Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 88-93)
Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ } الآية ، لنخرجنك جواب قسم محذوف والقسم يكون على فعل المقسم كقوله : لتخرجنك وعلى فعل غيره ، كقوله : أو لتعودن ، وهذا يدل على صعوبة مفارقة الوطن إذ قرنوا ذلك بالعود إلى الكفر وفي الإِخراج والعود طباق معنوي ، والعود هنا بمعنى الصيرورة . { قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ } أي أيقع منكم أحد هذين الأمرين على كل حال حتى في حال كراهيتنا لذلك . والاستفهام للتوقيف على شنعة المعصية بما أقسموا عليه من الإِخراج عن مواطنهم ظلماً ، والإِقرار بالعود في ملتهم . قال الزمخشري : الهمزة للاستفهام ، والواو واو الحال تقديره أتعيدوننا في حال كراهيتنا وليست واو الحال التي يعبر عنها النحويون بواو الحال بل هي واو العطف عطفت على حال محذوفة كقوله عليه السلام : " ردوا السائل ولو بظلف محرق " ، ليس المعنى ردوه في حال الصدقة عليه بظلف محرق بل المعنى ردوه مصحوباً بالصدقة ولو مصحوباً بظلف محرق . وتقدم لنا إشباع القول في هذا المعنى . { قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } الآية هذا إخبار مقيد من حيث المعنى بالشرط ، وجواب الشرط محذوف من حيث الصناعة وتقديره ان عدنا في ملتكم فقد افترينا . وليس قوله : قد افترينا على الله كذباً ، هو جواب الشرط الأعلى مذهب من يجيز تقديم جواب الشرط على الشرط فيمكن أن يخرج هذا عليه ونظير هذا التركيب الفصيح قول الاشتر النخعي واسمه الحرث : @ بقيت وَفْدى وانحرفت عن العلا ولقيت أضيافي بوجه عبوس إن لم أشن على ابن هند غارة لم تخل يوماً من ذهاب نفوس @@ { وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ } أي ما ينبغي ولا يتهيأ لنا أن نعود في ملتكم . { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَا } وهذا الاستثناء على سبيل عذق الأمور جميعها بمشيئة الله تعالى وإرادته . وقال ابن عطية : ويحتمل أن يريد استثناء ما يمكن أن يتعبد الله به المؤمنين مما تفعله الكفرة من القربات فلما قال لهم : إنا لا نعود في ملتكم ، ثم خشي أن يتعبده الله بشىء من أفعال الكفرة فيعارض ملحد بذلك ، ويقول : هذه عودة إلى ملتنا ، استثنى مشيئة الله تعالى فيما يمكن أن يتعبد به . " انتهى " . وهذا الاحتمال لا يصح لأن قوله : بعد إذ نجانا الله منها إنما يعني النجاة من الكفر والمعاصي لا من أعمال البر . وقيل : هذا الاستثناء إنما هو تسليم وتأدب . قال ابن عطية : ويقلق هذا التأويل من جهة استقبال الاستثناء ولو كان الكلام إن شاء قوي هذا التأويل . " انتهى " . وليس يقوى هذا التأويل بل لا فرق بين إلا إن يشاء وبين إلا أن يشاء لأن انْ تخلّص الماضي للاستقبال كما تخلص ان المضارع للاستقبال فكلا الفعلين مستقبل . { وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } الآية تقدم تفسير نظيرها في الانعام في قصة إبراهيم عليه السلام . { عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا } في دفع ما توعدتمونا به وفي حمايتنا من الضلال وفي ذلك استسلام لله تعالى وتمسك بلطفه . { رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ } أي احكم والفاتح والفتاح القاضي بلغة حمير . وقيل : بلغة مراد . وقال بعضهم : @ ألا أبلّغ بني عصم رسولا فإِني عن فتاحتكم غني @@ وقال ابن عباس : ما كنت أعرف ما معنى هذه اللفظة حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها : تعال أفاتحك ، أي أحاكمك . وقال الفراء : أهل عمان يسمون القاضي الفاتح . { وَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ } أي قال بعضهم لبعض أي كبراؤهم لاتباعهم تثبيطاً عن الإِيمان . { لَئِنِ ٱتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً } فيما أمركم به ونهاكم عنه . { إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } أي مغبونون . قال الزمخشري : فإِن قلت : ما جواب القسم الذي وطأته اللام في لئن اتبعتم وجواب الشرط ؟ قلت : قوله إنكم إذا لخاسرون ساد مسد الجوابين . " انتهى " . والذي تقوله النحويون إن جواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه ولذلك وجب مُضيُ فعل الشرط . فإِن عني الزمخشري بقوله : ساد مسد الجوابين ، انه اجتزىء به عن ذكر جواب الشرط فهو قريب ، وإن عنى به أنه من حيث الصناعة النحوية فليس كما زعم ، لأن الجملة يمتنع أن تكون لا موضع لها من الإِعراب وأن يكون لها موضع من الإِعراب . وإذا هنا معناها التوكيد وهي الحرف الذي هو جواب ويكون معه الجزاء وقد لا يكون . { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ } تقدم تفسير هذه الجملة . قال قتادة : أرسل شعيب إلى أصحاب الايكة فأهلكوا بالظلة ، وإلى أصحاب مدين فصاح بهم جبريل عليه السلام صيحة فهلكوا جميعاً . { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا } أي كان لم يقيموا ناعمي البال رخيي العيش في دارهم وفيها قوة الاخبار عن هلاكهم وحلول المكروه بهم والتنبيه على الاعتبار بهم كقوله تعالى : { فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلأَمْسِ } [ يونس : 24 ] . وفي كأَنْ ضمير الشأن محذوف تقديره قبل الحذف كأنه والجملة بعدها في موضع الخبر منفياً بلم وهو الكثير وقد جاء النفي بلما في قول حماد الكلبي : وكان لما يكون قط لمْ . والنفي بلما قليل . { كَانُواْ هُمُ ٱلْخَاسِرِينَ } هم فصلاً بين الإِسم والخبر ويجوز أن يكون بدلاً من الاسم في كانوا ، ولما كان قولهم إنكم إذاً لخاسرون قوبلوا بقوله : هم الخاسرون ، وأفاد الفصل الاختصاص . { فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ } تقدم تفسير نظيره في قصة صالح . { فَكَيْفَ ءَاسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَٰفِرِينَ } أي فيكف أحزن على من لا يستحق أن يحزن عليه ونبه على العلة الموجبة لعدم الحزن عليهم وهي الكفر إذ هي أعظم ما يعادى به المؤمن .