفء أيضاً السخونة ، وعلى هذا فإن أريد بالدفء المعنى الأوّل فلا بدّ من حمل المنافع على ما عداه مما ينتفع به منها ، وإن حمل على المعنى الثاني كان تفسير المنافع بما ذكرناه واضحاً . وقيل المراد بالمنافع النتاج خاصة وقيل الركوب { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } أي من لحومها وشحومها . وخصّ هذه المنفعة بالذكر مع دخولها تحت المنافع لأنها أعظمها . وقيل خصها لأن الانتفاع بلحمها وشحمها تعدم عنده عينها بخلاف غيره من المنافع التي فيها ، وتقديم الظرف المؤذن بالاختصاص للإشارة إلى أن الأكل منها هو الأصل ، وغيره نادر . { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ } أي لكم فيها مع ما تقدّم ذكره جمال ، والجمال ما يتجمل به ويتزين ، والجمال الحسن ، والمعنى هنا لكم فيها تجمل وتزين عند الناظرين إليها { حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ } أي في هذين الوقتين ، وهما وقت ردّها من مراعيها ، ووقت تسريحها إليها ، فالرواح رجوعها بالعشيّ من المراعي . والسراح مسيرها إلى مراعيها بالغداة . يقال سرحت الإبل أسرحها سرحاً وسروحاً إذا غدوت بها إلى المرعى ، وقدّم الإراحة على التسريح لأن منظرها عند الإراحة أجمل ، وذواتها أحسن لكونها في تلك الحالة قد نالت حاجتها من الأكل والشرب ، فعظمت بطونها وانتفخت ضروعها ، وخصّ هذين الوقتين لأنهما وقت نظر الناظرين إليها ، لأنها عند استقرارها في الحظائر لا يراها أحد ، وعند كونها في مراعيها هي متفرّقة غير مجتمعة كل واحد منها يرعى في جانب . { وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ } الأثقال جمع ثقل ، وهو متاع المسافر من طعام وغيره ، وسمي ثقلاً لأنه يثقل الإنسان حمله ، وقيل المراد أبدانهم { إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَـٰلِغِيهِ إِلاَّ بِشِقّ ٱلأَنفُسِ } أي لم تكونوا واصلين إليه لو لم يكن معكم إبل تحمل أثقالكم إلاّ بشق الأنفس لبعده عنكم ، وعدم وجود ما يحمل ما لا بدّ لكم منه في السفر ، وظاهره يتناول كل بلد بعيدة من غير تعيين وقيل المراد بالبلد مكة ، وقيل اليمن ومصر والشام لأنها متاجر العرب ، { وشق الأنفس } مشقتها . قرأ الجمهور بكسر الشين ، وقرأ أبو جعفر بفتحها . قال الجوهري والشق المشقة ، ومنه قوله { لَّمْ تَكُونُواْ بَـٰلِغِيهِ إِلاَّ بِشِقّ ٱلأَنفُسِ } وحكى أبو عبيدة بفتح الشين ، وهما بمعنى ، ويجوز أن يكون المفتوح مصدراً من شققت عليه أشق شقاً . والمكسور بمعنى النصف . يقال أخذت شق الشاة ، وشقة الشاة ، ويكون المعنى على هذا في الآية لم تكونوا بالغيه إلاّ بذهاب نصف الأنفس من التعب ، وقد امتنّ الله سبحانه على عباده بخلق الأنعام على العموم ، ثم خصّ الإبل بالذكر لما فيها من نعمة حمل الأثقال دون البقر والغنم ، والاستثناء من أعمّ العام ، أي لم تكونوا بالغيه بشيء من الأشياء إلاّ بشقّ الأنفس . { وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ } بالنصب عطفاً على الأنعام ، أي وخلق لكم هذه الثلاثة الأصناف . وقرأ ابن أبي عبلة بالرفع فيها كلها . وسميت الخيل خيلاً لاختيالها في مشيها ، وواحد الخيل خائل . كضائن واحد الضأن . وقيل لا واحد له . ثم علل سبحانه خلق هذه الثلاثة الأنواع بقوله { لِتَرْكَبُوهَا } وهذه العلة هي باعتبار معظم منافعها ، لأن الانتفاع بها في غير الركوب معلوم كالتحميل عليها وعطف { زِينَةُ } على محل { لتركبوها } لأنه في محل نصب على أنه علة لخلقها . ولم يقل لتتزينوا بها ، حتى يطابق { لتركبوها } لأن الركوب فعل المخاطبين ، والزينة فعل الزائن وهو الخالق . والتحقيق فيه أن الركوب هو المعتبر في المقصود ، بخلاف الزينة ، فإنه لا يلتفت إليه أهل الهمم العالية ، لأنه يورث العجب ، فكأنه سبحانه قال خلقها لتركبوها ، فتدفعوا عن أنفسكم بواسطتها ضرر الإعياء والمشقة . وأما التزين بها فهو حاصل في نفس الأمر ، ولكنه غير مقصود بالذات . وقد استدلّ بهذه الآية القائلون بتحريم لحوم الخيل ، قائلين بأن التعليل بالركوب يدلّ على أنها مخلوقة لهذه المصلحة دون غيرها . قالوا ويؤيد ذلك إفراد هذه الأنواع الثلاثة بالذكر ، وإخراجها عن الأنعام ، فيفيد ذلك اتحاد حكمها في تحريم الأكل . قالوا ولو كان أكل الخيل جائزاً لكان ذكره ، والامتنان به أولى من ذكر الركوب ، لأنه أعظم فائدة منه ، وقد ذهب إلى هذا مالك ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما ، والأوزاعي ، ومجاهد وأبو عبيدة وغيرهم . وذهب الجمهور من الفقهاء والمحدّثين وغيرهم إلى حلّ لحوم الخيل . ولا حجة لأهل القول الأوّل في التعليل بقوله { لِتَرْكَبُوهَا } لأن ذكر ما هو الأغلب من منافعها لا ينافي غيره ، ولا نسلم أن الأكل أكثر فائدة من الركوب حتى يذكر ، ويكون ذكره أقدم من ذكر الركوب . وأيضاً لو كانت هذه الآية تدلّ على تحريم الخيل ، لدلت على تحريم الحمر الأهلية ، وحينئذٍ لا يكون ثم حاجة لتحديد التحريم لها عام خيبر ، وقد قدّمنا أن هذه السورة مكية . والحاصل أن الأدلة الصحيحة قد دلت على حلّ أكل لحوم الخيل . فلو سلمنا أن في هذه الآية متمسكاً للقائلين بالتحريم ، لكانت السنة المطهرة الثابتة رافعة لهذا الاحتمال ، ودافعة لهذا الاستدلال . وقد أوضحنا هذه المسألة في مؤلفاتنا بما لا يحتاج الناظر فيه إلى غيره . { وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي يخلق ما لا يحيط علمكم به من المخلوقات غير ما قد عدّده ها هنا . وقيل المراد من أنواع الحشرات والهوامّ في أسافل الأرض ، وفي البحر مما لم يره البشر ولم يسمعوا به . وقيل هو ما أعدّ الله لعباده في الجنة وفي النار مما لم تره عين ، ولم تسمع به أذن ، ولا خطر على قلب بشر . وقيل هو خلق السوس في النبات ، والدود في الفواكه وقيل عين تحت العرش وقيل نهر من النور . وقيل أرض بيضاء ، ولا وجه للاقتصار في تفسير هذه الآية على نوع من هذه الأنواع ، بل المراد أنه سبحانه يخلق ما لا يعلم به العباد ، فيشمل كل شيء لا يحيط علمهم به ، والتعبير هنا بلفظ المستقبل لاستحضار الصورة ، لأنه سبحانه قد خلق ما لا يعلم به العباد . { وَعَلَى ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ } القصد مصدر بمعنى الفاعل ، فالمعنى وعلى الله قاصد السبيل ، أي هداية قاصد الطريق المستقيم بموجب وعده المحتوم وتفضله الواسع وقيل هو على حذف مضاف ، والتقدير وعلى الله بيان قصد السبيل ، والسبيل الإسلام ، وبيانه بإرسال الرسل وإقامة الحجج والبراهين . والقصد في السبيل هو كونه موصلاً إلى المطلوب ، فالمعنى وعلى الله بيان الطريق الموصل إلى المطلوب { وَمِنْهَا جَائِرٌ } الضمير في { منها } راجع إلى السبيل بمعنى الطريق ، لأنها تذكر وتؤنث . وقيل راجع إليها بتقدير مضاف أي ومن جنس السبيل جائر مائل عن الحق عادل عنه ، فلا يهتدي به ، ومنه قول امرىء القيس @ ومن الطريقة جائر وهدى قصد السبيل ومنه ذو دخل @@ وقيل إن الطريق كناية عن صاحبها ، والمعنى ومنهم جائر عن سبيل الحق أي عادل عنه ، فلا يهتدي إليه ، قيل وهم أهل الأهواء المختلفة ، وقيل أهل الملل الكفرية ، وفي مصحف عبد الله " ومنكم جائر " ، وكذا قرأ عليّ ، { وَلَوْ شَآء لَهَدَاكُمْ أجمعين } أي ولو شاء أن يهديكم جميعاً إلى الطريق الصحيح ، والمنهج الحق لفعل ذلك ، ولكنه لم يشأ ، بل اقتضت مشيئته سبحانه إراءة الطريق ، والدلالة عليها { وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَـٰهُ ٱلنَّجْدَينِ } البلد 10 . وأما الإيصال إليها بالفعل ، فذلك يستلزم أن لا يوجد في العباد كافر ، ولا من يستحق النار من المسلمين ، وقد اقتضت المشيئة الربانية أنه يكون البعض مؤمناً ، والبعض كافراً كما نطق بذلك القرآن في غير موضع . وقد أخرج ابن مردويه عن ابن عباس ، قال لما نزل { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } ذعر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلت { فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } فسكنوا . وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عن أبي بكر بن حفص قال لما نزلت { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } قاموا ، فنزلت { فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } . وأخرج ابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } قال خروج محمد صلى الله عليه وسلم . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن ابن جريج قال « لما نزلت هذه الآية { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } قال رجال من المنافقين بعضهم لبعض إن هذا يزعم أن أمر الله أتى ، فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى تنظروا ما هو كائن ، فلما رأوا أنه لا ينزل شيء قالوا ما نراه نزل شيء ، فنزلت { ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حسابهم } الأنبياء 1 فقالوا إن هذا يزعم مثلها أيضاً ، فلما رأوا أنه لا ينزل شيء قالوا ما نراه نزل شيء ، فنزلت { وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ } هود 8 . الآية . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } قال الأحكام والحدود والفرائض . وأخرج هؤلاء عن ابن عباس في قوله { يُنَزّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ } قال بالوحي . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ في العظمة ، وابن مردويه ، والبيهقي عنه قال الروح أمر من أمر الله ، وخلق من خلق الله ، وصورهم على صورة بني آدم . وما ينزل من السماء ملك إلاّ ومعه واحد من الروح . ثم تلا { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ صَفّاً } النبأ 38 . وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن { يُنَزّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ } قال القرآن . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { لَكُمْ فِيهَا دِفْء } قال الثياب { وَمَنَـٰفِعُ } قال ما تنتفعون به من الأطعمة والأشربة . وأخرج عبد الرزاق ، والفريابي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه أيضاً ، قال نسل كل دابة . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله { وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ } يعني مكة { لَّمْ تَكُونُواْ بَـٰلِغِيهِ إِلاَّ بِشِقّ ٱلأَنفُسِ } قال لو تكلفتموه ، لم تطيقوه إلاّ بجهد شديد . وقد ورد في حلّ أكل لحوم الخيل أحاديث منها في الصحيحين وغيرهما ، من حديث أسماء ، قالت نحرنا فرساً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلناه . وأخرج أبو عبيد ، وابن أبي شيبة ، والترمذي وصححه ، والنسائي ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن جابر قال أطعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الخيل ، ونهانا عن لحوم الحمر الأهلية . وأخرج أبو داود نحوه من حديثه أيضاً . وهما على شرط مسلم . وثبت أيضاً في الصحيحين من حديث جابر ، قال " نهى رسول الله عن لحوم الحمر الأهلية ، وأذن في الخيل " وأما ما أخرجه أبو عبيد ، وأبو داود ، والنسائي من حديث خالد بن الوليد قال " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع ، وعن لحوم الخيل والبغال والحمير " ، ففي إسناده صالح بن يحيـى بن أبي المقدام ، وفيه مقال . ولو فرضنا أن الحديث صحيح ، لم يقو على معارضة أحاديث الحلّ ، على أنه يكون أن هذا الحديث المصرّح بالتحريم متقدّم على يوم خيبر ، فيكون منسوخاً . وأخرج الخطيب وابن عساكر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } قال « البراذين » . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن مما خلق الله أرضاً من لؤلؤة بيضاء " ثم ساق من أوصافها ما يدلّ على أن الحديث موضوع ، ثم قال في آخره « فذلك قوله { ويخلق ما لا تعلمون } » . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس { وَعَلَى ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ } يقول على الله أن يبين الهدى والضلالة . { وَمِنْهَا جَائِرٌ } قال السبل المتفرّقة . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { وَعَلَى ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ } قال على الله بيان حلاله ، وحرامه ، وطاعته ، ومعصيته { وَمِنْهَا جَائِرٌ } قال من السبل ناكب عن الحق . قال وفي قراءة ابن مسعود " ومنكم جائر " . وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن الأنباري في المصاحف عن عليّ أنه كان يقرأ هذه الآية " ومنكم جائر " .