Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 89-93)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَقُلْ إِنِّيۤ أَنَا ٱلنَّذِيرُ ٱلْمُبِينُ } ؛ أي الْمُعَلِّمُ بموضعِ المخافة ، الْمُبينُ لكم بلُغةٍ تصدِّقونَها . قَوْلُهُ تَعَالَى : { كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى ٱلْمُقْتَسِمِينَ } ؛ قال الحسنُ : ( مَعْنَاهُ : وَأنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ كَمَا أنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ وَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ) . سَمَّاهم مُقتَسِمينَ ؛ لأنَّهم اقتَسَموا كُتُبَ اللهِ تعالى ، فآمَنُوا ببعضِها وكَفَرُوا ببعضِها ، وهمُ ، { ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْآنَ عِضِينَ } ؛ أي فرَّقوهُ فآمَنُوا ببعضهِ وهو ما وافقَ دينَهم ، وكفَرُوا ببعضهِ وهو ما خالفَ دينهم . وقال بعضُهم : رهطٌ من أهلِ مكَّة ، قال مقاتلُ : ( سِتَّةَ عَشَرَ رَجُلاً بَعَثَهُمُ الْوَلِيدُ ابْنُ الْمُغِيرَةِ أيَّامَ الْمَوْسِمِ ، فَاقْتَسَمُواْ الأعْقَابَ ، وَقَعَدُواْ عَلَى طَرِيقِهَا ، فَإذا جَاءَ الْحُجَّاجُ قَالَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ : لاَ تَغْتَرُّوا بهَذا الْخَارجِ مِنَّا الْمُدَّعِي النُّبُوَّةَ فَإنَّهُ مَجْنُونٌ ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى عَلَى طَرِيقٍ أُخْرَى : إنَّهُ كَاهِنٌ ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى : شَاعِرٌ ، وَالْوَلِيدُ قَاعِدٌ عَلَى بَاب الْمَسْجِدِ نَصَّبُوهُ حَكَماً ، فَإذا سُئِلَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : صَدَقَ أُوْلَئِكَ يَعْنِي الْمُقْتَسِمِينَ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْآنَ عِضِينَ } هم هؤلاءِ المقتَسِمين جَزَّءُوا القرآنَ ، فقالَ بعضُهم : سحرٌ ، وقال بعضهم : كَذِبٌ ، وقال بعضُهم : شِعرٌ ، وقال بعضُهم : أساطيرُ الأوَّلين ، وقال بعضُهم : مُفترَى . ومعنى التَّعْضِيَة : التفريقُ ، يقالُ : عَضَيْتُ الشيءَ إذا فرَّقتَهُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } ؛ أي في الآخرةِ ، { عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ؛ مِن تفريقِ القرآن ، وصَرفِهم الناسَ عن دينِ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم . وعن أنسٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم وفي هذهِ الآية قالَ : " فَوَرَبكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ قَوْلِ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ " وَقَالَ عبدُالله : ( وَالَّذِي لاَ إلَهَ غَيْرُهُ مَا مِنْكُمْ أحَدٌ إلاَّ وَيَسْأَلُهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ : يَا ابْنَ آدَمَ مَاذا عَمِلْتَ ؟ يَا ابْنَ آدَمَ مَاذا أجَبْتَ الْمُرْسَلِينَ ) . واعترضت الْمُلْحِدَةُ على هذه الآيةِ ، وعلى قولهِ تعالى { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } [ الرحمن : 39 ] وحكَمُوا عليهم بالتناقُضِ ! والجوابُ : إنه لا يقالُ لهم هل عملتم كذا ؛ لأنه أعلَمُ بذلكَ منهم ، ولكن نقولُ لَهم : لِمَ عملتم كذا ، وقال قطربُ : ( السُّؤَالُ عَلَى ضَرْبَيْنِ : سُؤَالُ اسْتِعْلاَمٍ وَاسْتِخْبَارٍ ، وَسُؤَالُ تَقْرِيرٍ وَتَوْبيخٍ ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى : { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } [ الرحمن : 39 ] يَعْنِي لاَ يَسْأَلُهُمْ سُؤَالَ اسْتِخْبَارٍ ؛ لأنَّهُ عَالِمٌ قَبْلَ أنْ يَخْلِقَهُمْ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } سُؤَالُ تَقْرِيرٍ وَتَقْرِيعٍ ) .