Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 178-179)

Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وكان في بني إسرائيل القصاص دون الدية فأنزل الله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى } وأصل الكتابة الخط وكني به عن الإِلزام . وفي القتلى يظهر أنها للسبب كهي : في دخلت امرأة النار في هرة ، أي : بسبب القتلى وبسبب هرة . والقتلى : جمع قتيل . { ٱلْحُرُّ بِالْحُرِّ وَٱلْعَبْدُ بِٱلْعَبْدِ } الآية { وَٱلأُنثَىٰ بِٱلأُنْثَىٰ } الآية ظاهر هذا التفضيل اعتبار المماثلة بالحرية والعبودية والأنوثة . وظاهر عموم الحر بالحر أن الوالد يقتل إذا قتل ابنه وهو قول عثمان البتي . وقال مالك : إذا أضجعه وذبحه قتل به . وقد أجمعوا على قتل الحر بالمرأة والمرأة بالرجل . والظاهر من الآية مشروعية القصاص في القتلى بأي شيء حصل به القتل . { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَٱتِّبَاعٌ } الواجب من ظاهر الآية اما القصاص واما الدية ومن عفى له هو القاتل ، والضمير في له ومن أخيه : عائد عليه وعفا لا يتعدى ضمن معنى ما يتعدى ، أي فمن ترك له شيء من أخيه أي من دية دم أخيه ، أو كني بأخيه عن ولي الأم أو أبقى عفى على أصل وضعه ، وشيء عبارة عن المصدر أي شيء من العفو والعفو لا يتأتى إلا من الولي والمعنى فإِذا عفا الولي عن شيء يتعلق بالقاتل فيلتبع القاتل ذلك . { بِٱلْمَعْرُوفِ } ولا يعنفه ولا يطالبه إلا مطالبة جميلة . { وَأَدَآءٌ } من القاتل . { إِلَيْهِ } أي إلى الولي . { بِإِحْسَانٍ } أي لا يمطله ولا يبخسه شيئاً . وإن كان المعنى بأخيه المقتول فالضمير في إليه عائد على العافي وهو الولي . ويدل عليه قوله : فمن عفى ، لأنه يستدعي عافياً والظاهر أنه لا يتحتم للولي أن يقتص إذا عفى للقاتل شيء إذ يكون التقدير فالواجب اتباع . { ذٰلِكَ } أي العفو والدية . { تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ } حيث يسلم القاتل من أن يقتل إذ كان أهل التوراة مشروعية القتل عندهم تحتم القصاص ومشروعية أهل الانجيل تحتم العفو . { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ } أي بعد العفو والدية فقتل من قتله . { فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أما في الدنيا وهو قتله قصاصاً ، واما في الآخرة حيث تعدى ما حد الله له . { وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ } أي في شرع القصاص . { حَيَٰوةٌ } وذلك أنه إذا علم أنه من قَتل قُتل كان في ذلك ارتداد عن القتل وإمساك ، فكان ذلك حياة له ولمن يريد قتله . وكانت العرب إذا قتل رجل رجلاً حمي قبيلة راموا ان يقتصوا منه فيقتتلون فيقضي ذلك إلى قتل عدد كثير من الفريقين ، فلما شرع القصاص رضوا به وسلموا القاتل للقود أو صالحوا الرجل على الدية وتركوا القتال ، فكان لهم في ذلك حياة وكم قتل مهلهل بأخيه كليب ، حتى كاد يفنى بكر بن وايل . { يٰأُولِي ٱلأَلْبَابِ } هم الذين عرفوا مشروعية القصاص وما فيها من المصلحة العامة . { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } القصاص فيكفون عن القتل . ولما تقدم ذكر القصاص أتبع ذلك بالتنبيه على الوصية ليتنبه كل أحد على مفاجأة الموت فيوصي لئلا يموت على غير وصية . وهو تعالى قد كتبها على المؤمنين والخطاب في " عليكم " للموصيين مقيداً بالامكان على تقدير التجوز في حضور الموت ولو جرى الكلام على خطابهم لكان التركيب .