Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 88, Ayat: 1-26)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَـٰشِيَةِ } قال جماعة من المفسرين هل هنا بمعنى قد ، وبه قال قطرب ، أي قد جاءك يا محمد حديث الغاشية ، وهي القيامة لأنها تغشى الخلائق بأهوالها . وقيل إن بقاء هل هنا على معناها الاستفهامي المتضمن للتعجيب بما في خبره ، والتشويق إلى استماعه أولى . وقد ذهب إلى أن المراد بالغاشية هنا القيامة أكثر المفسرين . وقال سعيد بن جبير ، ومحمد بن كعب الغاشية النار تغشى وجوه الكفار كما في قوله { وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمْ ٱلنَّارُ } إبراهيم 50 وقيل الغاشية أهل النار لأنهم يغشونها ويقتحمونها . والأوّل أولى . قال الكلبي المعنى إن لم يكن أتاك حديث الغاشية ، فقد أتاك . { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَـٰشِعَةٌ } الجملة مستأنفة جواب سؤال مقدّر كأنه قيل ما هو ؟ أو مستأنفة استئنافاً نحوّياً لبيان ما تضمنته من كون ، ثم وجوه في ذلك اليوم متصفة بهذه الصفة المذكورة . ووجوه مرتفع على الابتداء ، وإن كانت نكرة لوقوعه في مقام التفصيل . وقد تقدّم مثل هذا في سورة القيامة ، وفي سورة النازعات . والتنوين في يومئذ عوض عن المضاف إليه ، أي يوم غشيان الغاشية . والخاشعة الذليلة الخاضعة . وكل متضائل ساكن يقال له خاشع ، يقال خشع الصوت إذا خفي ، وخشع في صلاته إذا تذلل ونكس رأسه . والمراد بالوجوه هنا أصحابها . قال مقاتل يعني الكفار لأنهم تكبروا عن عبادة الله . قال قتادة ، وابن زيد خاشعة في النار . وقيل أراد وجوه اليهود والنصارى على الخصوص ، والأوّل أولى . قوله { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } معنى { عاملة } أنها تعمل عملاً شاقاً . قال أهل اللغة يقال للرجل إذا دأب في سيره عمل يعمل عملاً ، ويقال للسحاب إذا دام برقه قد عمل يعمل عملاً . قيل وهذا العمل هو جرّ السلاسل والأغلال ، والخوض في النار . { نَّاصِبَةٌ } أي تعبة . يقال نصب بالكسر ينصب نصباً إذا تعب ، والمعنى أنها في الآخرة تعبة لما تلاقيه من عذاب الله . وقيل إن قوله { عَامِلَةٌ } في الدنيا إذ لا عمل في الآخرة ، أي تعمل في الدنيا بالكفر والمعاصي ، وتنصب في ذلك . وقيل إنها عاملة في الدنيا ناصبة في الآخرة ، والأوّل أولى . قال قتادة { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } تكبرت في الدنيا عن طاعة الله ، فأعملها الله ، وأنصبها في النار بجرّ السلاسل الثقال ، وحمل الأغلال ، والوقوف حفاة عراة في العرصات { فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } المعارج 4 قال الحسن ، وسعيد بن جبير لم تعمل لله في الدنيا ، ولم تنصب فأعملها ، وأنصبها في جهنم . قال الكلبي يجرّون على وجوههم في النار . وقال أيضاً يكلفون ارتقاء جبل من حديد في جهنم ، فينصبون فيها أشد ما يكون من النصب بمعالجة السلاسل ، والأغلال ، والخوض في النار كما تخوض الإبل في الوحل . قرأ الجمهور { عاملة ناصبة } بالرفع فيهما على أنهما خبران آخران للمبتدأ ، أو على تقدير مبتدأ ، وهما خبران له ، وقرأ ابن محيصن ، وعيسى ، وحميد ، وابن كثير في رواية عنه بنصبهما على الحال ، أو على الذم . وقوله { تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً } خبر آخر للمبتدأ ، أي تدخل ناراً متناهية في الحرّ ، يقال حمي النهار ، وحمي التنور ، أي اشتدّ حرّهما . قال الكسائي يقال اشتدّ حمى النهار ، وحموه بمعنى . قرأ الجمهور " تصلى " بفتح التاء مبنياً للفاعل . وقرأ أبو عمرو ، ويعقوب ، وأبو بكر بضمها مبنياً للمفعول . وقرأ أبو رجاء بضم التاء ، وفتح الصاد ، وتشديد اللام ، والضمير راجع إلى الوجوه على جميع هذه القراءات . والمراد أصحابها ، كما تقدّم . وهكذا الضمير { تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ ءانِيَةٍ } والمراد بالعين الآنية المتناهية في الحرّ . والآني الذي قد انتهى حره ، من الإيناء بمعنى التأخر ، يقال آناه يؤنيه إيناء ، أي أخرّه وحبسه ، كما في قوله { يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءانٍ } الرحمٰن 44 قال الواحدي قال المفسرون لو وقعت منها نطفة على جبال الدنيا لذابت . ولما ذكر سبحانه شرابهم عقبه بذكر طعامهم فقال { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } ، هو نوع من الشوك يقال له الشبرق في لسان قريش إذا كان رطباً ، فإذا يبس فهو الضريع . كذا قال مجاهد ، وقتادة ، وغيرهما من المفسرين . قيل وهو سمّ قاتل ، وإذا يبس لا تقربه دابة ولا ترعاه . وقيل هو شيء يرمي به البحر يسمى الضريع من أقوات الأنعام ، لا من أقوات الناس ، فإذا رعت منه الإبل لم تشبع ، وهلكت هزالاً . قال الخليل الضريع نبات أخضر منتن الريح يرمي به البحر . وجمهور أهل اللغة والتفسير قالوا بالأوّل ، ومنه قول أبي ذؤيب @ رعى الشبرق الرّيان حتى إذا ذوى وعاد ضريعاً بان عنه التحايص @@ وقال الهذلي يذكر إبلاً ، وسوء مرعاها @ وحبسن في هرم الضريع وكلها قرناء دامية اليدين جرود @@ وقال سعيد بن جبير الضريع الحجارة . وقيل هو شجرة في نار جهنم . وقال الحسن هو بعض ما أخفاه الله من العذاب . وقال ابن كيسان هو طعام يضرعون عنده ويذلون ، ويتضرّعون إلى الله بالخلاص منه ، فسمي بذلك لأن آكله يتضرّع إلى الله في أن يغض عنه لكراهته وخشونته . قال النحاس قد يكون مشتقاً من الضارع وهو الذليل ، أي من شربه يلحقه ضراعة وذلة . وقال الحسن أيضاً هو الزقوم . وقيل هو واد في جهنم ، وقد تقدّم في سورة الحاقة { فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَـٰهُنَا حَمِيمٌ * وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } الحاقة 35 ، 36 والغسلين غير الضريع ، كما تقدّم . وجمع بين الآيتين بأن النار دركات ، فمنهم من طعامه الضريع ، ومنهم من طعامه الغسلين . ثم وصف سبحانه الضريع فقال { لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِى مِن جُوعٍ } أي لا يسمن الضريع آكله ، ولا يدفع عنه ما به من الجوع . قال المفسرون لما نزلت هذه الآية . قال المشركون إن إبلنا تسمن من الضريع ، فنزلت { لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِى مِن جُوعٍ } وكذبوا في قولهم هذا ، فإن الإبل لا تأكل الضريع ولا تقربه . وقيل اشتبه عليهم أمره ، فظنوه كغيره من النبات النافع . ثم شرع سبحانه في بيان حال أهل الجنة بعد الفراغ من بيان حال أهل النار فقال { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ } أي ذات نعمة وبهجة ، وهي وجوه المؤمنين صارت وجوههم ناعمة لما شاهدوا من عاقبة أمرهم ، وما أعدّه الله لهم من الخير الذي يفوق الوصف ، ومثله قوله { تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ } المطففين 24 ثم قال { لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ } أي لعملها الذي عملته في الدنيا راضية ، لأنها قد أعطيت من الأجر ما أرضاها ، وقرّت به عيونها ، والمراد بالوجوه هنا أصحابها ، كما تقدّم . { فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } أي عالية المكان مرتفعة على غيرها من الأمكنة ، أو عالية القدر لأن فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين . { لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لَـٰغِيَةً } قرأ الجمهور { لا تسمع } بفتح الفوقية ، ونصب لاغية أي لا تسمع أنت أيها المخاطب ، أو لا تسمع تلك الوجوه . وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو بالتحتية مضمومة مبنياً للمفعول ، ورفع { لاغية } . وقرأ نافع بالفوقية مضمومة مبنياً للمفعول ، ورفع { لاغية } . وقرأ الفضل ، والجحدري بفتح التحتية مبنياً للفاعل ونصب { لاغية } ، واللغو الكلام الساقط . قال الفرّاء ، والأخفش ، أي لا تسمع فيها كلمة لغو . قيل المراد بذلك الكذب والبهتان ، والكفر قاله قتادة ، وقال مجاهد أي الشتم . وقال الفرّاء لا تسمع فيها حالفاً يحلف بكذب . وقال الكلبي لا تسمع في الجنة حالفاً بيمين برّة ولا فاجرة . وقال الفرّاء أيضاً لا تسمع في كلام أهل الجنة كلمة تلغى لأنهم لا يتكلمون إلا بالحكمة وحمد الله تعالى على ما رزقهم من النعيم الدائم ، وهذا أرجح الأقوال لأن النكرة في سياق النفي من صيغ العموم ، ولا وجه لتخصيص هذا بنوع من اللغو خاص إلا بمخصص يصلح للتخصيص . و { لاغية } إما صفة موصوف محذوف ، أي كلمة لاغية ، أو نفس لاغية ، أو مصدر ، أي لا تسمع فيها لغواً . { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ } قد تقدّم في سورة الإنسان أن فيها عيوناً ، والعين هنا بمعنى العيون ، كما في قوله { عَلِمَتْ نَفْسٌ } التكوير 14 ومعنى { جارية } أنها تجري مياهها ، وتتدفق بأنواع الأشربة المستلذة . قال الكلبي لا أدري بماء أو بغيره . { فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ } أي عالية مرتفعة السمك ، أو عالية القدر . { وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ } قد تقدّم أن الأكواب جمع كوب ، وأنه القدح الذي لا عروة له . ومعنى { موضوعة } أنها موضوعة بين أيديهم يشربون منها . { وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ } النمارق الوسائد . قال الواحدي في قول الجميع ، واحدتها نُمرقة بضم النون . وزاد الفرّاء سماعاً عن العرب نِمرقة بكسرها . قال الكلبي وسائد مصفوفة بعضها إلى بعض ، ومنه قول الشاعر @ وإنا لنجري الكأس بين شروبنا وبين أبي قابوس فوق النمارق @@ وقال الآخر @ كهول وشبان حسان وجوههم على سرر مصفوفة ونمارق @@ قال في الصحاح النمرق ، والنمرقة وسادة صغيرة ، وكذلك النمرقة بالكسر لغة حكاها يعقوب . { وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } يعني البسط ، واحدها زربي وزربية . قال أبو عبيدة ، والفرّاء الزرابيّ الطنافس التي لها خمل رقيق ، واحدها زربية ، والمبثوثة المبسوطة قاله قتادة . وقال عكرمة بعضها فوق بعض . قال الواحدي ويجوز أن يكون المعنى أنها مفرّقة في المجالس . وبه قال القتيبي . وقال الفرّاء معنى مبثوثة كثيرة ، والظاهر أن معنى البث التفرّق مع كثرة ، ومنه { وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلّ دَابَّةٍ } البقرة 164 . { أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } الاستفهام للتقريع والتوبيخ ، والفاء للعطف على مقدّر ، كما في نظائره مما مرّ غير مرّة ، والجملة مسوقة لتقرير أمر البعث والاستدلال عليه ، وكذا ما بعدها ، وكيف منصوبة بما بعدها ، والجملة في محل جر على أنها بدل اشتمال من الإبل ، والمعنى أينكرون أمر البعث ، ويستبعدون وقوعه ، أفلا ينظرون إلى الإبل التي هي غالب مواشيهم ، وأكبر ما يشاهدونه من المخلوقات { كَيْفَ خُلِقَتْ } على ما هي عليه من الخلق البديع من عظم جثتها ، ومزيد قوّتها ، وبديع أوصافها . قال أبو عمرو بن العلاء إنما خصّ الإبل لأنها من ذوات الأربع ، تبرك فتحمل عليها الحمولة ، وغيرها من ذوات الأربع لا يحمل عليه إلاَّ وهو قائم ، قال الزجاج نبههم على عظيم من خلقه قد ذلـله للصغير يقوده ، وينيخه ، وينهضه ، ويحمل عليه الثقيل من الحمل وهو بارك ، فينهض بثقل حمله ، وليس ذلك في شيء من الحوامل غيره ، فأراهم عظيماً من خلقه ليدلّ بذلك على توحيده . وسئل الحسن عن هذه الآية ، وقيل له الفيل أعظم في الأعجوبة ، فقال أما الفيل فالعرب بعيدة العهد به ، ثم هو خنزير لا يركب ظهره ، ولا يؤكل لحمه ، ولا يحلب درّه . والإبل من أعزّ مال العرب وأنفسه ، تأكل النوى والقت ، وتخرج اللبن . ويأخذ الصبيّ بزمامها ، فيذهب بها حيث شاء مع عظمها في نفسها . وقال المبرد الإبل هنا هي القطع العظيمة من السحاب ، وهو خلاف ما ذكره أهل التفسير واللغة . وروي عن الأصمعي أنه قال من قرأ { خلقت } بالتخفيف عنى به البعير ، ومن قرأ بالتشديد عنى به السحاب . { وَإِلَى ٱلسَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ } أي رفعت فوق الأرض بلا عمد على وجه لا يناله الفهم ولا يدركه العقل . وقيل رفعت فلا ينالها شيء . { وَإِلَى ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ } على الأرض مرساة راسخة لا تميد ولا تميل ، ولا تزول . { وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } أي بسطت . والسطح بسط الشيء ، يقال لظهر البيت إذا كان مستوياً سطح . قرأ الجمهور { سطحت } مبنياً للمفعول مخففاً . وقرأ الحسن بالتشديد . وقرأ عليّ بن أبي طالب ، وابن السميفع ، وأبو العالية " خلقت " ، " ورفعت " ، " ونصبت " ، وسطحت على البناء للفاعل ، وضم التاء فيها كلها . ثم أمر سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم بالتذكير فقال { فَذَكّرْ } والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، أي فعظهم يا محمد ، وخوّفهم ثم علل الأمر بالتذكير فقال { إِنَّمَا أَنتَ مُذَكّرٌ } أي ليس عليك إلا ذلك . و { لَّسْتَ عَلَيْهِم بمسيطر } المصيطر والمسيطر بالسين والصاد المسلط على الشيء ليشرف عليه ، ويتعهد أحواله كذا في الصحاح ، أي لست عليهم بمصيطر حتى تكرههم على الإيمان ، وهذا منسوخ بآية السيف . قرأ الجمهور { بمصيطر } بالصاد ، وقرأ هشام ، وقنبل في رواية بالسين . وقرأ خلف بإشمام الصاد زاياً . وقرأ هارون الأعور بفتح الطاء اسم مفعول { إِلاَّ مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ } هذا استثناء منقطع ، أي لكن من تولى عن الوعظ والتذكير . { فَيْعَذّبُهُ ٱللَّهُ ٱلْعَذَابَ ٱلأَكْبَرَ } وهو عذاب جهنم الدائم . وقيل هو استثناء متصل من قوله { فَذَكّرْ } أي فذكر كلّ أحد إلا من انقطع طمعك عن إيمانه ، وتولى فاستحقّ العذاب الأكبر ، والأوّل أولى . وإنما قال { ٱلأَكْبَرَ } لأنهم قد عذبوا في الدنيا بالجوع والقحط ، والقتل والأسر . وقرأ ابن مسعود " فإنه يعذبه الله " . وقرأ ابن عباس ، وقتادة إلا من تولى وكفر على أنها " إلا " التي للتنبيه والاستفتاح { إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ } أي رجوعهم بعد الموت . يقال آب يئوب إذا رجع ، ومنه قول عبيد بن الأبرص @ وكلّ ذي غيبة يئوب وغائب الموت لا يؤوب @@ قرأ الجمهور { إيابهم } بالتخفيف . وقرأ أبو جعفر ، وشيبة بالتشديد . قال أبو حاتم لا يجوز التشديد ولو جاز لجاز مثله في الصيام والقيام . وقيل هما لغتان بمعنى . قال الواحدي وأما " إيابهم " بتشديد الياء ، فإنه شاذ لم يجزه أحد غير الزجاج . { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ } يعني جزاءهم بعد رجوعهم إلى الله بالبعث . و " ثم " للتراخي في الرتبة لبعد منزلة الحساب في الشدّة عن منزلة الإياب . وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال الغاشية من أسماء القيامة . وأخرج ابن أبي حاتم عنه { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَـٰشِيَةِ } قال الساعة { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَـٰشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } قال تعمل ، وتنصب في النار { تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ ءانِيَةٍ } قال هي التي قد طال أنيها . { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } قال الشبرق . وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَـٰشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } قال يعني اليهود والنصارى تخشع ، ولا ينفعها عملها . { تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ ءانِيَةٍ } قال قد أني غليانها . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله { تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً } قال حارّة . { تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ ءانِيَةٍ } قال انتهى حرّها { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } يقول من شجر من نار . وأخرج عبد بن حميد عنه أيضاً { إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } قال الشبرق اليابس . وأخرج ابن جرير عنه أيضاً { لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لَـٰغِيَةً } يقول لا تسمع أذى ولا باطل ، وفي قوله { فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ } قال بعضها فوق بعض . { وَنَمَارِقُ } قال مجالس . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عنه أيضاً { وَنَمَارِقُ } قال المرافق . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه أيضاً { لَّسْتَ عَلَيْهِم بمصيطر } قال جبار . { إِلاَّ مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ } قال حسابه على الله . وأخرج أبو داود في ناسخه عنه أيضاً { لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ } ثم نسخ ذلك فقال { فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } التوبة 5 وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً { إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ } قال مرجعهم .