Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 74-76)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً } ؛ أي لقد كِدْتَ تَميلُ إليهم ، قال ابنُ عبَّاس : ( يَعْنِي حِينَ سَكَتَّ عَنْ جَوَابهِمْ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ ٱلْحَيَاةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ } ؛ أي إنَّكَ لو مِلْتَ إليهم لأذقناكَ ضِعْفَ عذاب الدُّنيا ، وضعفَ عذاب الآخرة ، يريدُ عذابَ الآخرةِ ضِعْفَ ما يُعذبُ به غيرهُ ، { ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً } ؛ أي مَانِعاً يَمنعُنَا من تعذيبكَ ، قال ابنُ عبَّاس : ( وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعْصُومٌ ، وَلَكِنْ هَذا تَخْوِيفاً لأُمَّتِهِ ؛ لِئَلاَّ يَرْكَنَ أحَدٌ منَ الْمُؤْمِنِينَ إلَى أحَدٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ أحْكَامِ اللهِ تَعاَلَى وَشَرَائِعِهِ ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : " اللَّهُمَّ لاَ تَكِلْنِي إلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ ، وَلاَ أدْنَى مِنْ ذلِكَ " . وذهبَ السديُّ في هذه الآياتِ : ( إلَى أنَّ قُرَيْشاً قَالَتْ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : إنَّكَ تَرْفُضُ آلِهَتَنَا كُلَّ الرَّفْضِ ، فَلَوْ أنَّكَ تأْتِيهَا وَتَلْمِسُهَا وَتَبْعَثُ بَعْضَ وَلَدِكَ فَيَمْسَحُهَا ، كَانَ أرَقَّ لِقُلُوبنَا وَأحْرَى أنْ نَتَّبعَكَ ! فَهَمَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يَبْعَثَ بَعْضَ وَلَدِهِ فَيَمْسَحَهَا ، فَنَهَاهُ اللهُ عَنْ ذلِكَ ) . ويقال : إنَّهم قالوا : أُطْرُدْ سِقَاطَ الناسِ وموالِيهم ، هؤلاءِ الذين رائحتُهم كرائحةِ الضَّأنِ حتى نتَّبعَكَ ، فَهَمَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يفعلَ رجاءَ أن يُسلِمُوا ، فأنزلَ اللهُ هذه الآياتِ . وقولهُ تعالى : { وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا } ؛ وذلك أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لِمَّا قَدِمَ المدينةَ ، حسَدَتْهُ اليهودُ قالوا له : يَا مُحَمَّدُ أنَبيٌّ أنْتَ ؟ فَقَالَ : " نَعَمْ " قَالُواْ لَهُ : وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَذِهِ بأرْضِ الأَنْبيَاءِ ، وَإنَّ أرْضَ الأَنْبيَاءِ الشَّامُ ، كَانَ بهَا إبْرَاهِيمُ وَعِيسَى ، فَإنْ كُنْتَ نَبيّاً فَأْتِ الشَّامَ ، فَإنَّ اللهَ سَيَمْنَعُكَ بهَا مِنَ الرُّومِ إنْ كُنْتَ رَسُولَهُ ، وَهِيَ الأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ وَأرْضُ الْمَحْشَرِ . فَهَمَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يَخْرُجَ إلَى الشَّامِ ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ بهَذِهِ الآيَةِ . ومعناها : وقد كَادُوا ليَستَفِزُّونَكَ من أرضِ المدينة ليُخرِجُوكَ منها إلى الشَّامِ ، { وَإِذاً } ؛ لو أخرَجُوكَ ، { لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً } ؛ أي الاَّ مدَّةً يسيرةً حتى يُهلِكَهم اللهُ . ومن قرأ ( خِلاَفَكَ ) فمعناهُ : مُخالَفَتِكَ .