Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 4-5)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا شروع في بيان ما أحله الله لهم ، بعد بيان ما حرمه الله عليهم ، وسيأتي ذكر سبب نزول الآية . قوله { مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ } أي شيء أحلّ لهم ، و أما الذي أحلّ لهم من المطاعم إجمالاً ومن الصيد ، ومن طعام أهل الكتاب ، ومن نسائهم ، قوله { قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيّبَـٰتُ } هي ما يستلذه آكله ويستطيبه مما أحله الله لعباده . وقيل هي الحلال ، وقد سبق الكلام في هذا . وقيل الطيبات الذبائح لأنها طابت بالتذكية ، وهو تخصيص للعام بغير مخصص ، والسبب والسياق لا يصلحان لذلك . قوله { وَمَا عَلَّمْتُمْ مّنَ ٱلْجَوَارِحِ } هو معطوف على الطيبات بتقدير مضاف لتصحيح المعنى أي أحلّ لكم الطيبات وأحلّ لكم صيد ما علمتم من الجوارح ، وقرأ ابن عباس ومحمد بن الحنفية « عُلِمتم » بضم العين وكسر اللام أي علمتم من أمر الجوارح والصيد بها . قال القرطبي وقد ذكر بعض من صنف في أحكام القرآن أن الآية تدل على أن الإباحة تناولت ما علمنا من الجوارح ، وهو يتضمن الكلب ، وسائر جوارح الطير ، وذلك بموجب إباحة سائر وجوه الانتفاع فدلّ على جواز بيع الكلب ، والجوارح ، والانتفاع بها بسائر وجوه المنافع ، إلا ما خصه الدليل وهو الأكل من الجوارح ، أي الكواسب من الكلاب وسباع الطير . قال أجمعت الأمة على أن الكلب إذا لم يكن أسود ، وعلمه مسلم ، ولم يأكل من صيده الذي صاده وأثر فيه بجرح ، أو تنييب ، وصاد به مسلم ، وذكر اسم الله عند إرساله أن صيده صحيح ، يؤكل بلا خلاف ، فإن انخرم شرط من هذه الشروط دخل الخلاف ، فإن كان الذي يصاد به غير كلب كالفهد وما أشبهه ، وكالبازي والصقر ونحوهما من الطير فجمهور الأمة على أن كل ما صاد بعد التعليم فهو جارح كاسب ، يقال جرح فلان واجترح إذا اكتسب ، ومنه الجارحة لأنه يكتسب بها ، ومنه اجتراح السيئات ، ومنه قوله تعالى { وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ } الأنعام 60 . وقوله { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيّئَـٰتِ } الجاثية 21 . قوله { مُكَلّبِينَ } حال ، والمكلب معلم الكلاب لكيفية الاصطياد ، والأخصّ معلم الكلاب وإن كان معلم سائر الجوارح مثله ، لأن الاصطياد بالكلاب هو الغالب ، ولم يكتف بقوله { وَمَا عَلَّمْتُمْ مّنَ ٱلْجَوَارِحِ } مع أن التكليب هو التعليم ، لقصد التأكيد لما لا بدّ منه من التعليم . وقيل إن السبع يسمى كلباً فيدخل كل سبع يصادّ به . وقيل إن هذه الآية خاصة بالكلاب . وقد حكى ابن المنذر عن ابن عمر أنه قال ما يصاد بالبزاة وغيرها من الطير فما أدركت ذكاته فهو لك حلال ، وإلا فلا تطعمه . قال ابن المنذر وسئل أبو جعفر عن البازي هل يحلّ صيده ؟ قال لا ، إلا أن تدرك ذكاته . وقال الضحاك والسدّي { وَمَا عَلَّمْتُمْ مّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلّبِينَ } هي الكلاب خاصة ، فإن كان الكلب الأسود بهيماً فكره صيده الحسن وقتادة والنخعي . وقال أحمد ما أعرف أحداً يرخص فيه إذا كان بهيماً ، وبه قال ابن راهويه . فأما عامة أهل العلم بالمدينة والكوفة فيرون جواز صيد كل كلب معلم ، واحتج من منع من صيد الكلب الأسود بقوله صلى الله عليه وسلم " الكلب الأسود شيطان " أخرجه مسلم وغيره والحق أنه يحلّ صيد كل ما يدخل تحت عموم الجوارح ، من غير فرق بين الكلب وغيره ، وبين الأسود من الكلاب وغيره ، وبين الطير وغيره ، ويؤيد هذا أن سبب نزول الآية سؤال عديّ بن حاتم عن صيد البازي كما سيأتي . قوله { تُعَلّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُ } الجملة في محل نصب على الحال أي مما علمكم الله ، مما أدركتموه بما خلقه فيكم من العقل الذي تهتدون به إلى تعليمها ، وتدريبها ، حتى تصير قابلة لإمساك الصيد عند إرسالكم لها . قوله { فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ } الفاء للتفريع ، والجملة متفرّعة على ما تقدّم من تحليل صيد ما علموه من الجوارح ، " ومن " في قوله { مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ } للتبعيض ، لأن بعض الصيد لا يؤكل كالجلد ، والعظم ، وما أكله الكلب ونحوه ، وفيه دليل على أنه لا بد أن يمسكه على صاحبه ، فإن أكل منه فإنما أمسكه على نفسه كما في الحديث الثابت في الصحيح . وقد ذهب الجمهور إلى أنه لا يحلّ أكل الصيد الذي يقصده الجارح من تلقاء نفسه من غير إرسال . وقال عطاء بن أبي رباح والأوزاعي وهو مرويّ عن سلمان الفارسي ، وسعد بن أبي وقاص ، وأبي هريرة وعبد الله بن عمر ، وروي عن عليّ ، وابن عباس والحسن البصري ، والزهري وربيعة ، ومالك ، والشافعي في القديم ، أنه يؤكل صيده ، ويردّ عليهم قوله تعالى { مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ } ، وقوله صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم " إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل ما أمسك عليك " وهو في الصحيحين وغيرهما ، وفي لفظ لهما " فإن أكل فلا تأكل ، فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه " وأما ما أخرجه أبو داود ، بإسناد جيد ، من حديث أبي ثعلبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل وإن أكل منه " وقد أخرجه أيضاً بإسناد جيد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه ، وأخرجه أيضاً النسائي ، فقد جمع بعض الشافعية بين هذه الأحاديث بأنه إن أكل عقب ما أمسكه فإنه يحرم لحديث عديّ بن حاتم ، وإن أمسكه ثم انتظر صاحبه فطال عليه الانتظار ، وجاع فأكل من الصيد لجوعه ، لا لكونه أمسكه على نفسه ، فإنه لا يؤثر ذلك ، ولا يحرم به الصيد ، وحملوا على ذلك حديث أبي ثعلبة الخشني ، وحديث عمرو بن شعيب ، وهذا جمع حسن . وقال آخرون إنه إذا أكل الكلب منه حرم لحديث عديّ ، وإن أكل غيره لم يحرم للحديثين الآخرين وقيل يحمل حديث أبي ثعلبة على ما إذا أمسكه وخلاه ، ثم عاد فأكل منه ، وقد سلك كثير من أهل العلم طريق الترجيح ، ولم يسلكوا طريق الجمع لما فيها من البعد ، قالوا وحديث عديّ بن حاتم أرجح لكونه في الصحيحين . وقد قررت هذا المسلك في شرحي للمنتقى بما يزيد الناظر فيه بصيرة . قوله { وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } الضمير في { عَلَيْهِ } يعود إلى { مَا عَلِمْتُمُ } أي سموا عليه عند إرساله ، أو لما أمسكن عليكم ، أي سموا عليه إذا أردتم ذكاته . وقد ذهب الجمهور إلى وجوب التسمية عند إرسال الجارح ، واستدلوا بهذه الآية . ويؤيده حديث عدي بن حاتم الثابت في الصحيحين ، وغيرهما بلفظ " إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله ، وإذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله " وقال بعض أهل العلم إن المراد التسمية عند الأكل . قال القرطبي وهو الأظهر ، واستدلوا بالأحاديث التي فيها الإرشاد إلى التسمية وهذا خطأ ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد وقت التسمية بإرسال الكلب وإرسال السهم ، ومشروعية التسمية عند الأكل حكم آخر . ومسألة غير هذه المسألة ، فلا وجه لحمل ما ورد في الكتاب والسنة هنا على ما ورد في التسمية عند الأكل ، ولا ملجىء إلى ذلك ، وفي لفظ في الصحيحين من حديث عديّ " إن أرسلت كلبك وسميت فأخذ فكل " وقد ذهب جماعة إلى أن التسمية شرط ، وذهب آخرون إلى أنها سنة فقط ، وذهب جماعة إلى أنها شرط على الذاكر لا الناسي ، وهذا أقوى الأقوال وأرجحها . قوله { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } أي حسابه سبحانه ، سريع إتيانه ، وكل آت قريب . قوله { ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيّبَـٰتُ } هذه الجملة مؤكدة للجملة الأولى ، وهي قوله { أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيّبَـٰتُ } وقد تقدّم بيان الطيبات . قوله { وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ حِلٌّ لَّكُمْ } الطعام اسم لما يؤكل ، ومنه الذبائح ، وذهب أكثر أهل العلم إلى تخصيصه هنا بالذبائح . وفي هذه الآية دليل على أن جميع طعام أهل الكتب من غير فرق بين اللحم وغيره حلال للمسلمين وإن كانوا لا يذكرون على ذبائحهم اسم الله ، وتكون هذه الآية مخصصة لعموم قوله { وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } الأنعام 121 . وظاهر هذا أن ذبائح أهل الكتاب حلال ، وإن ذكر اليهوديّ على ذبيحته اسم عزير ، وذكر النصرانيّ على ذبيحته اسم المسيح . وإليه ذهب أبو الدرداء وعبادة بن الصامت ، وابن عباس والزهري وربيعة ، والشعبي ومكحول . وقال عليّ وعائشة وابن عمر إذا سمعت الكتابيّ يسمى غير الله فلا تأكل ، وهو قول طاوس والحسن ، وتمسكوا بقوله تعالى { وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } الأنعام 121 ويدل عليه أيضاً قوله { وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ } النحل 115 وقال مالك إنه يكره ولا يحرم . فهذا الخلاف إذا علمنا أن أهل الكتاب ذكروا على ذبائحهم اسم غير الله ، وأما مع عدم العلم فقد حكى الكيا الطبري وابن كثير الإجماع على حلها لهذه الآية ، ولما ورد في السنة من أكله صلى الله عليه وسلم من الشاة المصلية التي أهدتها إليه اليهودية وهو في الصحيح ، وكذا الجراب الشحم الذي أخذه بعض الصحابة من خيبر ، وعلم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو في الصحيح ، أيضاً وغير ذلك . والمراد بأهل الكتاب هنا اليهود والنصارى . وأما المجوس ، فذهب الجمهور إلى أنها لا تؤكل ذبائحهم ، ولا تنكح نساؤهم لأنهم ليسوا بأهل كتاب على المشهور عند أهل العلم ، وخالف في ذلك أبو ثور ، وأنكر عليه الفقهاء ذلك ، حتى قال أحمد بن حنبل أبو ثور كاسمه ، يعني في هذه المسألة ، وكأنه تمسك بما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً أنه قال في المجوس " سنوا بهم سنة أهل الكتاب " ، ولم يثبت بهذا اللفظ ، وعلى فرض أن له أصلاً ففيه زيادة تدفع ما قاله ، وهي قوله " غير آكلي ذبائحهم ، ولا ناكحي نسائهم " وقد رواه بهذه الزيادة جماعة ممن لا خبرة له بفنّ الحديث من المفسرين والفقهاء ، ولم يثبت الأصل ولا الزيادة ، بل الذي ثبت في الصحيح أن النبي أخذ الجزية من مجوس هجر ، وأما بنو تغلب فكان عليّ بن أبي طالب ينهى عن ذبائحهم لأنهم عرب ، وكان يقول إنهم لم يتمسكوا بشيء من النصرانية إلا بشرب الخمر ، وهكذا سائر العرب المتنصرة كتنوخ وجذام ، ولخم ، وعاملة ، ومن أشبههم . قال ابن كثير وهو قول غير واحد من السلف والخلف . وروي عن سعيد بن المسيب والحسن البصري إنهما كانا لا يريان بأساً بذبيحة نصارى بني تغلب . وقال القرطبي وقال جمهور الأمة إن ذبيحة كل نصراني حلال ، سواء كان من بني تغلب ، أو من غيرهم ، وكذلك اليهودي . قال ولا خلاف بين العلماء أن ما لا يحتاج إلى ذكاة كالطعام يجوز أكله . قوله { وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ } أي وطعام المسلمين حلال لأهل الكتاب ، وفيه دليل على أنه يجوز للمسلمين أن يطعموا أهل الكتاب من ذبائحهم ، وهذا من باب المكافأة والمجازاة وإخبار المسلمين بأن ما يأخذونه منهم من أعراض الطعام حلال لهم ، بطريق الدلالة الالتزامية . قوله { وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ } اختلف في تفسير المحصنات هنا ، فقيل العفائف ، وقيل الحرائر . وقرأ الشعبي بكسر الصاد ، وبه قرأ الكسائي . وقد تقدّم الكلام في هذا مستوفي في البقرة والنساء . والمحصنات مبتدأ ، ومن المؤمنات وصف له ، والخبر محذوف ، أي حلّ لكم ، وذكرهنّ هنا توطئة وتمهيداً لقوله { وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ } والمراد بهنّ الحرائر دون الإماء ، هكذا قال الجمهور ، وحكى ابن جرير عن طائفة من السلف أن هذه الآية تعمّ كل كتابية حرةّ أو أمة . وقيل المراد بأهل الكتاب هنا الإسرائيليات ، وبه قال الشافعي ، وهو تخصيص بغير مخصص . وقال عبد الله بن عمر لا تحلّ النصرانية ، قال ولا أعلم شركاً أكبر من أن تقول ربها عيسى ، وقد قال الله { وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَـٰتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ } الآية البقرة 221 ، ويجاب عنه بأن هذه الآية مخصصة للكتابيات من عموم المشركات فيبنى العام على الخاص . وقد استدل من حرّم نكاح الإماء الكتابيات بهذه الآية لأنه حملها على الحرائر ، وبقوله تعالى { فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُم مّن فَتَيَـٰتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ } النساء 25 وقد ذهب إلى هذا كثير من أهل العلم وخالفهم من قال إن الآية تعم أو تخصّ العفائف كما تقدّم . والحاصل أنه يدخل تحت هذه الآية الحرّة العفيفة من الكتابيات على جميع الأقوال ، إلا على قول ابن عمر في النصرانية ، ويدخل تحتها الحرّة التي ليست بعفيفة ، والأمة العفيفة ، على قول من يقول إنه يجوز استعمال المشرك في كلا معنييه ، وأما من لم يجوز ذلك فإن حمل المحصنات هنا على الحرائر لم يقل بجواز نكاح الأمة ، عفيفة كانت أو غير عفيفة ، إلا بدليل آخر ، ويقول بجواز نكاح الحرّة عفيفة كانت أو غير عفيفة ، وإن حمل المحصنات هنا على العفائف قال بجواز نكاح الحرة العفيفة ، والأمة العفيفة ، دون غير العفيفة منهما . قوله { إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنّ } أي مهورهنّ ، وجواب { إذا } محذوف أي فهنّ حلال ، أو هي ظرف لخبر المحصنات المقدر أي حلّ لكم . قوله { مُّحْصِنِينَ } منصوب على الحال ، أي حال كونكم أعفاء بالنكاح ، وكذا قوله { غَيْرَ مُسَـٰفِحِينَ } منصوب على الحال من الضمير في محصنين ، أو صفة لمحصنين ، والمعنى غير مجاهرين بالزنا . قوله { وَلاَ مُتَّخِذِى أَخْدَانٍ } معطوف على { غَيْرَ مُسَـٰفِحِينَ } أو على { مُسَـٰفِحِينَ } . " وَلاَ " مزيدة للتأكيد ، والخدن يقع على الذكر والأنثى ، أي لم يتخذوا معشوقات ، فقد شرط الله في الرجال العفة ، وعدم المجاهرة بالزنا ، وعدم اتخاذ أخدان ، كما شرط في النساء أن يكنّ محصنات { وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإيمَـٰنِ } أي بشرائع الإسلام { فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ } أي بطل ، { وَهُوَ فِى ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } وقرأ ابن السميفع « فقد حبط » بفتح الباء ا هـ . وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني ، والحاكم وصححه والبيهقي في سننه ، عن أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بقتل الكلاب في الناس ، فقالوا يا رسول الله ، ماذا يحلّ لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها ؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ } الآية . وأخرج ابن جرير عن عكرمة نحوه . وأخرج أيضاً عن محمد بن كعب القرظي نحوه . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير ، أن عدّي بن حاتم وزيد بن المهلهل الطائيين ، سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالا يا رسول الله ، إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة فنزلت . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الشعبي أن عدّي بن حاتم الطائيّ أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله ، فذكر نحوه . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله { وَمَا عَلَّمْتُمْ مّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلّبِينَ } قال هي الكلاب المعلمة ، والبازي والجوارح يعني الكلاب والفهود والصقور وأشباهها . وأخرج ابن جرير عنه قال آية المعلم أن يمسك صيده فلا يأكل منه حتى يأتي صاحبه . وأخرج عنه أيضاً قال إذا أكل الكلب فلا تأكل ، فإنما أمسك على نفسه . وأخرج عبد بن حميد عنه نحوه ، وإذا أكل الصقر فلا تأكل لأن الكلب تستطيع أن تضر به والصقر لا تستطيع . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والبيهقي في سننه عنه في قوله { وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ } قال ذبائحهم ، وفي قوله { وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ } قال حلّ لكم { إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنّ } يعني مهورهنّ { مُّحْصِنِينَ } يعني تنكحونهنّ بالمهر والبينة { غَيْرَ مُسَـٰفِحِينَ } غير متغالين بالزنا { وَلاَ مُتَّخِذِى أَخْدَانٍ } يعني يسرّون بالزنا . وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة في قوله { وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُم } قال أحلّ الله لنا محصنتين محصنة مؤمنة ومحصنة من أهل الكتاب ، نساؤنا عليهم حرام ، ونساؤهم لنا حلال . وأخرج ابن جرير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا " وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن عمر بن الخطاب قال المسلم يتزوّج النصرانية ولا يتزوج النصرانيّ المسلمة . وأخرج الطبراني ، والحاكم وصححه عن ابن عباس قال إنما أحلت ذبائح اليهود والنصارى من أجل أنهم آمنوا بالتوراة والإنجيل . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله { وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ } قال الحرائر . وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال العفائف .