Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 26-30)

Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } أي أحسنوا في كل ما تعبدوا به ، أي أتوا بالمأمور كما ينبغي واجتنبوا المنهي عنه والحسنى هي الجنة . وزيادة هي النظر إلى الله تعالى في الجنة ، ولا يلحقها خزي . والخزي يتغير به الوجه ويسود فكنى بالوجه عن الجملة لكونه أشرفها ، ولظهور أثر السرور والحزن فيه . { وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ } والذين مبتدأ . و { جَزَآءُ } مبتدأ ثان ، وخبره : { بِمِثْلِهَا } وقيل : الباء زائدة . والضمير العائد على المبتدأ محذوف تقديره جزاء سيئة منهم بمثلها . وقيل : خبر والذين قوله : { مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } والجملتان قبله اعتراض بين المبتدأ وخبره . { كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ } هذه مبالغة في سواد الوجوه وقد جاء مصرحاً به في قوله : { وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } [ آل عمران : 106 ] . وأغشيت : كسيت ، ومنه الغشاء . وكون وجوههم مسودة هو حقيقة لا مجاز فتكون ألوانهم مسودة . وقرىء : قطعاً بسكون الطاء ، ومظلماً صفة له : وقرىء : بفتح الطاء فيكون مظلماً حالاً من الليل . وقال الزمخشري : فإِن قلت : إذا جعلت مظلماً حالاً من الليل ، فما العامل فيه ؟ قلت : لا يخلو اما أن يكون اغشيت من قِبَل أنّ من الليل صفة لقوله : قطعاً فكان إفضاؤه إلى الموصوف كإِفضائه إلى الصفة ، وأما أن يكون معنى الفعل في من الليل . " انتهى " . أما الوجه الأول فهو بعيد لأن الأصل أن يكون العامل في الحال هو العامل في ذي الحال ، والعامل هو مستقر الواصل إليه بمن وأغشيت عامل في قوله : قطعاً ، الموصوف بقوله : من الليل ، فاختلفا . فلذلك كان الوجه الأخير أولى أي قطعاً مستقرة أو كائنة من الليل في حال إظلامه . قال ابن عطية : وإذا كان نعتاً يعني مظلماً نعتاً لقطعاً فكان حقه أن يكون قبل الجملة ، ولكن قد يجيءُ بعد هذا وتقدير الجملة قطعاً استقر من الليل مظلماً على نحو قوله : { وَهَـٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ مُبَارَكٌ } [ الأنعام : 92 ، 155 ] . " انتهى " . لا يتعين تقدير العامل في المجرور بالفعل فتكون جملة بل الظاهر أن يقدر باسم الفاعل فيكون من قبيل الوصف بالمفرد ، والتقدير قطعاً كائناً من الليل مظلماً . { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ } الآية ، الضمير في نحشرهم عائد على من تقدم من الفريقين وانتصب يوم على فعل محذوف ، أي ذكرهم أو خوّفهم . ونحوُه وجميعاً : حال . والشركاء : هم من عُبد من دون الله كائناً من كان . ومكانكم : عده النحويون في أسماء الأفعال وقدر باثبتوا كما قال : @ وقولي كلما جشأت وجاشت مكانك تحمدي أو تستريحي @@ أي اثبتي . ولكونها بمعنى اثبتي جزم تحمدي وتحملت ضميراً فأكد . وعطف عليه في قوله : أنتم وشركاؤكم . قال الزمخشري : وأنتم أكد به الضمير في مكانكم لسده مسد قوله : الزموا وشركاؤكم عطف عليه . " انتهى " . يعني عطفاً على الضمير المستكن ، وتقديره الزموا . وان مكانكم قام مقامه فتحمل الضمير الذي في الزموا ليس بجيد ، إذ لو كان كذلك لكان مكانكم الذي هو اسم فعل يتعدى كما يتعدى الزموا ، ألا ترى أن اسم الفعل إذا كان الفعل لازماً كان اسم الفعل لازماً وإذا كان متعدياً مثال ذلك بنا عليك زيداً ، لما ناب مناب الزم تعدى ، وإليك لما ناب مناب تنح لم يتعد ، ولكون مكانك لا يتعدى قدّره النحويون اثبتوا ، واثبتوا لا يتعدى . قال ابن عطية : أنتم رفع بالابتداء ، والخبر مخزيون أو مهانون ونحوه ، فيكون مكانكم قد تم ، ثم أخبر أنهم كذا ، وهذا ضعيف لفك الكلام . الظاهر اتصال بعض أجزائه ببعض ولتقدير إضمار لا ضرورة تدعو إليه . ولقوله : فزيلنا بينهم إذ يدل على أنهم ثبتوا هم وشركاؤهم في مكان واحد حتى وقع التزييل بينهم وهو التفريق ، ولقراءة من قرأ أنتم وشركاءكم بالنصب على أنه مفعول معه ، والعامل فيه اسم الفعل . ولو كان أنتم مبتدأ وقد حذف خبره ، لما جاز أن يأتي بعده مفعول معه ، تقول : كل رجل وضيعته ، بالرفع ولا يجوز فيه النصب . قال ابن عطية : ويجوز أن يكون أنتم تأكيداً للضمير الذي في الفعل المقدر الذي هو قفوا أو نحوه ، وهذا ليس بجيد إذ لو كان تأكيداً لذلك الضمير المتصل بالفعل لجاز تقديمه على الظرف إذ الظرف لم يتحمل ضميراً على هذا القول ، فيلزم تأخيره عنه وهو غير جائز لا تقول : أنت مكانك ، ولا يحفظ من كلامهم . والأصح أنه لا يجوز حذف المؤكد في التأكيد المعنوي ، فكذلك هذا لأن التأكيد ينافي الحذف ، وليس من كلامهم : أنت زيداً لمن رأيته قد شهر سيفاً ، وأنت تريد أضرب أنت زيداً ، إنما كلام العرب زيداً ، تريد اضرب زيداً فزيّلنا يقال : زلت الشىء عن مكانه أزيله ، معيّن الكلمة ياء . وزعم ابن قتيبة وتبعه أبو البقاء ان قوله : زيّلنا من مادة زال يزول فتكون عين الكلمة واو ، وزيلنا وزنه عندهما فيعل اجتمعت ياء وواو ، وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء . والصحيح أنه من ذوات الياء وان وزنه فعّل ولذلك قالوا في مصدره تزييلاً على وزن تفعيل ، وقالوا في الاشتقاق منه زايلنا بالياء . ونفي الشركاء عبادة المشركين هو رد لقولهم : إياكم كنا نعبد . وإياكم : مفعول بتعبدون ، وحسن تقديمه كون تعبدون فصلاً ولما تنازعوا استشهد الشركاء بالله تعالى ، وانتصب شهيداً على التمييز لقبوله صحة من ، وانْ هي المخففة من الثقيلة ، واللام هي الفارقة بين انْ النافية وبين ان التي للإِثبات . وتقدم الكلام على مثل ذلك في قوله : { وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً } [ البقرة : 143 ] . { هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ } هنالك ظرف مكان ، أي في ذلك الموقف والمقام المقتضي للحيرة والدهش . تبلوا ، أي تختبر ما أسلفت من العمل فتعرف كيف هو أقبيح أم حسن ، أنافع أم ضار ، مقبول أو مردود . وقرىء : تبلو . وقرىء : تتلو . { وَرُدُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } أي إلى جزائه . { وَضَلَّ عَنْهُمْ } أي ذهب وبطل . { مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } من الكذب .