Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 1-23)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { وَٱلذرِيَـٰتِ ذَرْواً } يقال ذرت الريح التراب تذروه ذرواً ، وأذرته تذريه ذرياً ، أقسم سبحانه بالرّياح التي تذري التراب ، وانتصاب { ذرواً } على المصدرية ، والعامل فيها اسم الفاعل ، والمفعول محذوف . قرأ أبو عمرو ، وحمزة بإدغام تاء الذاريات في ذال ذرواً . وقرأ الباقون بدون إدغام . وقيل المقسم به مقدّر وهو ربّ الذاريات وما بعدها ، والأوّل أولى { فَٱلْحَـٰمِلَـٰتِ وِقْراً } هي السحاب تحمل الماء ، كما تحمل ذوات الأربع الوقر ، وانتصاب { وقراً } على أنه مفعول به ، كما يقال حمل فلان عدلاً ثقيلاً . قرأ الجمهور { وقراً } بكسر الواو اسم ما يوقر أي يحمل ، وقرىء بفتحها على أنه مصدر ، والعامل فيه اسم الفاعل ، أو على تسمية المحمول بالمصدر مبالغة { فَٱلْجَـٰرِيَـٰتِ يُسْراً } هي السفن الجارية في البحر بالرّياح جرياً سهلاً ، وانتصاب { يسراً } على المصدرية ، أو صفة لمصدر محذوف ، أو على الحال ، أي جرياً ذا يسر ، وقيل هي الرّياح ، وقيل السحاب ، والأوّل أولى . واليسر السهل في كل شيء { فَٱلْمُقَسّمَـٰتِ أَمْراً } هي الملائكة التي تقسم الأمور . قال الفرّاء تأتي بأمر مختلف جبريل بالغلظة ، وميكائيل صاحب الرحمة ، وملك الموت يأتي بالموت ، وقيل تأتي بأمر مختلف من الجدب ، والخصب ، والمطر ، والموت ، والحوادث . وقيل هي السحب التي يقسم الله بها أمر العباد ، وقيل إن المراد بالذاريات والحاملات والجاريات والمقسمات الرياح ، فإنها توصف بجميع ذلك لأنها تذرو التراب ، وتحمل السحاب ، وتجري في الهواء ، وتقسم الأمطار ، وهو ضعيف جدًّا . وانتصاب { أمراً } على المفعول به ، وقيل على الحال ، أي مأمورة ، والأوّل أولى { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَـٰدِقٌ } هذا جواب القسم ، أي إنما توعدون من الثواب والعقاب ، لكائن لا محالة . و " مَا " يجوز أن تكون موصولة والعائد محذوف ، وأن تكون مصدرية . ووجه تخصيص هذه الأمور بالإقسام بها كونها أموراً بديعة مخالفة لمقتضى العادة ، فمن قدر عليها ، فهو قادر على البعث الموعود به . { وَٱلسَّمَاء ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } قرأ الجمهور { الحبك } بضم الحاء والباء ، وقرىء بضم الحاء وسكون الباء ، وبكسر الحاء وفتح الباء ، وبكسر الحاء وضم الباء . قال ابن عطية هي لغات ، والمراد بالسماء هنا هي المعروفة ، وقيل المراد بها السحاب ، والأوّل أولى . واختلف المفسرون في تفسير الحبك فقال مجاهد ، وقتادة ، والربيع ، وغيرهم المعنى ذات الخلق المستوي الحسن . قال ابن الأعرابي كل شيء أحكمته وأحسنت عمله ، فقد حبكته واحتبكته . وقال الحسن ، وسعيد بن جبير ذات الزينة . وروي عن الحسن أيضاً أنه قال ذات النجوم . وقال الضحاك ذات الطرائق ، وبه قال الفرّاء ، يقال لما تراه من الماء والرّمل إذا أصابته الريح حبك . قال الفراء الحبك بكسر كل شيء كالرمل إذا مرّت به الريح الساكنة ، والماء إذا مرّت به الرّيح ، ويقال لدرع الحديد حبك ، ومنه قول الشاعر @ كأنما جللها الحواك طنفسة في وشيها حباك @@ أي طرق ، وقيل الحبك الشدّة ، والمعنى والسماء ذات الشدّة ، والمحبوك الشديد الخلق من فرس أو غيره ، ومنه قول الشاعر @ قد غدا يحملني في أنفه لاحق الأطلين محبوك ممرّ @@ وقول الآخر @ مرج الدين فأعددت له مشرف الحارك محبوك الكتد @@ قال الواحدي بعد حكاية القول الأوّل هذا قول الأكثرين { إِنَّكُمْ لَفِى قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } هذا جواب القسم بالسماء ذات الحبك أي إنكم يا أهل مكة لفي قول مختلف متناقض في محمد صلى الله عليه وسلم . بعضكم يقول إنه شاعر . وبعضكم يقول إنه ساحر ، وبعضكم يقول إنه مجنون . ووجه تخصيص القسم بالسماء المتصفة بتلك الصفة تشبيه أقوالهم في اختلافها باختلاف طرائق السماء ، واستعمال الحبك في الطرائق هو الذي عليه أهل اللغة ، وإن كان الأكثر من المفسرين على خلافه . على أنه يمكن أن ترجع تلك الأقوال في تفسير الحبك إلى هذا ، وذلك بأن يقال إن ما في السماء من الطرائق يصح أن يكون سبباً لمزيد حسنها ، واستواء خلقها ، وحصول الزينة فيها ، ومزيد القوّة لها . وقيل إن المراد بكونهم في قول مختلف أن بعضهم ينفي الحشر ، وبعضهم يشكّ فيه ، وقيل كونهم يقرّون أن الله خالقهم ، ويعبدون الأصنام { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } أي يصرف عن الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به ، أو عن الحقّ ، وهو البعث والتوحيد من صرف . وقيل يصرف عن ذلك الاختلاف من صرفه الله عنه بالعصمة والتوفيق ، يقال أفكه يأفكه إفكاً أي قلبه عن الشيء وصرفه عنه ، ومنه قوله تعالى { قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا } الأحقاف 22 وقال مجاهد يؤفن عنه من أفن ، والأفن فساد العقل ، وقيل يحرمه من حرم . وقال قطرب يجدع عنه من جدع . وقال اليزيدي يدفع عنه من دفع . { قُتِلَ الخراصون } هذا دعاء عليهم . وحكى الواحدي عن المفسرين جميعاً أن المعنى لعن الكذابون . قال ابن الأنباري والقتل إذا أخبر به عن الله كان بمعنى اللعن لأن من لعنه الله فهو بمنزلة المقتول الهالك . قال الفرّاء معنى { قتل } لعن . والخرّاصون الكذابون الذين يتخرّصون فيما لا يعلمون ، فيقولون إن محمداً مجنون كذاب شاعر ساحر . قال الزجاج الخرّاصون هم الكذابون ، والخرص حزر ما على النخل من الرّطب تمراً ، والخرّاص الذي يخرصها ، وليس هو المراد هنا ، ثم قال { ٱلَّذِينَ هُمْ فِى غَمْرَةٍ سَـٰهُونَ } أي في غفلة وعمى جهالة عن أمور الآخرة ، ومعنى ساهون لاهون غافلون ، والسهو الغفلة عن الشيء وذهابه عن القلب ، وأصل الغمرة ما ستر الشيء وغطاه ، ومنها غمرات الموت { يَسْـئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدّينِ } أي يقولون متى يوم الجزاء تكذيباً منهم واستهزاءً ، ثم أخبر سبحانه عن ذلك اليوم ، فقال { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } أي يحرقون ويعذبون ، يقال فتنت الذهب إذا أحرقته لتختبره ، وأصل الفتنة الاختبار . قال عكرمة ألم تر أن الذهب إذا أدخل النار قيل فتن . وانتصاب { يوم } بمضمر ، أي الجزاء يوم هم على النار ، ويجوز أن يكون بدلاً من { يوم الدين } ، والفتح للبناء لكونه مضافاً إلى الجملة ، وقيل هو منصوب بتقدير أعني . وقرأ ابن أبي عبلة برفع { يوم } على البدل من يوم الدين ، وجملة { ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ } هي بتقدير القول ، أي يقال لهم ذوقوا عذابكم ، قاله ابن زيد . وقال مجاهد حريقكم ، ورجح الأوّل الفرّاء ، وجملة { هَـٰذَا ٱلَّذِى كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } من جملة ما هو محكيّ بالقول ، أي هذا ما كنتم تطلبون تعجيله استهزاءً منكم ، وقيل هي بدل من فتنتكم . { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ } لما ذكر سبحانه حال أهل النار ذكر حال أهل الجنة ، أي هم في بستانين فيها عيون جارية لا يبلغ وصفها الواصفون { ءاخِذِينَ مَا ءاتَـٰهُمْ رَبُّهُمْ } أي قابلين ما أعطاهم ربهم من الخير والكرامة . وجملة { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ } تعليل لما قبلها ، أي لأنهم كانوا في الدنيا محسنين في أعمالهم الصالحة من فعل ما أمروا به ، وترك ما نهوا عنه . ثم بين إحسانهم الذي وصفهم به ، فقال { كَانُواْ قَلِيلاً مّن ٱلَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } الهجوع النوم بالليل دون النهار ، والمعنى كانوا قليلاً ما ينامون من الليل ، و " ما " زائدة ، ويجوز أن تكون مصدرية ، أو موصولة أي كانوا قليلاً من الليل هجوعهم ، أو ما يهجعون فيه ، ومن ذلك قول أبي قيس بن الأسلت @ قد حصت البيضة رأسي فما أطعم نوماً غير تهجاع @@ والتهجاع القليل من النوم ، ومن ذلك قول عمرو بن معدي كرب . @ أمن ريحانة الداعي السميع يهيجني وأصحابي هجوع @@ وقيل " ما " نافية ، أي ما كانوا ينامون قليلاً من الليل ، فكيف بالكثير منه ، وهذا ضعيف جدًّا . وهذا قول من قال إن المعنى كان عددهم قليلاً . ثم ابتدأ فقال { مَا يَهْجَعُونَ } وبه قال ابن الأنباري ، وهو أضعف مما قبله . وقال قتادة في تفسير هذه الآية كانوا يصلون بين العشاءين ، وبه قال أبو العالية ، وابن وهب . { وَبِٱلأسْحَـٰرِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } أي يطلبون في أوقات السحر من الله سبحانه أن يغفر ذنوبهم . قال الحسن مدّوا الصلاة إلى الأسحار . ثم أخذوا بالأسحار الاستغفار . وقال الكلبي ، ومقاتل ، ومجاهد هم بالأسحار يصلون ، وذلك أن صلاتهم طلب منهم للمغفرة . وقال الضحاك هي صلاة الفجر . ثم ذكر سبحانه صدقاتهم فقال { وفي أَمْوٰلِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّائِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } أي يجعلون في أموالهم على أنفسهم حقاً للسائل والمحروم تقرّباً إلى الله عزّ وجلّ . وقال محمد بن سيرين ، وقتادة الحق هنا الزكاة المفروضة ، والأوّل أولى ، فيحمل على صدقة النفل ، وصلة الرحم ، وقري الضيف لأن السورة مكية ، والزكاة لم تفرض إلاّ بالمدينة ، وسيأتي في سورة { سأل سائل } { والذين فِى أَمْوٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لَّلسَّائِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } المعارج 24 ، 25 بزيادة معلوم ، والسائل هو الذي يسأل الناس لفاقته . واختلف في تفسير المحروم ، فقيل هو الذي يتعفف عن السؤال حتى يحسبه الناس غنياً ، فلا يتصدّقون عليه ، وبه قال قتادة ، والزهري . وقال الحسن ، ومحمد ابن الحنفية هو الذي لا سهم له في الغنيمة ، ولا يجري عليه من الفيء شيء . وقال زيد بن أسلم هو الذي أصيب ثمره ، أو زرعه ، أو ماشيته . قال القرطبي هو الذي أصابته الجائحة . وقيل الذي لا يكتسب . وقيل هو الذي لا يجد غنى يغنيه ، وقيل هو الذي يطلب الدنيا وتدبر عنه . وقيل هو المملوك . وقيل الكلب . وقيل غير ذلك . قال الشعبي لي اليوم سبعون سنة منذ احتلمت أسأل عن المحروم ، فما أنا اليوم بأعلم مني فيه يومئذ ، والذي ينبغي التعويل عليه ما يدلّ عليه المعنى اللغوي ، والمحروم في اللغة الممنوع ، من الحرمان وهو المنع ، فيدخل تحته من حرم الرزق من الأصل ، ومن أصيب ماله بجائحة أذهبته ، ومن حرم العطاء ، ومن حرم الصدقة لتعففه . ثم ذكر سبحانه ما نصبه من الدلائل الدالة على توحيده ، وصدق وعده ووعيده ، فقال { وَفِى ٱلأرْضِ ءايَـٰتٌ لّلْمُوقِنِينَ } أي دلائل واضحة ، وعلامات ظاهرة من الجبال والبرّ والبحر والأشجار والأنهار والثمار ، وفيها آثار الهلاك للأمم الكافرة المكذّبة لما جاءت به رسل الله ودعتهم إليه ، وخص الموقنين بالله لأنهم الذين يعترفون بذلك ويتدبرون فيه ، فينتفعون به { وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } أي وفي أنفسكم آيات تدلّ على توحيد الله وصدق ما جاءت به الرّسل ، فإنه خلقهم نطفة ثم علقة ، ثم مضغة ثم عظماً ، إلى أن ينفخ فيه الروح . ثم تختلف بعد ذلك صورهم ، وألوانهم ، وطبائعهم ، وألسنتهم ، ثم نفس خلقهم على هذه الصفة العجيبة الشأن من لحم ودم ، وعظم وأعضاء ، وحواسّ ومجاري ومنافس . ومعنى { أَفلاَ تُبْصِرُونَ } أفلا تنظرون بعين البصيرة ، فتستدلون بذلك على الخالق الرّازق المتفرّد بالألوهية ، وأنه لا شريك له ولا ضدّ ولا ندّ ، وأن وعده الحقّ ، وقوله الحقّ ، وأن ما جاءت إليكم به رسله هو الحقّ الذي لا شك فيه ، ولا شبهة تعتريه . وقيل المراد بالأنفس الأرواح ، أي وفي نفوسكم التي بها حياتكم آيات { وَفِى ٱلسَّمَاء رِزْقُكُمْ } أي سبب رزقكم ، وهو المطر ، فإنه سبب الأرزاق . قال سعيد بن جبير ، والضحاك الرزق هنا ما ينزل من السماء من مطر وثلج . وقيل المراد بالسماء السحاب ، أي وفي السحاب رزقكم ، وقيل المراد بالسماء المطر ، وسماه سماء لأنه ينزل من جهتها ، ومنه قول الشاعر @ إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا @@ وقال ابن كيسان يعني وعلى رب السماء رزقكم ، قال ونظيره { وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي ٱلأرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا } هود 6 وهو بعيد . وقال سفيان الثوري أي عند الله في السماء رزقكم . وقيل المعنى وفي السماء تقدير رزقكم . قرأ الجمهور { رزقكم } بالإفراد ، وقرأ يعقوب ، وابن محيصن ، ومجاهد أرزاقكم بالجمع { وَمَا تُوعَدُونَ } من الجنة والنار ، قاله مجاهد . قال عطاء من الثواب والعقاب ، وقال الكلبي من الخير والشرّ ، قال ابن سيرين ما توعدون من أمر الساعة ، وبه قال الربيع . والأولى الحمل على ما هو أعمّ من هذه الأقوال ، فإن جزاء الأعمال مكتوب في السماء ، والقضاء والقدر ينزل منها ، والجنة والنار فيها . ثم أقسم سبحانه بنفسه ، فقال { فَوَرَبّ ٱلسَّمَاء وَٱلأرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ } أي ما أخبركم به في هذه الآيات . قال الزجاج هو ما ذكر من أمر الرزق والآيات . قال الكلبي يعني ما قصّ في الكتاب . وقال مقاتل يعني من أمر الساعة . وقيل إن " مَا " في قوله { وَمَا تُوعَدُونَ } مبتدأ ، وخبره { فَوَرَبّ ٱلسَّمَاء وَٱلأرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ } ، فيكون الضمير لما . ثم قال سبحانه { مّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ } قرأ الجمهور بنصب { مثل } على تقدير كمثل نطقكم و " ما " زائدة ، كذا قال بعض الكوفيون إنه منصوب بنزع الخافض . وقال الزجاج ، والفراء يجوز أن ينتصب على التوكيد ، أي لحق حقاً مثل نطقكم . وقال المازني إن « مثل » مع « ما » بمنزلة شيء واحد فبني على الفتح . وقال سيبويه هو مبنيّ لإضافته إلى غير متمكن ، واختار هذه القراءة أبو عبيد ، وأبو حاتم . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر ، والأعمش مثل بالرفع على أنه صفة لحقّ لأن مثل نكرة وإن أضيفت ، فهي لا تتعرّف بالإضافة كغير . ورجح قول المازني أبو عليّ الفارسي قال ومثله قول حميد @ وويحاً لمن لم يدر ما هنّ ويحما @@ فبني ويح مع ما ولم يلحقه التنوين ، ومعنى الآية تشبيه تحقيق ما أخبر الله عنه بتحقيق نطق الآدمي ووجوده ، وهذا كما تقول إنه لحق كما أنك ها هنا ، وإنه لحق كما أنك تتكلم ، والمعنى أنه في صدقه ووجوده كالذي تعرفه ضرورة . وقد أخرج عبد الرزاق ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن الأنباري ، والدارقطني في الأفراد ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في الشعب من طرق عن علي بن أبي طالب في قوله { وَٱلذرِيَـٰتِ ذَرْواً } قال الرياح { فَٱلْحَـٰمِلَـٰتِ وِقْراً } قال السحاب { فَٱلْجَـٰرِيَـٰتِ يُسْراً } قال السفن { فَٱلْمُقَسّمَـٰتِ أَمْراً } قال الملائكة . وأخرج البزار ، والدارقطني في الإفراد ، وابن مردويه ، وابن عساكر عن عمر بن الخطاب مثله ، ورفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي إسناده أبو بكر بن سبرة ، وهو لين الحديث ، وسعيد بن سلام ، وليس من أصحاب الحديث ، كذا قال البزار . قال ابن كثير فهذا الحديث ضعيف رفعه ، وأقرب ما فيه أنه موقوف على عمر . وأخرج الفريابي ، وابن مردويه عن ابن عباس مثل قول عليّ . وأخرج الفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس { وَٱلسَّمَاء ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } قال حسنها واستواؤها . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ في العظمة عنه في الآية قال ذات البهاء والجمال ، وإن بنيانها كالبرد المسلسل . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه قال ذات الخلق الحسن . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن ابن عمر مثله . وأخرج ابن منيع عن عليّ قال هي السماء السابعة . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } قال يضلّ عنه من ضلّ . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه أيضاً { قُتِلَ ٱلْخَرصُونَ } قال لعن المرتابون . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عنه أيضاً قال هم الكهنة { ٱلَّذِينَ هُمْ فِى غَمْرَةٍ سَـٰهُونَ } قال في غفلة لاهون . وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال الغمرة الكفر والشك . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه قال في ضلالتهم يتمادون ، وفي قوله { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } قال يعذبون . وأخرج هؤلاء عنه أيضاً في قوله { ءاخِذِينَ مَا ءاتَـٰهُمْ رَبُّهُمْ } قال الفرائض { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ } قال قبل أن تنزل الفرائض يعملون . وأخرج هؤلاء أيضاً ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الأسماء والصفات عنه أيضاً { كَانُواْ قَلِيلاً مّن ٱلَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } قال ما تأتي عليهم ليلة ينامون حتى يصبحوا إلاّ يصلون فيها . وأخرج ابن نصر ، وابن جرير ، وابن المنذر عنه أيضاً في الآية يقول قليلاً ما كانوا ينامون . وأخرج أبو داود ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه عن أنس في الآية قال كانوا يصلون بين المغرب والعشاء . وأخرج عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن ابن عمر { وَبِٱلأسْحَـٰرِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } قال يصلون . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس { فِى أَمْوٰلِهِمْ حَقٌّ } قال سوى الزكاة يصل بها رحماً ، أو يقري بها ضيفاً ، أو يعين بها محروماً . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه قال السائل الذي يسأل الناس ، والمحروم الذي ليس له سهم من فيء المسلمين . وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال المحروم هو المحارف الذي يطلب الدنيا وتدبر عنه ، ولا يسأل الناس ، فأمر الله المؤمنين برفده . وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة في الآية قالت هو المحارف الذي لا يكاد يتيسر له مكسبه . وأخرج الترمذي ، والبيهقي في سننه عن فاطمة بنت قيس ، أنها سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية قال " إن في المال حقاً سوى الزكاة " ، وتلا هذه الآية { لَّيْسَ ٱلْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ } إلى قوله { وَفِي ٱلرّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءاتَى ٱلزَّكَوٰةَ } البقرة 177 . وأخرج الفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في الشعب عن عبد الله بن الزبير في قوله { وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } قال سبيل الغائط والبول .