Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 125-129)
Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَٰمِ } قال مقاتل : نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أبي جهل . والهداية هنا مقابلة الضلال ، والشرح كناية عن جعله قابلاً للإِسلام متوسعاً لقبول تكاليفه . والضمير في يجعل عائد على الله تعالى ومعنى يجعل يصير لأن الإِنسان يخلق أولاً على الفطرة وهي كونه متهيئاً لما يلقى إليه ولما يجعل فيه ، فإِذا أراد الله تعالى إضلاله أضله وجعله لا يقبل الإِيمان . وقرىء : { ضَيِّقاً } بحذف الياء التي هي عين الكلمة ، إذ وزنه قبل الحذف فيعل وبعد الحذف فيل كقولهم : ليّن ولين . { حَرَجاً } إسم فاعل من حرج يحرج فهو حرج . ومن قرأ حرجاً فهو وصف بالمصدر . { كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ } هذه الجملة التشبيهية معناها أنه كما يزاول أمراً غير ممكن لأن صعود السماء مثل فيما يقصد ويمتنع من الاستطاعة وتضيق عنه المقدرة . وقرىء : يصّاعد ويصعّد ويصعد . { كَذٰلِكَ يَجْعَلُ ٱللَّهُ } الإِشارة بذلك إلى المصدر المفهوم من قوله : يجعل . { ٱلرِّجْسَ } بمعنى العذاب ، قاله أهل اللغة . وتعدية يجعل بعلى يحتمل أن يكون معناها يلقى كما تقول : جعلت متاعك بعضه على بعض ، وأن يكون بمعنى يصيّر ، وعلى في موضع المفعول الثاني . { وَهَـٰذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً } الإشارة بقوله : وهذا ، إلى القرآن والشرع الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاله ابن عباس . وانتصب مستقيماً على أنه حال مؤكدة ، لأن صراطه تعالى لا يكون إلا مستقيماً . و { قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَاتِ } أي بيناها ولم نترك فيها إجمالاً ولا التباساً . { لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ } أي يتدبرون بعقولهم . { لَهُمْ دَارُ ٱلسَّلَٰمِ عِندَ رَبِّهِمْ } أي الجنة . والسلام من أسماء الله تعالى كما قيل في الكعبة بيت الله ، وأضيفت إليه تشريفاً ، قاله ابن عباس . { وَهُوَ وَلِيُّهُمْ } أي مواليهم وناصرهم على أعدائهم ، ومتوليهم بالجزاء على أعمالهم . { وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } أعرب بعضهم يوم مفعول باذكر محذوفة والأولى أن يكون الظرف معمولاً لفعل القول المحكي به النداء ، أي ويوم نحشرهم نقول : يا معشر الجن وهو أولى مما أجاز بعضهم من نصبه باذكر مفعولاً به لخروجه عن الظرفية . وقال الزمخشري : ويوم نحشرهم منصوباً بفعل مضمر غير فعل القول واذكر تقديره عندهم ويوم نحشرهم . وقلنا : يا معشر الجن كان ما لا يوصف لفظاعته . " انتهى " . وما ذكره يستلزم حذف جملتين : جملة وقلنا ، وجملة العامل . ويجوز أن يكون يا معشر في موضع الحال لقول محذوف تقديره قائلين على سبيل التوبيخ لهم ويكون قوله : وقال أولياؤهم مقولهم ربنا على سبيل الاعتذار . والعامل في يوم قال : النار مثواكم : والضمير في نحشرهم عائد على الثقلين . وجميعاً : توكيد . ومعنى الاستكثار هنا إضلالهم منهم كثيراً وجعلهم اتباعهم ، كما تقول : استكثر فلان من الجنود واستكثر فلان من الاشياع . { وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلإِنْسِ } الآية ، أي وقال أولياء الجن أي الكفار . من الإِنس { رَبَّنَا ٱسْتَمْتَعَ } انتفع . { بَعْضُنَا بِبَعْضٍ } فانتفاع الإِنس بالشياطين حيث دلوهم على الشهوات وعلى التوصلات إليها وانتفاع الجن بالإِنس حيث أطاعوهم وساعدوهم على مرادهم من إغوائهم ، روي هذا المعنى عن ابن عباس . والأجل الذي بلغوه هو الموت . { قَالَ ٱلنَّارُ مَثْوَٰكُمْ } أي مكان ثوائكم أي إقامتكم . وقال أبو علي : هو عندي مصدر لا موضع وذلك لعمله في الحال التي هي خالدين . والموضع ليس فيه معنى فعل ، فيكون عاملاً والتقدير النار ذات ثوائكم . { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } اضطربت أقوال المفسرين في هذا الاستثناء ولا أراه يصح منها شىء ونظيره الاستثناء الذي في سورة هود وسيأتي الكلام في ذلك . { إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ } هذه صفتان مناسبتان لهذه الآية لأن تخليد هؤلاء الكفرة في النار صادر عن حكمته . { وَكَذٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعْضاً } الآية ، لما ذكر تعالى أنه ولى المؤمنين يعني أنه يحفظهم وينصرهم بيّن أن الكافرين بعضهم أولياء بعض في الظلم والخزي . قال قتادة : نجعل بعضهم ولي بعض في الكفر والظلم ، يريد ما تقدم من ذكر الجن والإِنس واستمتاع بعضهم ببعض .