Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 50-52)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } ؛ أي قُل لَهم يا مُحَمَّدُ : كونُوا حجارةً إنْ قَدرتُم عليها ، أو أشدَّ منها بأن تكُونوا حَديداً ، أو أقوَى من الحديدِ ؛ { أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ } ؛ أو أيَّ شيءٍ من الخلقِ نحوَ السَّماوات والأرضِ والجبالِ ، فإنِّي أُعيدكم لا محالةَ إلى ما كُنتم عليهِ من قَبْل . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا } أي إذا قُلْتَ لهم ذلكَ فسيقولون لكَ : مَن يُعِيدُنا ؟ { قُلِ } ؛ لَهم : يُعِيدُكم ، { ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } ؛ لأنَّ مَن قَدَرَ على البناءِ كان على الهدمِ أقدرَ ، ومَن قدر على ابتداءِ الشيء كان على إعادتهِ أقدرَ . قولهُ : { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ } ؛ أي فسيُحرِّكون إليكَ رُؤوسَهم تعجُّباً لقولِكَ ، والإنْغَاضُ : تحرُّكُ الرأس بالارتفاع والانخفاضِ على جهة الاستهزاءِ والاستبطاء ، { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ } ؛ أي متى تكون الإعادةُ ، { قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً } ؛ أي قل عسى أن تكون الإعادةُ قريبةً ، و ( عَسَى ) مِن الله واجبةٌ ، { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } ؛ في النَّفخةِ الثانية ، فتجيبون دَاعِيَ اللهِ حامِدين لله ، قال سعيدُ بن جبير : ( يَخْرُجُونَ مِنْ قُبُورهِمْ يَقُولُونَ : سُبْحَانَكَ وَبحَمْدِكَ ، وَلاَ يَنْفَعُهُمْ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ ؛ لأَنَّهُمْ حَمَدُوا حِينَ لاَ يَنْفَعُهُمُ الْحَمْدُ ) . قولهُ : { وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً } ؛ أي تظُنون أنَّكم لم تلبَثُوا في الدُّنيا إلا قَليلاً لسُرعةِ انقلاب الدُّنيا إلى الآخرةِ ، كما قال الحسنُ : ( كَأَنَّكَ بالدُّنْيَا وَلَمْ تَكُنْ وَبالآخِرَةِ وَلَمْ تَزَلْ ) . ومِن المفسِّرين مَن قالَ : هذه الآية خطابٌ للمؤمنِين ؛ لأنَّهم يستَجيبون للهِ بحمده على إحسانهِ إليهم ، كما قالَ صلى الله عليه وسلم : " كَأَنِّي بأَهْلِ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَهُمْ يَنْفِضُونَ التُّرَابَ عَنْ رُؤُوسِهِمْ وَيَقُولُونَ : الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ " .