Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 16-17)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ } ؛ معناهُ أمامَ هذا الجبَّارِ بعدَ الموتِ جهنَّمُ ، والوراءُ يكون من خَلْفٍ وقُدَّامٍ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيُسْقَىٰ مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ } ؛ أي يُسقَى من ماءٍ يَسِيلُ من جُلودِ أهلِ النَّار من القيحِ والدَّمِ ، قال ابنُ عبَّاس : ( فِي جَهَنَّمَ أوْدِيَةٌ ، فِي تِلْكَ الأَوْدِيَةِ صَدِيدُ أهْلِ النَّار وَقَيْحُهُمْ وَدِمَاؤُهُمْ ، فَيُسْقَوْنَ مِنْ ذلِكَ الصَّدِيدِ قَدْ نَتَنَ رِيْحُهُ ) { يَتَجَرَّعُهُ } ؛ شارِبهُ ، والملَكُ يضربهُ بالمقامعِ ويقولُ له : اشرب ، فيقولُ : لاَ أُطِيقهُ ، فيضربهُ حتى يشربَهُ جرعةً جرعةً ، ولا يكاد يسيغهُ من نتنه وحرِّه . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ } ؛ لا يقدرُ أن يبتلعَهُ ، والإسَاغَةُ هو دخولُ المشروب في حَلقهِ مع قَبُولِ النفسِ له ، وفي الحديثِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قالَ : " يُقَرَّبُ إلَيْهِ فَيَكْرَهُهُ ، فَإذا أُدْنِيَ مِنْهُ شَوَى وَجْهَهُ ، وَوَقَعَتْ فَرْوَةُ رَأسِهِ فِيْهِ ، فَإذا شَرِبَهُ قَطَّعَ أمْعَاءَهُ ، فَتَخْرُجُ أمْعَاؤُهُ مِنَ الْجَانِب الآخَرِ " كما قال تعالى : { وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ } [ محمد : 15 ] . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ } ؛ أي ويأْتيهِ غَمُّ الموتِ من قدامه ، ومن كلِّ مكان كان فيه يموتُ بدون ذلك في الدُّنيا ، قال ابنُ عبَّاس : ( يَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ تَحْتِ كُلِّ شَعْرَةٍ فِي جَسَدِهِ ) . قِيْلَ : وتأتيهِ النيرانُ من كلِّ جانبٍ ، { وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ } ، فيستريحُ من العذاب ، { وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ } ؛ أي ومن بعدِ ذلك عذابٌ شديد أشدُّ مما تقدَّمَ لا ينقطعُ ولا يَفْتُرُ .