Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 1-1)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَا ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ } ؛ أي سُبحان الذي أسْرَى بعبدهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم في ليلةٍ واحدة من مَسجِدِ مكَّة إلى مسجدِ بيتِ المقدس . وسُمِّي مسجدُ بيتِ المقدس المسجدَ الأقصى ؛ لأنه لم يكن وراءَهُ مسجدٌ يُعْبَدُ اللهُ فيه . وقيل : لأنه أبعدُ المساجدِ التي تُزار ، قالَ صلى الله عليه وسلم : " أنَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْحِجْرِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ ، إذْ أتَانِي جِبْرِيلُ بالْبُرَاقِ … " وذكرَ حديث المعراجِ . وقال ابنُ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : ( أُسْرِيَ بهِ مِنْ بَيْتِ أُمِّ هَانِئ بنْتِ أبي طَالِبٍ أُخْتِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ ، وَالْحَرَمُ كُلُّهُ مَسْجِدٌ ) . وعن الكلبي عن أبي صالحٍ عن أُمِّ هانئ أنَّها كانت تقولُ : ( مَا أُسْرِيَ برَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلاَّ وَهُوَ فِي بَيْتٍ ) ، قال مقاتلُ : ( كَانَ الإسْرَاءُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بسَنَةٍ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ } صفةُ بيتِ المقدسِ ، بارَكَ الله فيما حولَهُ بالأشجار والأثمار والأنهار حتى لا يحتَاجُون إلى أنْ يُجلَبَ إليهم من موضعٍ آخر : وَقِيْلَ : يَعْنِي { بَارَكْنَا حَوْلَهُ } : جعلنَاهُ مَوضعاً للأنبياءِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ ، وفيه مَهبطُ الملائكةِ ، وفيه الوحيُ ، وفيه الصَّخرةُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ } ؛ أي من عَجائب قُدرَتِنا ، { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ } ؛ لمقالةِ قُريشٍ وإنكارِهم { ٱلبَصِيرُ } ؛ بهم وبأعمالهم . قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " لَمَّا كَانَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي وَأنَا بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ ، جَاءَنِي جِبْرِيلُ عليه السلام وَقَالَ لِي : يَا مُحَمَّدُ قُمْ ، فَقُمْتُ فَإذا جِبْرِيلُ مَعَهُ مِيكَائِيلُ ، فَقَالَ لِي : تَوَضَّأْ ، فَتَوَضَّأْتُ ، ثُمَّ قَالَ لِي : انْطَلِقْ يَا مُحَمَّدُ ، فَقُلْتُ : إلَى أيْنَ ؟ فَقَالَ : إلَى رَبكَ . فَأَخَذ بيَدِي وَأخْرَجَنِي مِنَ الْمَسْجِدِ ، فَإذا بالْبُرَاقِ دَابَّةٌ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ ، خَدُّهُ كَخَدِّ الإنْسَانِ ، وَذنَبُهُ كَذنَبِ الْبَعِيرِ ، وَأظْلاَفُهُ كَأَظْلاَفِ الْبَقَرِ ، وَصَدْرُهُ كَأَنَّهُ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ ، وَظَهْرُهُ كَأَنَّهُ دُرَّةٌ بَيْضَاءُ ، عَلَيْهِ رَحْلٌ مِنْ رحَالِ الْجَنَّةِ ، خَطْوُهُ مُنْتَهَى طَرْفِهِ . فَقَالَ لِي : ارْكَبْ ، فَلَمَّا وَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ شَمَسَ ، فَقَالَ جِبْرِيلُ : مَهْلاً يَا بُرَاقُ ؛ أمَا تَسْتَحِي ! فَوَاللهِ مَا رَكِبَكَ نَبيٌّ أكْرَمُ عَلَى اللهِ مِنْ هَذا ، هُوَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم . فَارْتَعَشَ الْبُرَاقُ ، وَتَصَبَّبَ عَرَقاً حَيَاءً مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ خَفَضَ حَتَّى لَزَقَ بالأَرْضِ ، فَرَكِبْتُهُ وَاسْتَوَيْتُ عَلَى ظَهْرِهِ . قَامَ جِبْرِيلُ نَحْوَ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى يَخْطُو مَدَّ الْبَصَرِ ، وَالْبُرَاقُ يَتْبَعُهُ لاَ يَفُوتُ أحَدُهُمَا الآخَرَ حَتَّى أتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، فَإذا بالْمَلاَئِكَةِ قَدْ نَزَلُوا مِنَ السَّمَاءِ يَتَلَقَّوْنِي بالْبشَارَةِ وَالْكَرَامَةِ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، فَلَمَّا وَصَلْتُ بَابَ الْمَسْجِدِ أنْزَلَنِي جِبْرِيلُ ، وَرَبَطَ الْبُرَاقَ بالْحَلَقَةِ الَّتِي كَانَتْ تَرْبطُ بهَا الأَنْبيَاءُ ، وَكَانَ لِلبُراقِ خِطَامٌ مِنْ حَرِيرِ الْجَنَّةِ ، فَصَلَّيْتُ فِي الْمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ ، وَالْمَلاَئِكَةُ خَلْفِي صُفُوفاً يُصَلُّونَ مَعِي . ثُمَّ أخَذ جِبْرِيلُ بيَدِي ، وَانْطَلَقَ بي إلَى الصَّخْرَةِ فَصَعَدَ بي عَلَيْهَا . وَإذا مِعْرَاجٌ أصْلُهُ عَلَى صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَرَأسُهُ مُلْتَصِقٌ بالسَّمَاءِ ، إحْدَى عَارِضَيْهِ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاء وَالأُخْرَى زُبُرْجُدَةٌ خَضْرَاءُ ، وَدَرْجُهُ زُمُرُّدٌ مُكَلَّلٌ بالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ ، فَاحْتَمَلَنِي جِبْرِيلُ حَتَّى وَضَعَنِي عَلَى جَنَاحَيْهِ ، ثُمَّ صَعَدَ بي ذلِكَ الْمِعْرَاجَ حَتَّى وَصَلَ بي إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا . فَقَرَعَ الْبَابَ فَقِيلَ : مَنْ هَذا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قَالُوْا : مَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم . فَفَتَحُواْ الْبَابَ فَدَخَلْنَا ، فَقَالُواْ : مَرْحَباً وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : فَأَتَيْتُ عَلَى آدَمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذا ؟ قَالَ : أبُوكَ آدَمُ ، فَسَلَّمْتُ عَلِيْهِ فَقَالَ : مَرْحَباً بكَ ، بالابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبيِّ الصَّالِحِ . ثُمَّ انْطَلَقْنَا حَتَّى أتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَفَتَحُواْ لَنَا وَقَالُواْ : مَرْحَباً برَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ رَسُولُ اللهِ ، فَأَتَيْتُ عَلَى عِيسَى وَيَحْيَى فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذانِ ؟ قَالَ : عِيسَى وَيَحْيَى ابْنَا الْخَالَةِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمَا ، فَقَالاَ : مَرْحَباً بالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبيِّ الصَّالِحِ . ثُمَّ انْطَلَقْنَا إلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ ، فَقَالُواْ : مَنْ هَذا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ وَمَعِي مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم ، فَفَتَحُواْ وَقَالُواْ : مَرْحَباً بهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ ، قَالَ : فَأَتَيْتُ عَلَى يُوسُفَ عليه السلام فَقَالَ : مَرْحَباً بالأَخِ الصَّالِحِ . ثُمَّ أتَيْنَا السَّمَاءَ الرَّابعَةَ فَكَانَ مِنَ الاسْتِفْتَاحِ وَالْجَوَاب مِثْلَ مَا تَقَدَّمْ ، فَوَجَدْتُ إدْريسَ فَقَالَ لِي : مَرْحَباً بالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبيِّ الصَّالِحِ . وَفِي السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ وَجَدْتُ هَارُونَ فَقَالَ لِي كَذلِكَ ، وَفِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ وَجَدْتُ مُوسَى فَقَالَ لِي كَذلِكَ ، وَفِي السَّمَاءِ السَّابعَةِ وَجَدْتُ إبْرَاهِيمَ فَقَالَ لِي : مَرْحَباً بالابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبيِّ الصَّالِحِ . ثُمَّ رُفِعْتُ إلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ، وَإنَّ نَبقَهَا مِثْلَ قِلاَلِ هَجَرٍ ، وَوَرَقُهَا كَأَذانِ الْفِيَلَةِ ، وَرَأيِْتُ أرْبَعَةَ أنْهَارٍ تَجْرِي مِنْ أصْلِهَا ، فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الأَنْهَارِ ؟ فَقَالَ : النَّهْرَانِ الْبَاطِنَانِ فِي الْجَنَّةِ ، وأمَّا النَّهْرَانِ الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ ، وَفِيهَا مَلاَئِكَةٌ لاَ يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ إلاَّ اللهُ ، وَمَقَامُ جِبْرِيلَ فِي وَسَطِهَا ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إلَيْهَا فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ : تَقَدَّمْ ، فَقُلْتُ : تَقَدَّمْ أنْتَ يَا جِبْرِيلُ ! فَقَالَ : بَلْ تَقَدَّمْ أنْتَ يَا مُحَمَّدُ ؛ فَأَنْتَ أكْرَمُ عَلَى اللهِ مِنِّي . قَالَ : فَتَقَدَّمْتُ وَجِبْرِيلُ عَلَى إثْرِي حَتَّى انْتِهَائِي إلَى حِجَابٍ مِنْ ذهَبٍ ، فَحَرَّكَهُ ، فَقِيلَ : مَنْ هَذا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ وَمَعِي مُحَمَّدٌ ، فَأَخْرَجَ الْمَلَكُ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الْحِجَاب ، فَاحْتَمَلَنِي وَتَخَلَّفَ جِبْرِيلُ ، فَقُلْتُ : إلَى أيْنَ ؟ فَقَالَ : وَمَا مِنَّا إلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ ، وَإنَّمَا أُذِنَ لِي فِي الدُّنُوِّ مِنَ الْحِجَاب لإكْرَامِكَ وَإجْلاَلِكَ . فَانْطَلَقَ بي الْمَلَكُ فِي أسْرَعِ مِنْ طُرْفَةِ عَيْنٍ إلَى حِجَابٍ آخَرَ ، فَحَرَّكَهُ فَقَالَ الْمَلَكُ : مَنْ هَذا ؟ فَقَالَ : هَذا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعِي ، فَأخْرَجَ يَدَهُ مِنَ الْحِجَاب ، فَاحْتَمَلَنِي حَتَّى وَسِعَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ . فَلَمْ أزَلْ كَذلِكَ مِنْ حِجَابٍ إلَى حِجَابٍ حَتَّى سَبْعِينَ حِجَاباً ، غِلْظُ كُلِّ حِجَابٍ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ ، وَمَا بَيْنَ الْحِجَاب إلَى الْحِجَاب خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ ، ثُمَّ احْتُمْلِتُ إلَى الْعَرْشِ " فانتهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى حيثُ شاءَ اللهُ ، ورأى من العجائب والقدرة ما شاءَ اللهُ . قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " أُمِرْتُ بخَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى أتَيْتُ مُوسَى ، فَسَأَلَنِي : بمَ أُمِرْتَ ؟ فَقُلْتُ : بخَمْسِينَ صَلاَةً ، فَقَالَ : إنَّ أُمَّتَكَ لاَ يُطِيقُونَ ذلِكَ ، فَارْجِعْ إلَى رَبكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ ، فَقَالَ : فَرَجَعْتُ إلَى رَبي فَحَطَّ عَنِّي خَمْساً ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى أتَيْتُ مُوسَى فَذكَرْتُ لَهُ ذلِكَ ، فَقَالَ لِي : ارْجِعْ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ ، فَرَجَعْتُ فَحَطَّ عَنِّي خَمْساً أُخْرَى ، فَلَم أزَلْ كَذلِكَ يَقُولُ لِي مُوسَى : ارْجِعْ وَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ ، وَأنَا أرْجِعُ حَتَّى بَقِيَتْ خَمْسُ صَلَوَاتٍ ، فَقَالَ لِي مُوسَى : اسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ ، فَقُلْتُ لَهُ : لَقَدْ رَجَعْتُ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبي ، فَنُودِيتُ : أنْ قَدْ أمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَلَى عِبَادِي وَجَعَلْتُ كُلَّ حَسَنَةٍ بعَشْرِ أمْثَالِهَا " . قال ابنُ عبَّاس : " ( فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ اللَّيْلِ إلَى مَكَّةَ وَأخْبَرَ قُرَيْشاً كَذبُوهُ ، ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنْ صِفَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَمَا كَانَ عَنْ يَمِينِهِ حِينَ دَخَلَ ، وَمَا كَانَ عَنْ يَسَارهِ حِينَ خَرَجَ ، وَمَا اسْتَقْبَلَهُ ، فَأَخْبَرَهُمْ بصِفَاتِهَا كُلِّهَا ، وَقَالَ : " مَرَرْتُ عَلَى عِير بَنِي فُلاَنٍ ، وَهِيَ بالرَّوْحَاءِ وَقَدْ أضَلُّوا بَعِيراً لَهُمْ وَهُمْ فِي طَلَبهِ " قَالُواْ : فَأَخْبرْنَا عَنْ عِيرنَا نَحْنُ ، قَالَ : مَرَرْتُ بهَا بالتَّنْعِيمِ ، قَالُواْ : فَمَا عِدَّتُهَا وَأحْمَالُهَا وَهَيْئَتُهَا ؟ قَالَ : " كَذا وَكَذا ، وَفِيهَا فُلاَنٌ ، وَتَقَدَّمَهَا جَمَلٌ أوْرَقُ عَلَيْهِ غِرَارَتَانِ مَخِيطَاَنِ ، تَطْلُعُ عَلَيْكُمْ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ " . قال : فَخَرَجُواْ يَشْتَدُّونَ نَحْوَ التَّثْنِيَةِ وَهُمْ يَقُولُونَ : لَقَدْ وَصَفَ مُحَمَّدٌ شَيْئاً فَسَنُكَذِّبُهُ ، فَلَمَّا أتَّوا كِدَاءً جَلَسُوا عَلَيْهَا ، فَجَعَلُوا يَنْظُرُونَ مَتَى تَطْلُعُ الشَّمْسُ فَيُكَذِّبُوهُ ، إذْ قَائِلٌ مِنْهُمْ يَقُولُ : هَذِهِ وَاللهِ الشَّمْسُ قَدْ طَلَعَتْ ، وَقَالَ آخَرُ : وَهَذِهِ الْعِيرُ قَدْ طَلَعَتْ يَقْدِمُهَا بَعِيرٌ أوْرَقُ ، فِيهَا فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ كَمَا قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمْ يُؤْمِنُواْ وَلَمْ يُفْلِحُواْ ) " . وَسَعَى نَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إلَى أبي بَكْرٍ وَقَالُواْ : هَذا صَاحِبُكَ يَزْعُمُ أنَّهُ قَدْ أُسْرِيَ بهِ اللَّيْلَةَ إلَى الشَّامِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَرَجَعَ قَبْلَ الصُّبْحِ ، قَالَ : ( فَكَيْفَ لاَ أُصَدِّقُهُ عَلَى ذلِكَ ؟ ! ) قَالُواْ : أتُصَدِّقُهُ أنَّهُ ذهَبَ إلَى الشَّامِ ؟ فَقَالَ : ( إنْ كَانَ قَالَ ذلِكَ فَقَدْ صَدَقَ ) قَالُواْ : أتُصَدِّقُهُ أنَّهُ ذهَبَ إلَى الشَّامِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَرَجَعَ قَبْلَ الصُّبْحِ ؟ قَالَ : ( فَكَيْفَ لاَ أُصَدِّقُهُ عَلَى ذلِكَ ) فَسُمِّيَ أبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ . وأما المشرِكُون فقالوا : ما سَمعنا بهذا قطّ ، إنْ هذا إلا سحرٌ مبين . فإنْ قِيْلَ إنما قالَ اللهُ { أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَا } فلِمَ قُلتم أسرى به إلى السَّماء ؟ قُلنا : الأخبارُ في ذلك متواترةٌ ظاهرة ، وما ذكَرَهُ في سورةِ النجم دليلٌ على صحَّة ذلك .