Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 93-95)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { كُلُّ ٱلطَّعَامِ } أي المطعوم ، ولحل مصدر يستوي فيه المفرد والجمع المذكر والمؤنث وهو الحلال ، و { إسرائيل } هو يعقوب كما تقدم تحقيقه . ومعنى الآية أن كل المطعومات كانت حلالاً لبني يعقوب لم يحرم عليهم شيء منها إلا ما حرم إسرائيل على نفسه وسيأتي بيان ما هو الذي حرمه على نفسه ، وهذا الاستثناء متصل من اسم كان . وقوله { مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوْرَاةُ } متعلق بقوله { كَانَ حِـلاًّ } أي أن كل المطعومات كانت حلالاً { مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوْرَاةُ } أي كان ما عدا المستثنى حلالاً لهم { مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوْرَاةُ } مشتملة على تحريم ما حرمه عليهم لظلمهم ، وفيه ردّ على اليهود لما أنكروا ما قصه الله سبحانه على رسوله صلى الله عليه وسلم من أن سبب ما حرمه الله عليهم هو ظلمهم ، وبغيهم ، كما في قوله { فَبِظُلْمٍ مّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيّبَـٰتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } الآية النساء 160 . وقوله { وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِى ظُفُرٍ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا } الأنعام 146 إلى قوله { ذٰلِكَ جَزَيْنَـٰهُم بِبَغْيِهِمْ } الأنعام 146 وقالوا إنها محرّمة على من قبلهم من الأنبياء ، يريدون بذلك تكذيب ما قصّه الله على نبينا صلى الله عليه وسلم في كتابه العزيز ، ثم أمره الله سبحانه بأن يحاجهم بكتابهم ، ويجعل بينه وبينهم حكماً ما أنزله الله عليهم لا ما أنزله عليه فقال { قُلْ فَأْتُواْ بِٱلتَّوْرَاةِ فَٱتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } حتى تعلموا صدق ما قصّه الله في القرآن من أنه لم يحرّم على بني إسرائيل شيء من قبل نزول التوراة إلا ما حرّمه يعقوب على نفسه . وفي هذا من الإنصاف للخصوم ما لا يقادر قدره ، ولا يبلغ مداه ، ثم قال { فَمَنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ } أي من بعد إحضار التوراة ، وتلاوتها { فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } أي المفرطون في الظلم المتبالغون فيه ، فإنه لا أظلم ممن حوكم إلى كتابه ، وما يعتقده شرعاً صحيحاً ، ثم جادل من بعد ذلك مفترياً على الله الكذب ، ثم لما كان ما يفترونه من الكذب بعد قيام الحجة عليهم بكتابهم باطلاً مدفوعاً ، وكان ما قصّه الله سبحانه في القرآن ، وصدقته التوراة صحيحاً صادقاً ، وكان ثبوت هذا الصدق بالبرهان الذي لا يستطيع الخصم دفعه ، أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم بأن ينادي بصدق الله بعد أن سجل عليهم الكذب ، فقال { قُلْ صَدَقَ ٱللَّهُ فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرٰهِيمَ } أي ملة الإسلام التي أنا عليها ، وقد تقدم بيان معنى الحنيف ، وكأنه قال لهم إذا تبين لكم صدقي ، وصدق ما جئت به ، فادخلوا في ديني ، فإن من جملة ما أنزله الله عليّ { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإسْلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } آل عمران 85 . وقد أخرج الترمذي ، وحسنه ، عن ابن عباس « أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم فأخبرنا ما حرّم إسرائيل على نفسه ؟ قال " كان يسكن البدو ، فاشتكى عرق النساء ، فلم يجد شيئاً يلائمه إلا تحريم الإبل ، وألبانها ، فلذلك حرمها ، " قالوا صدقت وذكر الحديث . وأخرجه أيضاً أحمد ، والنسائي . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، عن ابن عباس في الآية قال العرق أجده عرق النساء ، فكان يبيت له زق يعني صياح ، فجعل لله عليه إن شفاه أن لا يأكل لحماً فيه عرق ، فحرمته اليهود . وأخرج البخاري في تاريخه ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس من قوله ما أخرجه الترمذي سابقاً عنه مرفوعاً . وأخرج ابن إسحاق ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم من طريق عكرمة ، عن ابن عباس أنه كان يقول الذي حرّم إسرائيل على نفسه ، زائدتا الكبد ، والكليتان ، والشحم إلا ما كان على الظهر . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عنه قال قالت اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم نزلت التوراة بتحريم الذي حرّم إسرائيل ، فقال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم { قُلْ فَأْتُواْ بِٱلتَّوْرَاةِ فَٱتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } وكذبوا ليس في التوراة .