Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 52-55)

Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلَمَّآ أَحَسَّ } الإِحساس الإِدراك بالحاسة ولما كان كفرهم واضحاً مصرحاً به جعل كأنه مبصر مسموع . ويقال : أحس متعدياً لمفعول به وحسست متعدياً بالباء وقد أبدلت سين حسست الثانية ياء إذا اتصل بها بعض الضمائر وقد حذفت قالوا أحسْستُ وكذلك سين أحس مع بعض الضمائر ، تقول : أحست والكفر كفرهم بنبوته وطلب قتله ولذلك : { قَالَ مَنْ أَنصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } أي أنصاري مضافين إلى نصر الله إياي ، والحواريون أصفياء عيسى : قاله ابن عباس ، وقال مصعب : الحواريون كانوا اثني عشر رجلاً يسيحون معه يخرج لهم ما احتاجوا إليه من الأرض . { نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ } أي أنصار نبي الله ودينه ثم أخبروا بما حملهم على النصرة وهو الإِيمان بالله وأكدوا ذلك بقولهم : { وَٱشْهَدْ } فجاز أن يكون الضمير عائداً على عيسى أو عائداً على الله ، أي وأشهر يا ربنا . وأكدوا ذلك بقولهم : { رَبَّنَآ آمَنَّا بِمَآ أَنزَلَتَ } الآية . { وَمَكَرُواْ } الضمير عائد على الذين أحس منهم الكفر . ومكرهم باحتيالهم على قتله وقتل أصحابه ومكر الله : مجازاتهم على مكرهم ، سمي ذلك مكراً لأن المجازاة لهم ناشئة عن المكر ، كقوله : { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } [ الشورى : 40 ] . { إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَىٰ } القول بواسطة ملك . لأنه عليه السلام لم يكن مكلماً كموسى عليه السلام . { مُتَوَفِّيكَ } والظاهر أن معنى " متوفيك " مميتك ورافعك إلى . والواو لا تقتضي ترتيباً أي مميتك بعد رفعك أليّ . وبدأ بقوله : { مُتَوَفِّيكَ } ؛ إخباراً بأنه مخلوق من مخلوقاته ليس بآله . وقيل : معنى متوفيك أي بالنوم أو قابضك من الأرض ، وأجمعت الأمة على أن عيسى عليه السلام حي في السماء وسينزل الى الأرض إلى آخر الحديث الذي صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك . { وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } الرفع النقل من سفل الى علو . { وَمُطَهِّرُكَ } أي مخلصك جعلهم نجساً . { وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ } أي على دينك وما جئت به عن الله من الدين والتبشير بمحمد صلى الله عليه وسلم وإلزام الناس شريعته . { فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } هم اليهود وشردهم الله أي تشريد بأنه ليس لهم ملك ولا مدينة يختصمون بها بل هم مغرقون في أقطار الأرض تحت قهر المسلمين وتحت قهر النصارى وتحت قهر المجوس . { ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } هذا إخبار بالحشر والبعث . والمعنى ثم إلى حكمي . وهذا من الإِلتفات ، لأنه سبق ذكر مكذبيه وهم اليهود وذكر من آمن به وهم الحواريون وأعقب ذلك قوله : وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا . فذكر متبعيه والكافرين ولو جاء على نمط هذا السياق لكان التركيب ثم إلي مرجعهم ، ولكنه التفت على سبيل الخطاب للجميع ليكون الاخبار أبلغ في التهديد وأشد زجراً لمن ينزجر ، ثم ذكر لفظة : إليّ ، ولفظة : فأحكم ، بضمير المتكلم ليعلم أن الحاكم هناك من لا تخفى عليه خافية ، وذكر أنه يحكم فيما اختلفوا فيه من أمر الأنبياء واتباع شرائعهم وأتى بالحكم مبهماً ثم فصل المحكوم بينهم إلى كافر ومؤمن وذكر جزاء كل واحد منهم .