Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 96-97)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ } ؛ أي يَفْنَى ولا يبقَى ، { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ } ؛ من الثواب في الآخرةِ على الوفاء ، { بَاقٍ } ، هو خيرٌ لكم مما عندَكم يدومُ ويبقى . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلَنَجْزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوۤاْ } ؛ قرأ ابنُ كثيرٍ وعاصم بالنُّون ، وقرأ الباقون بالياءِ ، ومعناهُ : الذين صَبَروا على الوفاءِ وعلى الطاعةِ ، { أَجْرَهُمْ } ؛ بالطاعاتِ ، { بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ؛ دون إسرَارِها ، ويعفُو عن سيِّئاتِها . قال ابنُ عبَّاس : " ( وَذلِكَ أنَّ رَجُلاً مِنْ حَضْرَمَوْتَ يُقَالُ لَهُ عِيدَانُ بْنُ الأَشْوَعِ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ الْكِنْدِيَّ جَاوَرَنِي فِي أرْضِي فَاقْتَطَعَهَا ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " لِيَشْهَدْ لَكَ أحْدٌ " قَالَ : إنَّ الْقَوْمَ كُلَّهُمْ يَعْلَمُونَ أنِّي صَادِقٌ ، وَلَكِنَّهُ أكْرَمُ عَلَيْهِمْ مِنِّي ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلأَشْعَثِ : " مَا يَقُولُ صَاحِبُكَ ؟ " قَالَ : الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : " أتَحْلِفُ ؟ " قَالَ : نَعَمْ ، فَهَمَّ بالْحَلْفِ . فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ : { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً … } إلَى آخِرِ الآيَتَيْنِ . فَقَرَأهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الأَشْعَثِ فَقَالَ : أمَّا مَا عِنْدِي فَيَنْفَذُ ، وَأمَّا مَا بصَاحِبي فَيُجْزَى بأَحْسَنَ مَا كَانَ يَعْمَلُ ، اللَّهُمَّ إنَّهُ صَادِقٌ فِي مَا قَالَ ، لَقَدِ اقْتَطَعْتُ أرْضَهُ ، وَاللهِ مَا أدْري كَمْ هِيَ ، وَلَكِنْ يَأْخُذُ مَا شَاءَ مِنْ أرْضِي وَمِثْلَهَا مَعَهَا بمَا أكَلْتُ مِنْ ثَمَرِهَا " فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ بَعْدَ ذلِكَ فِي الأَشْعَثِ : قَوْلُهُ تَعَالَى : { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ } ؛ أي مَن عَمِلَ صَالحاً فيما بينه وبين ربهِ وأقرَّ بالحقِّ وهو مع ذلك مؤمنٌ { فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، قِيْلَ : المرادُ بها القَنَاعَةُ بما يُؤتَى من الرِّزق الحلالِ ، كما رُوي عن وهب بن مُنبه أنه قالَ : ( الْحَيَاةُ الطَّيِّبَةُ هِيَ الْقَنَاعَةُ بمَا رُزقَ ) . وَقِيْلَ : هي أنْ يكون صدرهُ مُنفَرِجاً بما يعتقدهُ من دلائلِ الله تعالى ، وبما يعرفهُ من وجوب مفارقةِ المعاصي ، فيصيرُ قليلَ الْهَمِّ في أمورِ دنياهُ . وَقِيْلَ : الحياة الطيِّبة الجنةُ ؛ لأنه لم يَطِبْ لأحدٍ حياةً إلاّ فيها .