Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 186-186)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي } يحتمل أن السؤال عن القرب والبعد كما يدل عليه قوله { فَإِنّي قَرِيبٌ } ويحتمل أن السؤال عن إجابة الدعاء ، كما يدل على ذلك قوله { أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ } ويحتمل أن السؤال عما هو أعمّ من ذلك ، وهذا هو الظاهر ، مع قطع النظر عن السبب الذي سيأتي بيانه . وقوله { فَإِنّي قَرِيبٌ } قيل بالإجابة . وقيل بالعلم . وقيل بالإنعام . وقيل في الكشاف إنه تمثيل لحاله في سهولة إجابته لمن دعاه ، وسرعة إنجاحه حاجة من سأله بمن قرب مكانه ، فإذا دعى أسرعت تلبيته . ومعنى الإجابة هو معنى ما في قوله تعالى { ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ } غافر 60 وقيل معناه أقبل عبادة من عبدني بالدعاء ، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من " أن الدعاء هو العبادة ، " كما أخرجه أبو داود ، وغيره من حديث النعمان بن بشير ، والظاهر أن الإجابة هنا هي باقية على معناها اللغوي وكون الدعاء من العبادة لا يستلزم أن الإجابة هي القبول للدّعاء أي جعله عبادة متقبلة ، فالإجابة أمر آخر غير قبول هذه العبادة . والمراد أنه سبحانه يجيب بما شاء ، وكيف شاء ، فقد يحصل المطلوب قريباً ، وقد يحصل بعيداً ، وقد يدفع عن الداعي من البلاء ما لا يعلمه بسبب دعائه ، وهذا مقيد بعدم اعتداء الداعي في دعائه ، كما في قوله سبحانه { ادعوا ربكم تضرّعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين } الأعراف 55 ومن الاعتداء أن يطلب ما لا يستحقه ، ولا يصلح له ، كمن يطلب منزلة في الجنة مساوية لمنزلة الأنبياء ، أو فوقها . وقوله { فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى } أي كما أجبتهم إذا دعوني ، فليستجيبوا لي فيما دعوتهم إليه من الإيمان والطاعات ، وقيل معناه أنهم يطلبون إجابة الله سبحانه لدعائهم باستجابتهم له أي القيام بما أمرهم به ، والترك لما نهاهم عنه . والرشد خلاف الغيّ ، رشد يرشد رَشَداً . ورُشداً . قال الهروي الرُّشد ، والرَّشَد ، والرشاد الهدى ، والاستقامة . قال ومنه هذه الآية . وقد أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه من طريق الصلب بن حكيم عن رجل من الأنصار عن أبيه عن جدّه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال يا رسول الله أقريب ربنا ، فنناجيه أم بعيد ، فنناديه ؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية . وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، عن الحسن قال سأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أين ربنا ؟ فأنزل الله هذه الآية . وأخرج ابن مردويه ، عن أنس أنه سأل أعرابيّ النبي صلى الله عليه وسلم أين ربنا ؟ فنزلت . وأخرج ابن عساكر في تاريخه ، عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تعجزوا عن الدعاء ، فإن الله أنزل عليَّ " { ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ } غافر 60 فقال رجل يا رسول الله ربنا يسمع الدعاء أم كيف ذلك ، فأنزل الله هذه الآية . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن عطاء أنه بلغه لما نزلت { ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ } قالوا لو نعلم أيّ ساعة ندعو ، فنزلت . وقد ثبت في الصحيح من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ، ولا قطيعة رحم ، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال إما أن يعجل له دعوته ، وإما أن يدّخر له في الآخرة ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها " وثبت في الصحيح أيضاً من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يستجاب لأحدكم ما لم يَعْجَل ، يقول دعوت ، فلم يستجب لي " وأخرج ابن أبي حاتم ، عن أنس في قوله { فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى } قال ليدعوني { وَلْيُؤْمِنُواْ بِى } أي أنهم إذا دعوني استجبت لهم . وأخرج ابن جرير ، عن مجاهد قال { فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى } أي فليطيعوني . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن الربيع بن أنس في قوله { لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } قال يهتدون .