Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 150-152)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما فرغ من ذكر المشركين والمنافقين ذكر الكفار من أهل الكتاب ، وهم اليهود والنصارى لأنهم كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فكان ذلك كالكفر بجميع الرسل ، والكتب المنزلة ، والكفر بذلك كفر بالله ، وينبغي حمل قوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } على أنه استلزم ذلك كفرهم ببعض الكتب والرسل ، لا أنهم كفروا بالله ورسله جميعاً ، فإن أهل الكتاب لم يكفروا بالله ولا بجميع رسله ، لكنهم لما كفروا بالبعض كان ذلك كفر بالله وبجميع الرسل . ومعنى { وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرّقُواْ بَيْنَ ٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } أنهم كفروا بالرسل بسبب كفرهم ببعضهم ، وآمنوا بالله ، فكان ذلك تفريقاً بين الله وبين رسله { وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ } هم اليهود آمنوا بموسى ، وكفروا بعيسى ومحمد ، وكذلك النصارى آمنوا بعيسى ، وكفروا بمحمد { وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } أي يتخذوا بين الإيمان والكفر ديناً متوسطاً بينهما ، فالإشارة بقوله { ذٰلِكَ } إلى قوله نؤمن ونكفر { أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْكَـٰفِرُونَ } أي الكاملون في الكفر . وقوله { حَقّاً } مصدر مؤكد لمضمون الجملة ، أي حق ذلك حقاً . أو هو صفه لمصدر الكافرين ، أي كفراً حقاً . قوله { وَلَمْ يُفَرّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مّنْهُمْ } بأن يقولوا نؤمن ببعض ونكفر ببعض ، ودخول { بين } على { أحد } لكونه عاماً في المفرد مذكراً ومؤنثاً ومثناهما وجمعهما . وقد تقدّم تحقيقه ، والإشارة بقوله { أُوْلَـٰئِكَ } إلى الذين آمنوا بالله ورسله ، ولم يفرّقوا بين أحد منهم . وقد أخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن قتادة في الآية ، قال { أُوْلَـٰئِكَ } أعداء الله اليهود ، والنصارى آمنت اليهود بالتوراة ، وموسى ، وكفروا بالإنجيل ، وعيسى ، وآمنت النصارى بالإنجيل وعيسى ، وكفروا بالقرآن ومحمد ، اتخذوا اليهودية والنصرانية وهما بدعتان ليستا من الله وتركوا الإسلام ، وهو دين الله الذي بعث به رسله . وأخرج ابن جرير ، عن السديّ ، وابن جريج نحوه .