Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 49-50)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } هذا خبرٌ من يوسف عليه السلام عما لم يكن في رُؤيا الملِك ، ولكنه من علمِ الغيب الذي آتَاهُ الله إياه ، كما قال قتادةُ : ( زَادَهُ اللهُ عِلْماً سَنَةً لَمْ يَسْأَلُوهُ عَنْهَا ) . والمعنى : أنَّ يوسف عليه السلام قالَ له : ثم يأتِي من بعدِ هذه السنين الأربعَةَ عشرةَ ، سنةٌ فيها يغاثُ الناس . يجوز أن يكون هذا من الغَوْثِ ؛ أي يُغِيثُ اللهَ في تلك السَّنة عبادَهُ فتزَكُوا فيها زرُوعَهم وفَواكههم وأعنَابُهم . ويجوز أن يكون من الغَيْثِ وهو المطرُ ؛ أي آتَاهُم اللهُ بالأمطارِ والخصب في تلك السَّنة . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } قرأ أهلُ الكوفة إلاَّ عَاصِماً بالتَّاء ؛ لأن الكلامَ كلَّه خطابٌ ، وقرأ الباقون بالياءِ ردَّهُ إلى الناسِ ، قال أكثرُ المفسِّرين : يَعْصِرُونَ العِنَبَ خَمْراً ، والزيتونَ زَيْتاً ، والسمسُمَ دُهناً ، وهنا أراد يعصِرون الأعنابَ والأثمارَ والحبوب من كثرةِ الغيثِ والخير . وَقِيْلَ : معناهُ : يَنْجُونَ من البلاءِ والشدَّة ، والعُصْرَةُ النجاةُ والملجَأُ ، وقال الشاعر : @ صَادِياً يَسْتَغِيثُ غَيْرَ مُغَاثٍ وَلَقَدْ كَانَ عُصْرَةَ الْمَنْجُودِ @@ ومَن قرأ ( يُعْصَرُونَ ) بضمِّ الياء ونصب الصاد ، فمعناهُ يُعْصَرُونَ من قولهِ { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً } [ النبأ : 14 ] . فلمَّا رجعَ الرسولُ إليه وأخبرَهُ بمقالتهِ ، قالَ الملِكُ : ائْتُونِي به ، فذلكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ } ؛ قال له : إن الملِكَ يدعُوكَ ، { قَالَ } ؛ له يوسفُ : { ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ } ؛ سيِّدِكَ الملكِ ، { فَاسْأَلْهُ } ؛ حتى يسألَ ، { مَا بَالُ } ، عن شأنِ ، { ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } ؛ أكُنَّ صادقاتٍ على يُوسُفَ أم كاذباتٍ عليه ، وليعلمَ صحَّةَ بَراءَتِي ، وأنِّي مظلومٌ بالحبسِ ، وأبَى أن يخرُجَ مع الرسولِ ، { إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ } ؛ وعن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لَقَدْ عَجِبْتُ مِنْ صَبْرِ أخِي يُوسُفَ وَكَرَمِهِ ، وَلَوْ كُنْتُ أنَا الَّذِي دُعِيتُ إلَى الْخُرُوجِ لَبَادَرْتُهُمْ إلَى الْبَاب ، وَلَكِنَّهُ أحَبَّ أنْ يَكُونَ لَهُ الْعُذْرُ " .