Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 140-143)

Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ } الظاهر أنه خطاب للمؤمنين الذي يجالسون المنافقين ، ولذلك قال : { فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ } نهوا عن القعود ولذلك جاء بعده إنكم إذا مثلهم وإن في قوله : إنْ إذا مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن محذوف تقديره انه ، والجملة بعده الشرطية خبر انْ وجوابه فلا تقعدوا وحتى غاية نهوا عن أن يقعدوا معهم إلا في وقت يخوضون في غير الكافر والاستهزاء ، وإذا في قوله : إنكم إذا مثلهم ، توسطت بين اسم ان وخبرها ومعناها معنى الشرط تقديره إنكم إن قعدتم معهم مثلهم . { إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلْمُنَٰفِقِينَ } لما اتخذوهم في الدنيا أولياء جمع بينهم في الآخرة في النار والمرء مع من أحب وهذا توعد منه تعالى تأكد به التحذير من مخالطتهم ومجالستهم . { ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ } الآية ، الاستحواذ ، الاستيلاء والتغلب . ويقال : حاذ يحوذ حوذاً وأحاذ ، وكان القياس أن يقال : استحاذ ، كما يقال : استطال ، ولكنها شذت هذه اللفظة فصحت العين وهي الواو فلم تقلب الفا كما قلبت في استقام وأصله استقوم . ومعنى الآية الذين ينتظرون بكم ما يتجدد من الأحوال من ظفر لكم أو بكم . { فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ ٱللَّهِ قَالُوۤاْ أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ } مظاهرين والمعنى فأسهموا لنا بحكم انا مؤمنون . { وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ } أي اليهود . { نَصِيبٌ } أي نيل من المؤمنين . { قَالُوۤاْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ } أي ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم وأسركم وابقينا عليكم . { وَنَمْنَعْكُمْ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } بأن ثبطناهم عنكم فأسهموا لنا بحكم انا نواليكم فلا نؤذيكم ولا نترك أحداً يؤذيكم . { فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } يحتمل أن يكون ثم معطوف محذوف تقديره وبينهم ويحتمل أن لا عطف ويكون قوله بينكم شاملاً للمؤمنين والكفار ، وغلب فيه الخطاب . وقوله : سبيلاً ، يعني في الآخرة ، وقيل : سبيلاً أي استيلاء على بيضة الإِسلام في الدنيا ومعنى هو خادعهم أي منزل الخدع بهم وهذه عبارة عن عقوبة سماها باسم الذنب فعقوبتهم في الدنيا ذلهم وخوفهم ، وفي الآخرة عذاب جهنم . وقرىء خادعهم بسكون العين . و { كُسَالَىٰ } جمع كسلان وفعلان ، هذا يجمع على فعالى كهذا وعلى فعالى كغضبان وغضابا . والكسل : الفتور عن الشيء والتواني فيه ، وهو ضد النشاط . وقال بعضهم في ذم الفلاسفة : وما انتسبوا إلى الإِسلام إلا لصون دمائهم ان لا تسألا ، فيأتون المناكر في نشاط ، ويأتون الصلاة وهم كسالى . وانتصب قليلاً على أنه نعت لمصدر محذوف تقديره إلا ذكراً قليلاً ، قال الزمخشري : يجوز أن يراد بالقلة العدم . " انتهى " . لا يجوز أن يراد به هنا العدم لأن الاستثناء يأباه وقد رددنا هذه القول عليه وعلى ابن عطية في هذه السورة . { مُّذَبْذَبِينَ } أي مقلقين . { بَيْنَ ذٰلِكَ } أي بين الإِيمان والكفر وذلك هو اسم إشارة مفرد وقد يشار به إلى اثنين ، كما قال : عوان بين ذلك ، أي بين الفارض والبكر . قال لبيد : ان للشر وللخير مدى . وكلا ذلك وجه وقبل أي كلا ذينك أي الشر والخير . وقرىء مذبذبين بكسر الذال الثانية اسم فاعل أي مذبذبين أنفسهم . وقرىء مذبذبين اسم فاعل من تذبذب أي اضطراب وقرأ الحسن البصري " مذبذبين " بفتح الميم والذالين . قال ابن عطية : وهي قراءة مردودة . انتهى الحسن البصري من أفصح الناس يحتج بكلامه فلا ينبغي أن ترد قراءته ، ولها وجه في العربية وهو انه اتبع حركة الميم لحركة الذال وإذا كانوا قد اتبعوا حركة الميم لحركة عين الكلمة في مثل منتن وبينهما حائز فلان يتبعوا بغير حاجز أولى ، وكذلك اتبعوا حركة عين منفعل لحركة اللام في حالة الرفع ، فقالوا : منحدر وهذا أولى ، لأن حركة الاعراب ليست بثابتة بخلاف حركة الذال وهذا كله توجيه شذوذ على تقدير صحة النقل عن الحسن البصري أنه قرأ ذلك بفتح الميم . والله تعالى أعلم . وانتصب مذبذبين على الحال ، قيل : من فاعل يراءون ، وقيل : من فاعل يذكرون ، فتكون الذبذبة قيداً في المراءاة أو في الذكر والذبذبة وصف ثابت لهم فالأولى أن يكون انتصابه على الذم ، كأنه قيل : أذم مذبذبين بين ذلك . وقال الشاعر : @ ولا لحجاج عيني بيت ماء @@ كأنه قال : أذم عيني بيت ماء ، ويتعلق إلى بمحذوف تقديره لا فسو بين إلى هؤلاء ولا فسو بين إلا هؤلاء وهو في موضع الحال .