Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 1-4)
Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ } الآية هذه السورة مدنية كلها إلا سبع آيات أولها وإذ يمكر بك الذين كفروا ، إلى آخر الآيات ، قاله ابن عباس ولا خلاف أنها نزلت يوم بدر وأمر غنائمه . وقال ابن زيد : لا نسخ فيها إنما أخبر أن الغنائم لله من حيث هي ملكه ورزقه ، وللرسول عليه السلام من حيث هو مبين لحكم الله تعالى والصادع فيها ليقع التسليم فيها من الناس وحكم القسمة نازل في خلال ذلك . والأنفال : جمع نَفَل . قال ابن عباس وجماعة : هي الغنائم . { وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ } أمر بإِصلاح ذات البين ، وهذا يدل على أنه كانت بينهم مباينة ومباعدة وربما خيف أن تفضي بهم إلى فساد ما بينهم من المودة والمصافاة . وتقدم الكلام على ذات في قوله : بذات الصدور ، والبين هنا الفراق والتباعد ، وذات هنا نعت لمفعول محذوف أي وأصلحوا أحوالاً ذات افتراقكم لما كانت الأحوال ملابسة للبين أضيفت صفتها إليها كما تقول : اسقني ذا انائك ، أي ماء صاحب إنائك ، لما لابس الماء الإِناء وصف بذا وأضيف إلى الإِناء ، والمعنى اسقني ما في الإِناء من الماء . { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } أي كاملي الإِيمان . قال ابن عطية : وجواب الشرط في قوله المتقدم : وأطيعوا ، هذا مذهب سيبويه . ومذهب أبي العباس : أن الجواب محذوف متأخر يدل عليه المتقدم تقديره إن كنتم مؤمنين أطيعوا ، ومذهبه في هذا أن لا يتقدم الجواب على الشرط . " انتهى " . والذي قاله مخالف لكلام النحاة فإِنهم يقولون إن مذهب سيبويه ان الجواب محذوف وإن مذهب أبي العباس وأبي زيد الأنصاري والكوفيين جواز تقديم جواب الشرط عليه وهذا النقل هو الصحيح . { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ } الآية قرىء : وجلت بفتح الجيم وهي لغة ولما كان معنى إن كنتم مؤمنين أي كاملي الإِيمان قال : إنما المؤمنون ، أي الكاملوا الإِيمان ، ثم أخبر عنهم بموصول وصل بثلاث مقامات عظيمة وهي مقام الخوف ومقام الزيادة في الإِيمان ومقام التوكل ، ويحتمل قوله : إذا ذكر الله أن يذكر اسمه فقط ويلفظ به تفزع قلوبهم لذكره استعظاماً له وهيباً وإجلالاً ، ويحتمل أن يكون ذكر الله على حذف مضاف أي ذكرت عظمة الله وقدرته وما خوف به من عصاه . { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ } الأحسن أن يكون الذين صفة للذين السابقة حتى يدخل في حيّز الجزية فيكون ذلك إخباراً عن المؤمنين بثلاث الصلاة القلبية وعنهم بالصفة البدنية والصفة المالية . وجمع أفعال القلوب لأنها أشرف وجمع في أفعال الجوارح بين الصلاة والصدقة لأنها عمود أفعال الجوارح . والظاهر أن قوله : { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } عام في الزكاة ونوافل الصدقات وصلات الرحم وغير ذلك من المبارّ المالية . { أُوْلۤـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً } حقاً نعت لمصدر محذوف تقديره إيماناً حقاً . ويجوز أن يكون توكيد المضمون الجملة السابقة فيكون العامل فيه محذوفاً تقديره أحقه حقاً . وهم في قوله : هم المؤمنون ، يجوز أن يكون فصلاً بين المبتدأ والخبر وأن يكون مبتدأ خبره المؤمنون ، والجملة خبر لأولئك ، ويجوز أن يكون بدلاً من أولئك . { لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ } الآية ، لما تقدمت ثلاث صفات قلبية وبدنية ومالية ترتب عليها ثلاثة أشياء فقوبلت الأعمال القلبية بالدرجات والبدنية بالغفران وقوبلت المالية بالرزق الكريم وهذا النوع من المقابلة من بديع علم البديع .