Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 90-91)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قولهُ : { وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْبَحْرَ } ؛ يعني بحرَ الْقَلْزَمِ وهو بقُرب نيلِ مصرَ ، جعلَهُ الله لهم يُبْساً حتى جاوزوهُ ، { فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً } ؛ ليَبغُوا عليهم ، { وَعَدْواً } ؛ ويظلِمُوهم . قولهُ : { حَتَّىٰ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ } ؛ حتى إذا ألجمَ فرعونَ الغرقُ من إيمان الإنجاء فلم ينفعْهُ ذلك ، فلما ، { قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } ؛ قال له جِبريلُ : { آلآنَ } ؛ أي تؤمِنُ عند الغرقِ ، { وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } ؛ بالكفرِ والمعاصي في وقتِ الْمُهْلَةِ . رُوي عن ابنِ عباس : " أنَّ جِبْرِيلَ قالَ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : لَوْ رَأيْتَنِي وَفِرْعَوْنُ يَدْعُو بكَلِمَةِ الإخْلاَصِ وَأَنَا أدُسَّهُ فِي الْمَاءِ وَالطِّيِنِ لِشِدَّةِ غَضَبي عَلَيْهِ مَخَافَةَ أنْ يَتُوبَ فَيَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِ ؟ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : " يَا جِبْرِيلُ وَمَا شِدَّةُ غَضَبكَ ؟ " قَالَ : يَا مُحَمَّدُ لِقَوْلِهِ أنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى وَهِيَ كَلِمَتُهُ الأََخِيرَةُ ، وَإنَّمَا قَالَهَا حِينَ انْتَهَى إلَى الْبَحْرِ ، وَكَلِمَتُهُ الأُوْلَى : مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرِي ، وَكَانَ بَيْنَ الأُوْلَى وَالأُخْرَى أرْبَعِينَ سَنَةً " . وهذه الروايةُ صحيحةٌ إلاَّ قولهُ : ( مَخَافَةَ أنْ يَتُوبَ فَيَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِ ) لأنه لا يخلُوا إما أن يكون التكليفُ ثابتاً في ذلكَ الوقتِ أو غيرَ ثابتٍ ، فإنْ كان ثَابتاً لم يَجُزْ على جبريل عليه السلام أنْ يَمنَعَهُ من التوبةِ ، ولو منعَهُ من التكلُّم باللسانِ لكانت ندامةُ فرعون بالقلب كافيةً في توبتهِ ؛ لأن الأخرسَ إذا تابَ بالندمِ بقلبهِ وعزَمَ على تركِ المعاودةِ إلى القبيح كانت توبتهُ صحيحةً . وإن لم يكن التكليفُ ثابتاً في ذلك الوقتِ لم يكن للمنعِ عن التوبة معنى بوجهٍ من الوجُوهِ ، وإنما لا يُقْبَلُ الإيمانُ في وقتِ الإلجاءِ ؛ لأنَّ الذي يؤمِنُ في تلك الحالةِ يعلمُ أنه لو حاولَ خلافَ ما يُؤمَرُ به حِيلَ بينه وبينه ، فلا يكون مُثاباً بإعلاءِ ذلك الإيمان معرفته من طريق الضرورةِ دون الاجتهاد .