Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 87, Ayat: 1-19)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبّكَ ٱلأَعْلَىٰ } أي نزّهه عن كل ما لا يليق به . قال السديّ { سبّح اسم ربك الأعلى } أي عظمه . قيل والاسم هنا مقحم لقصد التعظيم ، كما في قول لبيد @ إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر @@ والمعنى سبّح ربك الأعلى . قال ابن جرير المعنى نزّه اسم ربك أن يسمى به أحد سواه ، فلا تكون على هذا مقحمة . وقيل المعنى نزّه تسمية ربك ، وذكرك إياه أن تذكره إلاّ وأنت خاشع معظم ، ولذكره محترم . وقال الحسن معنى سبّح اسم ربك الأعلى صلّ له . وقيل المعنى صلّ بأسماء الله لا كما يصلي المشركون بالمكاء والتصدية . وقيل المعنى ارفع صوتك بذكر ربك ، ومنه قول جرير @ قبح الإلٰه وجوه تغلب كلما سبّح الحجيج وكبّروا تكبيرا @@ والأعلى صفة للربّ . وقيل للاسم ، والأوّل أولى . وقوله { ٱلَّذِى خَلَقَ فَسَوَّىٰ } صفة أخرى للربّ . قال الزجاج خلق الإنسان مستوياً ، ومعنى سوّى عدّل قامته . قال الضحاك خلقه فسوّى خلقه . وقيل خلق الأجساد ، فسوّى الأفهام . وقيل خلق الإنسان وهيأه للتكليف . { وَٱلَّذِى قَدَّرَ فَهَدَىٰ } صفة أخرى للربّ ، أو معطوف على الموصول الذي قبله . قرأ عليّ بن أبي طالب ، والكسائي ، والسلمي قدر مخففاً ، وقرأ الباقون بالتشديد ، قال الواحدي قال المفسرون قدّر خلق الذكر والأنثى من الدّواب ، فهدى الذكر للأنثى كيف يأتيها . وقال مجاهد هدى الإنسان لسبيل الخير والشرّ ، والسعادة والشقاوة ، وروي عنه أيضاً أنه قال في معنى الآية قدّر السعادة والشقاوة ، وهدى للرشد والضلالة ، وهدى الأنعام لمراعيها . وقيل قدّر أرزاقهم وأقواتهم ، وهداهم لمعايشهم إن كانوا إنساً ، ولمراعيهم إن كانوا وحشاً . وقال عطاء جعل لكل دابة ما يصلحها وهداها له . وقيل خلق المنافع في الأشياء ، وهدى الإنسان لوجه استخراجها منها . وقال السديّ قدّر مدّة الجنين في الرحم تسعة أشهر وأقلّ وأكثر ، ثم هداه للخروج من الرحم . قال الفراء أي قدّر ، فهدى ، وأضلّ فاكتفى بأحدهما ، وفي تفسير الآية أقوال غير ما ذكرنا . والأولى عدم تعيين فرد ، أو أفراد مما يصدق عليه قدّر ، وهدى إلا بدليل يدلّ عليه ، ومع عدم الدليل يحمل على ما يصدق عليه معنى الفعلين ، إما على البدل ، أو على الشمول ، والمعنى قدّر أجناس الأشياء وأنواعها ، وصفاتها ، وأفعالها ، وأقوالها ، وآجالها ، فهدى كل واحد منها إلى ما يصدر عنه وينبغي له ، ويسره لما خلق له ، وألهمه إلى أمور دينه ودنياه . { وَٱلَّذِى أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ } صفة أخرى للربّ ، أي أنبت العشب ، وما ترعاه النعم من النبات الأخضر { فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَىٰ } أي فجعله بعد أن كان أخضر غثاء ، أي هشيماً جافاً كالغثاء الذي يكون فوق السيل أحوى أي أسود بعد اخضراره ، وذلك أن الكلأ إذا يبس اسودّ . قال قتادة الغثاء الشيء اليابس ، ويقال للبقل والحشيش إذا انحطم ، ويبس غثاء وهشيم . قال امرؤ القيس @ كأنّ ذرى رأس المجمر غدوة من السيل والأغثاء فلكة مغزل @@ وانتصاب { غثاء } على أنه المفعول الثاني ، أو على الحال ، و { أحوى } صفة له . وقال الكسائي هو حال من المرعى ، أي أخرجه أحوى من شدّة الخضرة والريّ { فَجَعَلَهُ غُثَاء } بعد ذلك ، والأحوى مأخوذ من الحوة ، وهي سواد يضرب إلى الخضرة . قال في الصحاح والحوة سمرة الشفة ، ومنه قول ذي الرمة @ لمياء في شفتيها حوة لعس وفي اللثات وفي أنيابها شنب @@ { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } أي سنجعلك قارئاً بأن نلهمك القراءة ، فلا تنسى ما تقرؤه ، والجملة مستأنفة لبيان هدايته الخاصة به بعد بيان الهداية العامة ، وهي هدايته صلى الله عليه وسلم لحفظ القرآن . قال مجاهد ، والكلبي كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي لم يفرغ جبريل من آخر الآية حتى يتكلم النبيّ صلى الله عليه وسلم بأوّلها مخافة أن ينساها ، فنزلت { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } وقوله { إِلاَّ مَا شَاء ٱللَّهُ } استثناء مفرغ من أعمّ المفاعيل . أي لا تنسى مما تقرؤه شيئًا من الأشياء إلاَّ ما شاء الله أن تنساه . قال الفرّاء وهو لم يشأ سبحانه أن ينسي محمد صلى الله عليه وسلم شيئًا كقوله { خَـٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ } هود 107 . وقيل إلا ما شاء الله أن تنسى ، ثم تذكر بعد ذلك ، فإذن قد نسي ، ولكنه يتذكر ولا ينسى شيئًا نسياناً كلياً . وقيل بمعنى النسخ أي إلاَّ ما شاء الله أن ينسخه مما نسخ تلاوته . وقيل معنى { فلا تنسى } فلا تترك العمل إلاَّ ما شاء الله أن تتركه لنسخه ورفع حكمه . وقيل المعنى إلاَّ ما شاء الله أن يؤخر إنزاله . وقيل " لا " في قوله { فَلاَ تَنسَىٰ } للنهي . والألف مزيدة لرعاية الفاصلة ، كما في قوله { فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ } الأحزاب 67 يعني فلا تغفل قراءته وتذكره . { إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ } الجملة تعليل لما قبلها ، أي يعلم ما ظهر وما بطن ، والإعلان والإسرار ، وظاهره العموم ، فيندرج تحته ما قيل إن الجهر ما حفظه رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرآن ، وما يخفى هو ما نسخ من صدره ، ويدخل تحته أيضاً ما قيل من أن الجهر هو إعلان الصدقة ، وما يخفى هو إخفاؤها ، ويدخل تحته أيضاً ما قيل إن الجهر جهره صلى الله عليه وسلم بالقرآن مع قراءة جبريل مخافة أن يتفلت عليه ، وما يخفى ما في نفسه مما يدعوه إلى الجهر . { وَنُيَسّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ } معطوف على سنقرئك ، وما بينهما اعتراض . قال مقاتل أي نهوّن عليك عمل الجنة . وقيل نوفقك للطريقة التي هي أيسر وأسهل . وقيل للشريعة اليسرى ، وهي الحنيفية السهلة . وقيل نهوّن عليك الوحي حتى تحفظه وتعمل به ، والأولى حمل الآية على العموم ، أي نوفقك للطريقة اليسرى في الدين والدنيا في كلّ أمر من أمورهما التي تتوجه إليك . { فَذَكّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذّكْرَىٰ } أي عظ يا محمد الناس بما أوحينا إليك ، وأرشدهم إلى سبل الخير ، واهدهم إلى شرائع الدين . قال الحسن تذكرة للمؤمن ، وحجة على الكافر . قال الواحدي إن نفعت أو لم تنفع لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم بعث مبلغاً للإعذار والإنذار ، فعليه التذكير في كل حال نفع ، أو لم ينفع ولم يذكر الحالة الثانية كقوله { سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ } النحل 81 الآية . قال الجرجاني التذكير واجب ، وإن لم ينفع ، فالمعنى إن نفعت الذكرى أو لم تنفع . وقيل إنه مخصوص في قوم بأعيانهم . وقيل إن بمعنى ما ، أي فذكر ما نفعت الذكرى لأن الذكرى نافعة بكل حال . وقيل إنها بمعنى قد ، وقيل إنها بمعنى إذ . وما قاله الواحدي ، والجرجاني أولى ، وقد سبقهما إلى القول به الفراء ، والنحاس . قال الرازي إنّ قوله { إِن نَّفَعَتِ ٱلذّكْرَىٰ } للتنبيه على أشرف الحالين ، وهو وجود النفع الذي لأجله شرعت الذكرى ، والمعلق بإن على الشيء لا يلزم أن يكون عدماً عند عدم ذلك الشيء ، ويدل عليه آيات منها هذه الآية ، ومنها قوله تعالى { وَٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } البقرة 172 . ومنها قوله { فليس جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلوٰةِ إِنْ خِفْتُمْ } النساء 101 فإن القصر جائز عند الخوف وعدمه ، ومنها قوله { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ } البقرة 230 والمراجعة جائزة بدون هذا الظنّ ، فهذا الشرط فيه فوائد منها ما تقدّم ، ومنها البعث على الانتفاع بالذكرى ، كما يقول الرجل لمن يرشده قد أوضحت لك إن كنت تعقل ، وهو تنبيه للنبيّ صلى الله عليه وسلم على أنها لا تنفعهم الذكرى ، أو يكون هذا في تكرير الدعوة ، فأما الدعاء الأوّل فعامّ انتهى . ثم بيّن سبحانه الفرق بين من تنفعه الذكرى ، ومن لا تنفعه ، فقال { سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ } أي سيتعظ بوعظك من يخشى الله ، فيزداد بالتذكير خشية وصلاحاً . { وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى } أي ويتجنب الذكرى ، ويبعد عنها الأشقى من الكفار لإصراره على الكفر بالله ، وانهماكه في معاصيه . ثم وصف الأشقى فقال { ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ } أي العظيمة الفظيعة لأنها أشدّ حراً من غيرها . قال الحسن النار الكبرى نار جهنم ، والنار الصغرى نار الدنيا . وقال الزجاج هي السفلى من أطباق النار { ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىٰ } أي لا يموت فيها ، فيستريح مما هو فيه من العذاب ، ولا يحيا حياة ينتفع بها ، ومنه قول الشاعر @ ألا ما لنفس لا تموت فينقضي عناها ولا تحيا حياة لها طعم @@ و " ثم " للتراخي في مراتب الشدّة لأن التردّد بين الموت ، والحياة أفظع من صلي النار الكبرى . { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } أي من تطهر من الشرك ، فآمن بالله ووحده ، وعمل بشرائعه . قال عطاء ، والربيع من كان عمله زاكياً نامياً . وقال قتادة تزكى بعمل صالح . قال قتادة ، وعطاء ، وأبو العالية نزلت في صدقة الفطر . قال عكرمة كان الرجل يقول أقدّم زكاتي بين يدي صلاتي . وأصل الزكاة في اللغة النماء . وقيل المراد بالآية زكاة الأموال كلها . وقيل المراد بها زكاة الأعمال لا زكاة الأموال لأن الأكثر أن يقال في الأموال زكي لا تزكي . { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبّهِ فَصَلَّىٰ } قيل المعنى ذكر اسم ربه بالخوف ، فعبده وصلى له ، وقيل ذكر اسم ربه بلسانه فصلى أي فأقام الصلوات الخمس . وقيل ذكر موقفه ومعاده فعبده ، وهو كالقول الأوّل . وقيل ذكر اسم ربه بالتكبير في أوّل الصلاة ، لأنها لا تنعقد إلا بذكره ، وهو قوله « الله أكبر » وقيل ذكر اسم ربه في طريق المصلى فصلى . وقيل هو أن يتطوّع بصلاة بعد زكاة . وقيل المراد بالصلاة هنا صلاة العيد ، كما أن المراد بالتزكي في الآية الأولى زكاة الفطر ، ولا يخفى بعد هذا القول لأن السورة مكية ، ولم تفرض زكاة الفطر ، وصلاة العيد إلا بالمدينة . { بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا } هذا إضراب عن كلام مقدّر يدلّ عليه السياق ، أي لا تفعلون ذلك بل تؤثرون اللذات الفانية في الدنيا . قرأ الجمهور { تؤثرون } بالفوقية على الخطاب ، ويؤيدها قراءة أبيّ بل أنتم تؤثرون وقرأ أبو عمرو بالتحتية على الغيبة . قيل والمراد بالآية الكفرة ، والمراد بإيثار الحياة الدنيا هو الرضا بها ، والاطمئنان إليها ، والإعراض عن الآخرة بالكلية . وقيل المراد بها جميع الناس من مؤمن وكافر ، والمراد بإيثارها ما هو أعمّ من ذلك مما لا يخلو عنه غالب الناس من تأثير جانب الدنيا على الآخرة ، والتوجه إلى تحصيل منافعها ، والاهتمام بها اهتماماً زائداً على اهتمامه بالطاعات . وجملة { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } في محل نصب على الحال من فاعل تؤثرون ، أي والحال أن الدار الآخرة التي هي الجنة أفضل ، وأدوم من الدنيا . قال مالك بن دينار لو كانت الدنيا من ذهب يفنى ، والآخرة من خزف يبقى لكان الواجب أن يؤثر خزف يبقى على ذهب يفنى ، فكيف والآخرة من ذهب يبقى ، والدنيا من خزف يفنى ؟ والإشارة بقوله { إِنَّ هَذَا } إلى ما تقدّم من فلاح من تزكى وما بعده ، وقيل إنه إشارة إلى جميع السورة ، ومعنى { لَفِى ٱلصُّحُفِ ٱلأَولَىٰ } أي ثابت فيها . وقوله { صُحُفِ إِبْرٰهِيمَ وَمُوسَىٰ } بدل من الصحف الأولى . قال قتادة ، وابن زيد يريد بقوله { إِنَّ هَذَا } والآخرة خير وأبقى . وقالا تتابعت كتب الله عزّ وجلّ أنّ الآخرة خير وأبقى من الدنيا . وقال الحسن تتابعت كتب الله جلّ ثناؤه إن هذا لفي الصحف الأولى ، وهو قوله { قَدْ أَفْلَحَ } إلى آخر السورة . قرأ الجمهور { لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم } بضم الحاء في الموضعين ، وقرأ الأعمش ، وهارون ، وأبو عمرو في رواية عنه بسكونها فيهما ، وقرأ الجمهور { إبراهيم } بالألف بعد الراء ، وبالياء بعد الهاء . وقرأ أبو رجاء بحذفهما وفتح الهاء . وقرأ أبو موسى ، وابن الزبير " إبراهام " بألفين . وقد أخرج أحمد ، وأبو داود ، وابن ماجه ، وابن المنذر ، وابن مردويه عن عقبة بن عامر الجهني قال لما نزلت { فَسَبّحْ بِٱسْمِ رَبّكَ ٱلْعَظِيمِ } الواقعة 74 قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " اجعلوها في ركوعكم " فلما نزلت { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبّكَ ٱلأَعْلَىٰ } أي سورة الأعلى قال " اجعلوها في سجودكم " ولا مطعن في إسناده . وأخرج أحمد ، وأبو داود ، والطبراني ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبّكَ ٱلأَعْلَىٰ } الأعلى 1 قال " سبحان ربي الأعلى " قال أبو داود خولف فيه وكيع ، فرواه شعبة عن أبي إسحاق عن سعيد عن ابن عباس موقوفاً . وأخرجه موقوفاً أيضاً عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير عن ابن عباس أنه كان إذا قرأ { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبّكَ ٱلأَعْلَىٰ } قال « سبحان ربي الأعلى » ، وفي لفظ لعبد بن حميد عنه قال « إذا قرأت { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبّكَ ٱلأَعْلَىٰ } . فقل سبحان ربي الأعلى » . وأخرج الفريابي ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن الأنباري في المصاحف عن عليّ بن أبي طالب أنه قرأ { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبّكَ ٱلأَعْلَىٰ } فقال « سبحان ربي الأعلى » وهو في الصلاة ، فقيل له أتزيد في القرآن ؟ قال لا ، إنما أمرنا بشيء ، فقلته . وأخرج الفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عن أبي موسى الأشعري أنه قرأ في الجمعة بـ { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبّكَ ٱلأَعْلَىٰ } فقال « سبحان ربي الأعلى » . وأخرج سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم وصححه عن سعيد بن جبير قال سمعت ابن عمر يقرأ { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبّكَ } الأعلى فقال « سبحان ربي الأعلى » ، وكذلك هي في قراءة أبيّ بن كعب . وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر أنه قال إذا قرأ { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبّكَ ٱلأَعْلَىٰ } قال « سبحان ربي الأعلى » . وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد عن عبد الله بن الزبير أنه قرأ { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبّكَ ٱلأَعْلَىٰ } فقال « سبحان ربي الأعلى » وهو في الصلاة . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { فَجَعَلَهُ غُثَاء } قال هشيماً { أَحْوَىٰ } قال متغيراً . وأخرج ابن مردويه عنه قال كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يستذكر القرآن مخافة أن ينسى ، فقيل له قد كفيناك ذلك ، ونزلت { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } . وأخرج الحاكم عن سعد بن أبي وقاص نحوه . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس { إِلاَّ مَا شَاء ٱللَّهُ } يقول إلا ما شئت أنا ، فأنسيك . وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً { وَنُيَسّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ } قال للخير . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود { وَنُيَسّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ } قال الجنة . وأخرج البزار ، وابن مردويه عن جابر بن عبد الله عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } قال " من شهد أن لا إلٰه إلاّ الله ، وقطع الأنداد ، وشهد أني رسول الله " { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبّهِ فَصَلَّىٰ } قال هي الصلوات الخمس ، والمحافظة عليها ، والاهتمام بمواقيتها » . قال البزار لا يروى عن جابر إلا من هذا الوجه . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } قال من الشرك { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبّهِ } قال وحد الله { فَصَلَّىٰ } قال الصلوات الخمس . وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } قال من قال لا إلٰه إلا الله . وأخرج البزار ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم في الكنى ، وابن مردويه والبيهقي في سننه عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جدّه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم « أنه كان يأمر بزكاة الفطر قبل أن يصلي صلاة العيد ، ويتلو هذه الآية { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ * وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبّهِ فَصَلَّىٰ } » . وفي لفظ قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن زكاة الفطر ، فقال { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } قال " هي زكاة الفطر " وكثير بن عبد الله ضعيف جدّاً ، قال فيه أبو داود هو ركن من أركان الكذب ، وقد صحح الترمذي حديثاً من طريقه ، وخطىء في ذلك ، ولكنه يشهد له ما أخرجه ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ * وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبّهِ فَصَلَّىٰ } ثم يقسم الفطرة قبل أن يغدو إلى المصلى يوم الفطر " وليس في هذين الحديثين ما يدل على أن ذلك سبب النزول ، بل فيهما أنه تلا الآية ، وقوله هي زكاة الفطر ، يمكن أن يراد به أنها مما يصدق عليه التزكي ، وقد قدّمنا أن السورة مكية ، ولم تكن في مكة صلاة عيد ولا فطرة وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر عن أبي سعيد الخدري { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } قال أعطى صدقة الفطر قبل أن يخرج إلى العيد . { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبّهِ فَصَلَّىٰ } قال خرج إلى العيد وصلى . وأخرج ابن مردويه ، والبيهقي عن ابن عمر قال إنما أنزلت هذه الآية في إخراج صدقة الفطر قبل صلاة العيد { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ * وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبّهِ فَصَلَّىٰ } . وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال قلت لابن عباس أرأيت قوله { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } للفطر قال لم أسمع بذلك ، ولكن للزكاة كلها . ثم عاودته فقال لي والصدقات كلها . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني ، والبيهقي في شعب الإيمان عن عرفجة الثقفي قال استقرأت ابن مسعود { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبّكَ ٱلأَعْلَىٰ } فلما بلغ { بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا } ترك القراءة ، وأقبل على أصحابه ، فقال آثرنا الدنيا على الآخرة ، فسكت القوم ، فقال آثرنا الدنيا لأنا رأينا زينتها ، ونساءها ، وطعامها ، وشرابها ، وزويت عنا الآخرة ، فاخترنا هذا العاجل وتركنا الآجل ، وقال بل يؤثرون الحياة الدنيا بالياء . وأخرج البزار ، وابن المنذر ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله { إِنَّ هَـٰذَا لَفِى ٱلصُّحُفِ ٱلأَولَىٰ * صُحُفِ إِبْرٰهِيمَ وَمُوسَىٰ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هي كلها في صحف إبراهيم ، وموسى " وأخرج سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عنه في الآية قال نسخت هذه السورة من صحف إبراهيم وموسى ، وفي لفظ هذه السورة في صحف إبراهيم وموسى . وأخرج عبد بن حميد ، وابن مردويه ، وابن عساكر عن أبي ذرّ قال قلت يا رسول الله كم أنزل الله من كتاب ؟ قال " مائة كتاب ، وأربعة كتب " الحديث .