Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 66, Ayat: 1-5)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } اختلف في سبب نزول الآية على أقوال الأوّل قول أكثر المفسرين . قال الواحدي قال المفسرون كان النبيّ صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة ، فزارت أباها ، فلما رجعت أبصرت مارية في بيتها مع النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فلم تدخل حتى خرجت مارية ثم دخلت ، فلما رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم في وجه حفصة الغيرة والكآبة قال لها لا تخبري عائشة ، ولك عليّ أن لا أقربها أبداً ، فأخبرت حفصة عائشة ، وكانتا متصافيتين ، فغضبت عائشة ، ولم تزل بالنبيّ صلى الله عليه وسلم حتى حلف أن لا يقرب مارية . فأنزل الله هذه السورة . قال القرطبي أكثر المفسرين على أن الآية نزلت في حفصة ، وذكر القصة . وقيل السبب أنه كان صلى الله عليه وسلم يشرب عسلاً عند زينب بنت جحش ، فتواطأت عائشة وحفصة أن تقولا له إذا دخل عليهما إنا نجد منك ريح مغافير . وقيل السبب المرأة التي وهبت نفسها للنبيّ صلى الله عليه وسلم . وسيأتي دليل هذه الأقوال آخر البحث إن شاء الله ، وستعرف كيفية الجمع بينهما ، وجملة { تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوٰجِكَ } مستأنفة ، أو مفسرة لقوله { تُحَرّمُ } ، أو في محل نصب على الحال من فاعل { تحرّم } أي مبتغياً به مرضاة أزواجك ، و { مرضاة } اسم مصدر ، وهو الرضى ، وأصله مرضوة ، وهو مضاف إلى المفعول ، أي أن ترضي أزواجك ، أو إلى الفاعل ، أي أن يرضين هنّ { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي بليغ المغفرة والرحمة لما فرط منك من تحريم ما أحلّ الله لك ، قيل وكان لك ذنباً من الصغائر ، فلذا عاتبه الله عليه ، وقيل إنها معاتبة على ترك الأولى . { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَـٰنِكُمْ } أي شرع لكم تحليل أيمانكم ، وبيّن لكم ذلك ، وتحلة أصلها تحللة ، فأدغمت . وهي من مصادر التفعيل كالتوصية والتسمية ، فكأن اليمين عقد ، والكفارة حلّ لأنها تحلّ للحالف ما حرّمه على نفسه . قال مقاتل المعنى قد بيّن الله كفارة أيمانكم في سورة المائدة . أمر الله نبيه أن يُكَفر يمينه ، ويراجع وليدته ، فأعتق رقبة . قال الزجاج وليس لأحد أن يحرّم ما أحلّ الله . قلت وهذا هو الحقّ أن تحريم ما أحلّ الله لا ينعقد ولا يلزم صاحبه . فالتحليل والتحريم هو إلى الله سبحانه لا إلى غيره ، ومعاتبته لنبيه صلى الله عليه وسلم في هذه السورة أبلغ دليل على ذلك ، والبحث طويل ، والمذاهب فيه كثيرة ، والمقالات فيه طويلة ، وقد حققناه في مؤلفاتنا بما يشفي . واختلف العلماء هل مجرّد التحريم يمين يوجب الكفارة أم لا ؟ وفي ذلك خلاف ، وليس في الآية ما يدلّ على أنه يمين لأن الله سبحانه عاتبه على تحريم ما أحله له ، ثم قال { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَـٰنِكُمْ } وقد ورد في القصة التي ذهب أكثر المفسرين إلى أنها هي سبب نزول الآية أنه حرّم أوّلاً ، ثم حلف ثانياً ، كما قدّمنا { وَٱللَّهُ مَوْلَـٰكُمْ } أي وليكم وناصركم ، والمتولي لأموركم { وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ } بما فيه صلاحكم وفلاحكم { ٱلْحَكِيمُ } في أفعاله وأقواله . { وَإِذَ أَسَرَّ ٱلنَّبِىُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوٰجِهِ حَدِيثاً } قال أكثر المفسرين هي حفصة كما سبق ، والحديث ، هو تحريم مارية ، أو العسل ، أو تحريم التي وهبت نفسها له ، والعامل في الظرف فعل مقدّر ، أي واذكر إذ أسرّ . وقال الكلبي أسرّ إليها أن أباك وأبا عائشة يكونان خليفتي على أمتي من بعدي { فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ } أي أخبرت به غيرها { وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ } أي أطلع الله نبيه على ذلك الواقع منها من الإخبار لغيرها { عَرَّفَ بَعْضَهُ } أي عرّف حفصة بعض ما أخبرت به . قرأ الجمهور { عرّف } مشدّداً من التعريف ، وقرأ عليّ ، وطلحة بن مصرف ، وأبو عبد الرحمٰن السلمي ، والحسن ، وقتادة ، والكسائي بالتخفيف . واختار أبو عبيد ، وأبو حاتم القراءة الأولى لقوله { وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ } أي لم يعرّفها إياه ، ولو كان مخففاً لقال في ضدّه وأنكر بعضاً { وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ } أي وأعرض عن تعريف بعض ذلك كراهة أن ينتشر في الناس ، وقيل الذي أعرض عنه هو حديث مارية . وللمفسرين ها هنا خبط وخلط ، وكلّ جماعة منهم ذهبوا إلى تفسير التعريف والإعراض بما يطابق بعض ما ورد في سبب النزول ، وسنوضح لك ذلك إن شاء الله { فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ } أي أخبرها بما أفشت من الحديث { قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا } أي من أخبرك به { قَالَ نَبَّأَنِىَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ } أي أخبرني الذي لا يخفى عليه خافية . { إِن تَتُوبَا إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } الخطاب لعائشة وحفصة ، أي إن تتوبا إلى الله فقد وجد منكما ما يوجب التوبة ، ومعنى { صَغَتْ } عدلت ومالت عن الحقّ ، وهو أنهما أحبتا ما كره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو إفشاء الحديث . وقيل المعنى إن تتوبا إلى الله ، فقد مالت قلوبكما إلى التوبة ، وقال { قلوبكما } ، ولم يقل " قلباكما " لأن العرب تستكره الجمع بين تثنيتين في لفظ واحد { وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ } أي تتظاهرا ، قرأ الجمهور تظاهرا بحذف إحدى التاءين تخفيفاً . وقرأ عكرمة تتظاهرا على الأصل . وقرأ الحسن ، وأبو رجاء ، ونافع ، وعاصم في رواية عنهما تظهر بتشديد الظاء والهاء بدون ألف ، والمراد بالتظاهر التعاضد والتعاون ، والمعنى وإن تعاضدا وتعاونا في الغيرة عليه منكما وإفشاء سرّه { فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَـٰهُ وَجِبْرِيلُ وَصَـٰلِحُ الْمُؤْمِنِينَ } أي فإن الله يتولى نصره وكذلك جبريل ، ومن صلح من عباده المؤمنين ، فلن يعدم ناصراً ينصره { وَالْمَلَـئِكَةُ بَعْدَ ذٰلِكَ } أي بعد نصر الله له ، ونصر جبريل ، وصالح المؤمنين { ظَهِير } أي أعوان يظاهرونه ، والملائكة مبتدأ ، وخبره ظهير . قال أبو عليّ الفارسي قد جاء فعيل للكثرة كقوله { وَلاَ يَسْـئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } المعارج 10 قال الواحدي وهذا من الواحد الذي يؤدّي عن الجمع كقوله { وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً } النساء 69 وقد تقرّر في علم النحو أن مثل جريح وصبور وظهير يوصف به الواحد والمثنى والجمع . وقيل كان التظاهر بين عائشة وحفصة في التحكم على النبيّ صلى الله عليه وسلم في النفقة . { عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوٰجاً خَيْراً مّنكُنَّ } أي يعطيه بدلكنّ أزواجاً أفضل منكنّ ، وقد علم الله سبحانه أنه لا يطلقهنّ ولكن أخبر عن قدرته على أنه إن وقع منه الطلاق أبدله خيراً منهن تخويفاً لهنّ . وهو كقوله { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } محمد 38 فإنه إخبار عن القدرة وتخويف لهم . ثم نعت سبحانه الأزواج بقوله { مُسْلِمَـٰتٍ مُّؤْمِنَـٰتٍ } أي قائمات بفرائض الإسلام مصدّقات بالله وملائكته ، وكتبه ورسله ، والقدر خيره وشرّه . وقال سعيد بن جبير مُسْلِمَـٰتٍ أي مخلصات وقيل معناه مسلمات لأمر الله ورسوله { قَـٰنِتَـٰتٍ } مطيعات لله ، والقنوت الطاعة ، وقيل مصليات { تَـٰئِبَـٰتٍ } يعني من الذنوب { عَـٰبِدٰتٍ } لله متذللات له . قال الحسن ، وسعيد بن جبير كثيرات العبادة { سَـٰئِحَـٰتٍ } أي صائمات . وقال زيد بن أسلم مهاجرات ، وليس في أمة محمد صلى الله عليه وسلم سياحة إلاّ الهجرة . قال ابن قتيبة ، والفراء ، وغيرهما وسمي الصيام سياحة لأن السائح لا زاد معه ، وقيل المعنى ذاهبات في طاعة الله ، من ساح الماء إذا ذهب ، وأصل السياحة الجولان في الأرض ، وقد مضى الكلام على السياحة في سورة براءة { ثَيّبَـٰتٍ وَأَبْكَاراً } وسط بينهما العاطف لتنافيهما ، والثيبات جمع ثيب ، وهي المرأة التي قد تزوّجت ، ثم ثابت عن زوجها فعادت ، كما كانت غير ذات زوج . والأبكار جمع بكر ، وهي العذراء ، سميت بذلك لأنها على أوّل حالها التي خلقت عليه . وقد أخرج البخاري وغيره عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ، ويشرب عندها لبناً ، أو عسلاً ، فتواصيت أنا وحفصة إن أيتنا دخل عليها النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فلتقل إني أجد منك ريح مغافير ، فدخل على إحداهما ، فقالت ذلك له ، فقال " لا بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش ، ولن أعود " ، فنزلت { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } إلى قوله { إِن تَتُوبَا إِلَى ٱللَّهِ } لعائشة وحفصة { وَإِذَ أَسَرَّ ٱلنَّبِىُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوٰجِهِ حَدِيثاً } لقوله « بل شربت عسلاً » . وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه ، قال السيوطي بسندٍ صحيح عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب من شراب عند سودة من العسل ، فدخل على عائشة فقالت إني أجد منك ريحاً ، فدخل على حفصة ، فقالت إني أجد منك ريحاً ، فقال " أراه من شراب شربته عند سودة ، والله لا أشربه أبداً " ، فأنزل الله { عِلْمَا يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ } الآية . وأخرج ابن سعد عن عبد الله بن رافع قال سألت أمّ سلمة عن هذه الآية { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ } قالت كانت عندي عكة من عسل أبيض ، فكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يلعق منها ، وكان يحبه . فقالت له عائشة نحلها تجرس عرفطاً فحرّمها ، فنزلت الآية . وأخرج النسائي ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له أمة يطؤها ، فلم تزل عائشة وحفصة حتى جعلها على نفسه حراماً ، فأنزل الله هذه الآية { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ } وأخرج البزار ، والطبراني ، قال السيوطي بسندٍ صحيح عن ابن عباس قال قلت لعمر بن الخطاب من المرأتان اللتان تظاهرتا ؟ قال عائشة وحفصة ، وكان بدوّ الحديث في شأن مارية القبطية أمّ إبراهيم أصابها النبيّ صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة في يومها ، فوجدت حفصة ، فقالت يا رسول الله لقد جئت إليّ بشيء ما جئته إلى أحد من أزواجك في يومي وفي دوري على فراشي ، قال " ألا ترضين أن أحرمها ، فلا أقربها أبداً ؟ " قالت بلى فحرّمها وقال " لا تذكري ذلك لأحد " ، فذكرته لعائشة ، فأظهره الله عليه ، فأنزل الله { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ } . الآيات كلها ، فبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَفّر عن يمينه وأصاب مارية . وأخرجه ابن سعد ، وابن مردويه عنه بأطول من هذا ، وأخرجه ابن مردويه أيضاً من وجه آخر عنه بأخصر منه ، وأخرجه ابن المنذر ، والطبراني ، وابن مردويه عنه مختصراً بلفظ قال حرّم سريته ، وجعل ذلك سبب النزول في جميع ما روي عنه من هذه الطرق ، وأخرج الهيثم بن كليب في مسنده ، والضياء المقدسي في المختارة من طريق نافع عن ابن عمر قال قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لحفصة " لا تحدّثي أحداً ، وإن أمّ إبراهيم عليّ حرام " ، فقالت أتحرّم ما أحلّ الله لك ؟ قال " فوالله لا أقربها " ، فلم يقربها حتى أخبرت عائشة ، فأنزل الله { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَـٰنِكُمْ } . وأخرج الطبراني في الأوسط ، وابن مردويه عن أبي هريرة أن سبب نزول الآية تحريم مارية كما سلف ، وسنده ضعيف . فهذان سببان صحيحان لنزول الآية ، والجمع ممكن بوقوع القصتين قصة العسل ، وقصة مارية ، وأن القرآن نزل فيهما جميعاً ، وفي كل واحد منهما أنه أسرّ الحديث إلى بعض أزواجه . وأما ما قيل من أن السبب هو تحريم المرأة التي وهبت نفسها ، فليس في ذلك إلاّ ما روى ابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } في المرأة التي وهبت نفسها للنبيّ صلى الله عليه وسلم . قال السيوطي وسنده ضعيف . ويردّ هذا أيضاً أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يقبل تلك الواهبة لنفسها ، فكيف يصحّ أن يقال إنه نزل في شأنها { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } ؟ فإن من ردّ ما وهب له لم يصحّ أن يقال إنه حرّمه على نفسه ، وأيضاً لا ينطبق على هذا السبب قوله { وَإِذَ أَسَرَّ ٱلنَّبِىُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوٰجِهِ حَدِيثاً } إلى آخر ما حكاه الله . وأما ما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن ابن عباس سأل عمر بن الخطاب عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره أنهما عائشة وحفصة ، ثم ذكر قصة الإيلاء ، كما في الحديث الطويل ، فليس في هذا نفي لكون السبب هو ما قدّمنا من قصة العسل ، وقصة السرية لأنه إنما أخبره بالمتظاهرتين ، وذكر فيه أن أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم يراجعنه ، وتهجره إحداهنّ اليوم إلى الليل ، وأن ذلك سبب الاعتزال لا سبب نزول { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } . ويؤيد هذا ما قدّمنا عن ابن عباس أنه قال لعمر من المرأتان اللتان تظاهرتا ؟ فأخبره بأنهما حفصة وعائشة ، وبيّن له أن السبب قصة مارية . هذا ما تيسر من تلخيص سبب نزول الآية ، ودفع الاختلاف في شأنه ، فاشدد عليه يديك لتنجو به من الخبط والخلط الذي وقع للمفسرين . وأخرج عبد الرزاق ، والبخاري ، وابن مردويه عن ابن عباس قال في الحرام يكفر ، وقال { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } الأحزاب 21 . وأخرج ابن المنذر ، والطبراني ، والحاكم ، وابن مردويه عنه أنه جاءه رجل ، فقال إني جعلت امرأتي عليّ حراماً ، فقال كذبت ليست عليك بحرام ، ثم تلا { لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } قال عليك أغلظ الكفارات عتق رقبة . وأخرج الحارث بن أبي أسامة عن عائشة قالت لما حلف أبو بكر أن لا ينفق على مسطح ، فأنزل الله { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَـٰنِكُمْ } فأحلّ يمينه وأنفق عليه . وأخرج ابن عديّ ، وابن عساكر عن عائشة في قوله { وَإِذَ أَسَرَّ ٱلنَّبِىُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوٰجِهِ حَدِيثاً } قالت أسرّ إليها أن أبا بكر خليفتي من بعدي . وأخرج ابن عديّ ، وأبو نعيم في الصحابة ، والعشاري في فضائل الصدّيق ، وابن مردويه ، وابن عساكر من طرق عن عليّ ، وابن عباس قال والله إن إمارة أبي بكر وعمر لفي الكتاب { وَإِذَ أَسَرَّ ٱلنَّبِىُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوٰجِهِ حَدِيثاً } قال لحفصة أبوك وأبو عائشة واليا الناس بعدي ، فإياك أن تخبري أحداً بهذا . قلت وهذا ليس فيه أنه سبب نزول قوله { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } بل فيه أن الحديث الذي أسرّه صلى الله عليه وسلم هو هذا ، فعلى فرض أن له إسناداً يصلح للاعتبار هو معارض بما سبق من تلك الروايات الصحيحة ، وهي مقدّمة عليه ومرجحة بالنسبة إليه . وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } قال زاغت وأثمت . وأخرج ابن المنذر عنه قال مالت . وأخرج ابن عساكر من طريق عبد الله بن بريدة عن أبيه في قوله { وَصَـٰلِحُ الْمُؤْمِنِينَ } قال أبو بكر وعمر . وأخرج ابن عساكر عن ابن مسعود مثله . وأخرج الطبراني ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في فضائل الصحابة من وجه آخر عنه مثله . وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر ، وابن عباس مثله . وأخرج الحاكم عن أبي أمامة مرفوعاً مثله . وأخرج ابن أبي حاتم . قال السيوطي بسندٍ ضعيف عن عليّ مرفوعاً قال هو عليّ بن أبي طالب . وأخرج ابن مردويه عن أسماء بنت عميس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " { وَصَـٰلِحُ الْمُؤْمِنِينَ } عليّ بن أبي طالب " وأخرج ابن مردويه ، وابن عساكر عن ابن عباس في قوله { وَصَـٰلِحُ الْمُؤْمِنِينَ } قال هو عليّ بن أبي طالب . وأخرج الطبراني ، وابن مردويه عن بريدة في قوله { ثَيّبَـٰتٍ وَأَبْكَاراً } قال وعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه أن يزوّجه بالثيب آسية امرأة فرعون ، وبالبكر مريم بنت عمران .