Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 40-40)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا } ؛ قال ابنُ عبَّاس : ( وَذلِكَ أنَّ اللهَ أوْحَى إلَيْهِ أنَّ مَوْعِدَكَ أنْ يَخْرُجَ الْمَاءُ مِنْ آخِرِ مَكَانٍ فِي دَاركَ وَهُوَ تَنُّورُ الْخَابزَةِ ، تَنُّورُ آدَمَ عليه السلام كَانَ يَوْمَ حَجَّ نُوحٌ عليه السلام رَأى تَنُّورَ آدَمَ عليه السلام فَحَمَلَهُ مَعَهُ ، وَوَهَبَهُ اللهُ تَعَالَى لَهُ ) . ثمَّ قَالَ لَهُ : إذا رَأَيْتَ الْمَاءَ قَدْ فَاضَ مِنْهُ فَاحْمِلْ فِي السَّفِينَةِ مَا أُمِرْتَ بهِ مِنْ أجْنَاسِ الْحَيْوَانِ ، { مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } ؛ واحمِلْ ؛ { وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ } ؛ بالعذاب وهي امرأتهُ الكافرة وابنهُ كنعان استثنَاهما اللهُ من جُملة أهلهِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمَنْ آمَنَ } ؛ أي احمِلْ مَن آمَنَ معكَ أيضاً في السَّفينة ، وقال ابنُ عبَّاس وعكرمة والزهريُّ : ( مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى : { وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ } أيِ انْبَجَسَ الْمَاءُ عَلَىَ وَجْهِ الأَرْضِ ) . وقال عليٌّ رضي الله عنه : ( وَفَارَ التَنُورُ ؛ أيْ طَلَعَ الْفَجْرُ ) . وقولهُ تعالى : { جَآءَ أَمْرُنَا } أي عذابُنا ، وقولهُ تعالى : { قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } أي احمِلْ في السفينةِ من كلِّ زوجين اثنين ، الذكَرُ زوجٌ والأُنثى زوجٌ ، وهو قولُ الحسنِ ومجاهد وقتادة ؛ قالوا : ( ذكَراً وَأُنْثَى ) . فلما فارَ الماءُ من التَّنورِ أرسلَ الله السماءَ بمطرٍ شديد ، فأقبلتِ الوحوشُ حين أصابَها مطرُ السماءِ إلى نوح وسُخِّرت ، فحَمل في السفينةِ من كلِّ طير زَوجين ، ومن كلِّ وحشٍ زوجين ، وكلِّ دابَّة وبَهيمة زَوجين ، ومن كلِّ سَبُعٍ زوجين ، وحمَلَ من البقرِ والغنم خمسةَ أزواجٍ . وبعثَ اللهُ جبريلَ فقطعَ فِقَارَ العقرب ، وضربَ فمَ الحيَّة فحمَلَها في السَّفينة ، وكانت السماءُ تُمْطِرُ ، وكان هو عندَ قومهِ يحذِّرُهم حتى ابتلَّت أقدامُهم ، وصارَ الماءُ إلى الكعبَين ، ثم حذرَهم حتى صارَ الماءُ إلى نصفِ الساق ، ثم حذرَهم حتى صارَ إلى الرُّكَب وإلى الْحِقْوَيْنِ ، كلُّ ذلك يحذِّرُهم ويُنذِرهم ، وكان يَنُوحُ ويَبكِي عليهم ، وقال ابنُ عبَّاس : ( سُمِّيَ نُوحاً ، لأنَّهُ كَانَ يَنُوحُ عَلَى الإسْلاَمِ حَيْثُ لَمْ يُقِرَّ به قَوْمُهُ ) . فلمَّا بلغَ الماءُ الشِّدْوَةَ قالَ : غَرِقَ قَومِي ، ثم قال لابنهِ كنعانُ : ( يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا ) فكَثُرَ الماءُ حتى صار فوقَ الجبالِ خمسةَ عشر ذِراعاً بالذراع الأول ، وكان للسفينةِ ثلاثةُ أبوابٍ بعضُها أسفل من بعضٍ ، حملَ في الباب الأسفل السِّباع والهوامَّ ، وفي الباب الأوسط الوحْشَ والبهائِمَ ، وفي الباب الأعلَى بني آدمَ ، وكانوا ثمانين إنساناً ، أربعين رجُلاً وأربعين امرأةً ، سِوَى التي غَرِقَتْ ، وثلاثةَ بنين : سَامٌ وحَامٌ وَيَافِثُ ، ونساؤُهم وإثنان وسَبعُون إنساناً فيهم الْخَضِرُ وهو ابنُ بنتِ نوحٍ . واختلَفُوا في مقدار السفينة ، قال الحسنُ : ( كَانَ طُولُهَا ألْفاً وَمِائَتَي ذِرَاعٍ ، وَعَرْضُهَا سِتُّمِائَةِ ذِرَاعٍ ) ، وقال ابنُ عبَّاس : ( كَانَ طُولُهَا ثَلاَثمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا خَمْسِينَ ذِرَِاعاً ، وَارْتِفَاعُهَا ثَلاَثِينَ ) وهو قولُ قتادةَ قال : ( وَكَانَ لَهَا بَابَانِ فِي عَرْضِهَا ) . وقولهُ تعالى : { وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ } أي واحمِلْ أهلَكَ ، يعني ولدَهُ وعياله ، { إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ } يعني امرأتَهُ وأهله وابنهُ كنعان ، و { وَمَنْ آمَنَ } يعني واحمِلْ مَنْ آمنَ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ } ؛ أي إلا نفرٌ قليل ، قِيْلَ : ثَمانون إنساناً ، وَقِيْلَ : ثلاثةُ بنين وثلاثُ كَنَائِن ، الكَنَائِنُ : زوجاتُ البَنِين ، وقال ابنُ جريج : ( كَانُوا ثَمَانِيَةَ أنْفُسٍ ) .