Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 212-213)
Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } نزلت في أبي جهل وأصحابه كانوا يتنعمون بما بسط الله عليهم . وقرىء زين وزينت على البناء للمفعول وزين مبنياً للفاعل والتزيين التحسين . { وَيَسْخَرُونَ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث اتبعوه وأعرضوا عن حطام الدنيا . وصدرت الجملة بالماضي لأنه أمر مفروع منه وهو تركيب طباعهم على محبة الدنيا وإيثارها على الآخرة . والثانية جاءت بالمضارع لأنه يتجدد كل وقت عطف المضارع ومتعلقه على الماضي ومتعلقه أو يقدر وهم يسخرون فيكون من عطف الاسمية على الفعلية ، ولما كانت السخرية تقتضي العلو والتطاول للساخر أخبر تعالى يعلو المؤمنين عليهم في الآخرة وجاء لفظ : اتقوا بعثا للمؤمن على التقوى . { وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ } أي في الآخرة . { بِغَيْرِ حِسَابٍ } أي بغير نهاية . أو في الدنيا بأن يملك المؤمنين المسخور منهم رقاب الكافرين وأرضيهم وأموالهم ولا يحاسبهم على ذلك ولا يحصي عليهم . { كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَٰحِدَةً } أي في الإِيمان . { فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّينَ } في الكلام حذف أي فاختلفوا فبعث وقرأ عبد الله فاختلفوا ، وذلك عندنا على سبيل التفسير لا القرآن ، وقد صرح بهذا المحذوف في قوله تعالى : { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَٱخْتَلَفُواْ } [ يونس : 19 ] . { مُبَشِّرِينَ } بثواب من أطاع . { وَمُنذِرِينَ } بعقاب من عصى . وقدم البشارة لأنها أبهج للنفس وأقبل لما يلقى النبي صلى الله عليه وسلم وفيها إطمئنان المكلف . { وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلْكِتَٰبَ } معهم : حال مقدرة من الكتاب فيتعلق بمحذوف ، وليس : منصوباً بانزل ، وآل في الكتاب للجنس وبالحق متعلق بإِنزال أو في موضع الحال من الكتاب وهي حال مؤكدة . { لِيَحْكُمَ } متعلق بأنزل والفاعل ضمير يعود على الله . وهو الضمير في أنزل أي ليفصل به بين الناس . والفصل لا يكون إلا بعد الاختلاف ويؤيده قراءة الجحدري : لنحكم بالنون وهو التفاوت . وعنه أيضاً : ليحكم مبنياً للمفعول . { فِيمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ } هو الاسلام أي في الدين الذي اختلفوا فيه . { وَمَا ٱخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ } الضميران عائدان على ما الموصولة ، والهاء في أوتوه عائدة على الكتاب ، والذين أوتوه هم أرباب العلم به والدراسة له ، وخصهم بالذكر تشنيعاً وتقبيحاً للذي فعلوه من الاختلاف . { مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَٰتُ } أي في الكتاب الذي أنزل إذ الحق موضح فيها يوجب الاتفاق وعدم الاختلاف . { بَغْياً بَيْنَهُمْ } : أي سبب الاختلاف هو البغي والظلم والتعدي وهي اختلافات أول يعقبه بعث الأنبياء ، والثاني بعد إنزال الكتاب وانتصب بغيا بمحذوف تقديره اختلفوا فيه من بعد ذلك بغيا . { فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي بمحمد صلى الله عليه وسلم . { لِمَا ٱخْتَلَفُواْ } أي للذين اختلف فيه الناس . و { مِنَ ٱلْحَقِّ } تبيين للمختلف فيه في موضع الحال من ما والهداية تقتضي إصابة الحق . { بِإِذْنِهِ } أي تمكينه وتوفيقه . { وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ } هدايته ودل على أن هدايته من شاء منشاءها الارادة وفي ذلك رد على المعتزلة في زعمهم أنه يستقل بهداية نفسه .