Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 45-46)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً } ؛ نزلَ في قومٍ من المشركين كادوا يُؤذُونَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآنَ ، قال الكلبيُّ : ( هُمْ أبُو سُفْيَانَ وَالنَّضْرُ بنُ الْحَرِثِ وَأبُو جَهْلٍ وَأُمُّ جَمِيلٍ امْرَأةُ أبي لَهَبٍ ، حَجَبَ اللهُ رَسُولَهُ عَنْ أبْصَارِهِمْ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ، وَكَانُواْ يَأْتُونَهُ وَيَمُرُّونَ بهِ وَلاَ يَرَوْنَهُ ) وعن سعيدِ بن جُبير قال : " لَمَّا نَزَلَتْ { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } جَاءَتِ امْرَأةُ أبي لَهَبٍ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ أبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ تَجَنَّبْتَ عَنِ امْرَأةِ أبي لَهَبٍ لِئَلاَّ تُسْمِعَكَ ، فَإنَّهَا امْرَأةٌ نَدِيَّةٌ ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " إنَّّهُ سَيُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا " فَجَاءَتْ أُمُّ جَمِيلٍ وَلَهَا وَلْوَلَةٌ وَفِي يَدِهَا فِهْرٌ ، وَهِيَ تَقُولُ : هَذا مِمَّا أبَيْنَا وَدِينِهِ قَلَيْنَا وَأمْرِهِ عَصَيْنَا . وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ وَأبُو بَكْرٍ إلَى جَنْبهِ . فَقَالَ أبُو بَكْرٍ رضي الله عنه : لَقَدْ أقْبَلَتْ هَذِهِ وَأنَا أخَافُ أنْ تَرَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : إنَّهَا لَنْ تَرَانِي ، وَقَرَأ { وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً } . قَالَ : فَجَاءَتْ حَتَّى قَامَتْ عِنْدَ أبي بَكْرٍ وَلَمْ تَرَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ : يَا أبَا بَكْرٍ بَلَغَنِي أنَّ صَاحِبَكَ هَجَانِي ، فَقَالَ : لاَ وَرَب الْبَيْتِ مَا هَجَاكِ ، فَانْدَفَعَتْ رَاجِعَةً ، فَقَالَ أبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللهِ أمَا رَأتْكَ ؟ قَالَ : " لا " . قال : لِمَ ؟ قَالَ : " نَزَلَ مَلَكٌ بَيْنِي وَبَيْنَهَا يَسْتُرُنِي حَتَّى ذهَبْتُ " " . قَوْلُهُ تَعَالَى : { حِجَاباً مَّسْتُوراً } أي سَاتِراً لَهم عن إدراكهِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ } ؛ أي منعناهم عن تدبُّرِ كلامِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في وقتٍ مخصوصٍ ، وهو الوقتُ الذي أرادوا إيذاءَهُ فيهِ ، { وَفِيۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً } ؛ ففِي ذلك الوقتِ صرَفنا آذانَهم عن الاستماعِ إليه ، والمعنى : طبَعنا على قُلوبهم . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي ٱلْقُرْءَانِ وَحْدَهُ } ؛ يعني إذا قُلتَ : لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ ، وأنتَ تَتلُو القرآنَ ، { وَلَّوْاْ عَلَىٰ أَدْبَٰرِهِمْ نُفُوراً } ، قال ابنُ عبَّاس : ( كَارهِينَ أنْ يُوَحِّدُواْ اللهَ ) ، وقال قتادةُ : " إنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَالَ : لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ ، أنْكَرَ ذلِكَ الْمُشْرِكُونَ ، وَكَبُرَ عَلَيْهِمْ " والمعنى : انصَرَفُوا عنكَ هاربين ؛ كراهةً لما يسمعونَهُ من توحيدِ الله .