Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 104-107)
Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
و { قَدْ جَآءَكُمْ بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ } هذا وارد على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قوله : وما أنا عليكم بحفيظ ، والبصيرة : نور القلب الذي يستبصر به ، كما أن البصر نور العين الذي به تبصر أي جاءكم من الوحي والتنبيه بما يجوز على الله تعالى وما لا يجوز ها هو للقلوب كالبصائر . { فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ } أي فالأبصار لنفسه أي نفعه وثمرته . { وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا } أي فالعمى عليها أي فَجَدْوى العمى عائد على نفسه والإِبصار والعمى كنايتان عن الهدى والضلال . والمعنى أن ثمرة الهدى والضلال إنما هي للمهتدي والضال لأنه تعالى غني عن خلقه وهذه من الكنايات الحسنة لما ذكر البصائر أعقبها بالإِبصار والعمى ، وهذه مطابقة لطيفة . { وَكَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ } أي ومثل ما بينا تلك الآيات التي هي بصائر وصرفناها نصرف الآيات ونرددها على وجوه كثيرة . { وَلِيَقُولُواْ } يعني أهل مكة حين تقرأ عليهم القرآن . { دَرَسْتَ } وقرىء : دارست ، أى دارست يا محمد غيرك في هذه الأشياء ، أي قارأته وناظرته إشارة منهم إلى سلمان وغيره من الأعاجم واليهود . وقرىء : درست مبنياً للفاعل مضمراً فيه ، أي درست الآيات ، أي ترددت على أسماعهم حتى بليت وقدمت في نفوسهم وأمحيت . وقرىء : درست أي يا محمد في الكتب القديمة ما تجيئنا به . واللام في : وليقولوا ، ولنبينه ، هي لام كي . وقيل : لام الصيرورة . والمعنى وليقول من كفر ولنبيّن لمن علم وآمن . وتتعلق اللامان بمحذوف تقديره ليكون كذا ويكون كذا صرفنا الآيات ولا يتعين ما ذكره المعربون والمفسرون من أن اللام في : وليقولوا ، لام كي أو لام الصيرورة ، بل الظاهر أنها لام الأمر . والفعل مجزوم بها لا منصوب بإِضمار أنْ ويؤيده قراءة من سكن اللام والمعنى عليه متمكن كأنه قيل : ومثل ذلك نصرف الآيات وليقولوا هم ما يقولون من كونها درستها وتعلمتها أو درست هي أي بليت وقدمت ، فإِنه لا يحفل بهم ولا يلتفت إلى قولهم ، وهو أمر معناه الوعيد والتهديد وعدم الاكتراث بهم وبما يقولون في الآيات أي نصرفها وليدعوا فيها ما شاؤوا فلا اكتراث بدعواهم . { وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } أي كأنه قال : وكذلك نصرف القرآن نصرف الآيات . وأعاد الضمير مفرداً قالوا : على معنى الآيات لأنها القرآن . { ٱتَّبِعْ مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أمره تعالى بأن يتبع ما أوحى إليه وبأن يعرض عمن أشرك والأمر بالإِعراض عنهم كان قبل نسخه بالقتال والسوق إلى الدين طوعاً أو كرهاً . والجملة بين الأمرين اعتراض أكد به وجوب اتباع الوحي أو في موضع الحال المؤكدة . { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكُواْ } أي أن إشراكهم ليس في الحقيقة بمشيئتهم وإنما هو بمشيئة الله تعالى . وظاهر الآية يرد على المعتزلة ويتألونها على مشيئة القسر والإِلجاء . { وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً } أي رقيباً تحفظهم من الإِشراك . { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } أي بمسلط عليهم والجملتان متقاربتان في المعنى إلا أن الأولى فيها نفي جعل الحفظ منه تعالى عليهم ، والثانية فيها نفي الوكالة عليهم . والمعنى إنا لم نسلطك عليهم ولا أنت في ذاتك بمسلط فناسب أن تعرض عنهم إذ لست مأموراً منا بأن تكون حفيظاً عليهم ولا أنت وكيل عليهم من تلقائك .