Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 144-147)

Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ يٰمُوسَىٰ إِنِّي ٱصْطَفَيْتُكَ } لما طلب موسى عليه السلام الرؤية ومنعها عدد تعالى وجود نعمه العظيمة عليه وأمره أن يشتغل بشكرها وهذه تسلية منه تعالى له . و { عَلَى ٱلنَّاسِ } لفظ عام ومعناه الخصوص أي على أهل زمانك ، وقدم { بِرِسَالاَتِي } على و { بِكَلاَمِي } لأن الرسالة أسبق في الزمان ، أو لأنه انتقل من شريف إلى أشرف وأمره تعالى بأن يأخذ ما آتاه من النبوة لأن في الأمر بالأخذ مزيد تأكيد وحصول أجر بالامتثال ، والمعنى خذ ما آتيتك باجتهاد في تبليغه وجد في النفع به . { وَكُنْ مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ } على ما آتيناك وفي ذلك إشارة إلى القنع والرضى بما أعطاه الله تعالى والشكر عليه . { وَكَتَبْنَا لَهُ فِي ٱلأَلْوَاحِ } أي أمرنا له بالكتابة ، فأضاف الكتابة إلى نفسه تعالى لما كان آمراً بالكتابة ، والضمير في له عائد على موسى والألواح جمع قلة والألف واللام فيها للعهد إذ عني بها ألواح موسى عليه السلام . قيل : والضمير نابت عنه الألف واللام أي في ألواحه . { مِن كُلِّ شَيْءٍ } محتاج إليه في شريعتهم . { مَّوْعِظَةً } للازدجار والاعتبار . { وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ } من التكاليف الحلال والحرام والأمر والنهي والقصص والعقائد والاخبار بالمغيبات . { فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ } الظاهر أن الضمير في خذها عائد على الألواح . ومعنى بقوة قال ابن عباس : بجد واجتهاد فعل أولي العزم . وقال أيضاً : أمر أن يأخذ بأشد مما أمر به قومه . وقوله : { بِأَحْسَنِهَا } ظاهره أنه أفعل التفضيل وفيها الحسن والأحسن كالقصاص والعفو والانتصار والصبر . { سَأُوْرِيكُمْ } الإراءة هنا من رؤية العين ، ولذلك تعدت إلى اثنين . و { دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ } هي مصر وثم حال محذوفة تقديره مُدمرة . ألا ترى إلى قوله : { وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ } [ الأعراف : 137 ] . قال الزمخشري : كيف أقفرت منهم ودمروا لفسقهم لتعتبروا فلا تفسقوا مثل فسقهم فينكل بكم مثل نكالهم . " انتهى " . وقرأ الحسن سأوْريكم بواو ساكنة بعد الهمزة على ما يقتضيه رسم المصحف ووجهت همزة القراءة بوجهين : أحدهما ، ما ذكره أبو الفتح وهو أنه أشبع الضمة ومطها فنشأ عنها الواو . وقال ويحسّن احتمال الواو ، وقال : ويحسّن احتمال الواو في هذا الموضع أنه موضع وعيد وإغلاظ فمكن الصوت فيه . " انتهى " . فيكون كقوله : أدنو فانظور ، أي فانظر ، وهذا التوجيه ضعيف لأن الاشباع بابه ضرورة الشعر . والثاني ، ما ذكره الزمخشري قال : وقرأ الحسن سأوريكم وهي لغة فاشية بالحجاز . يقال : أوْرني كذا وأوريته فوجهه أن يكون من أوريته الزَنْد كان المعنى بيّنه لي وأنِرْهُ لأستبينه . " انتهى " . وهي أيضاً في لغة أهل الأندلس كأنهم تلقفوها من لغة الحجاز وبقيت في لسانهم إلى الآن وينبغي أن ينظر في تحقيق هذه اللغة أهي في لغة الحجاز أم لا . وقرأ ابن عباس وقسامة بن زهير سأورْتَكم . قال الزمخشري : وهي قراءة حسنة يصححها قوله تعالى : { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ } [ الأعراف : 137 ] . { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي } لما ذكر سأوريكم دار الفاسقين ذكر ما يفعل بهم من صرفه إياهم عن آياته لفسقهم وخروجهم عن طورهم إلى وصف ليس لهم . ثم ذكر تعالى من أحوالهم ما استحقوا به اسم الفسق . { وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا } صرفهم هذا الوصف الذميم وهو التكبر عن الإِيمان حتى لو عرضت عليهم كل آية لم يروها آية فيؤمنوا بها وهذا حتم منه تعالى على الطائفة التي قدر أن لا يؤمنوا . { وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ } الآية أراهم الله تعالى السبيلين فرأوهما فآثروا الغي على الرشد ، كقوله تعالى : { فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } [ فصلت : 17 ] . { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } أي ذلك الصرف عن الآيات هو بسبب تكذيبهم بها وغفلتهم عن النظر فيها والتفكر في دلالتها ، والمعنى أنهم استمر تكذيبهم وصار لهم ذلك دَيْدَنا حتى صارت تلك الآيات لا تَخطُر لهم ببال فحصلت الغفلة عنها والنسيان لها حتى كانوا لا يذكرونها ولا شيئاً منها . والظاهر أن الصرف سببه التكذيب والغفلة من جميعهم ، ويحتمل أن الصرف سببه التكذيب . ويكون قوله : { وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ } إستئناف أخبار منه تعالى عنهم أي من شأنهم أنهم كانوا غافلين عن الآيات وتدبرها فأورثتهم الغفلة التكذيب بها . والظاهر أن ذلك مبتدأ وخبره بأنهم أي ذلك الصرف كائن بأنهم كذبوا . وجوزوا أن يكون منصوباً فقدره ابن عطية فعلنا ذلك ، وقدره الزمخشري صرفهم الله تعالى ذلك الصرف بعينه .