Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 117-117)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عَزَّ وَجَلَّ : { بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } ؛ أي مُبْتَدِعُهما ومُنْشِؤُهما على غير مثال يسبقُ ، { وَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً } ؛ أي إذا أرادَ شيئاً ، { فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } ، وهذه الآيةُ والتي قبلَها جوابٌ " عن قولِ جماعة من النصارى نَاظَروا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في أمرِ عيسى عليه السلام . قَالَ لَهم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : " هُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ " قَالُواْ : هَلْ رَأيْتَ مَنْ خُلِقَ بغَيْرِ أبٍ ؟ " فأنزلَ اللهُ هذه الآيةَ وما قبلَها جواباً لَهم . ومعناها : إنَّ اللهَ مبتدعُ السماوات والأرضِ وخالقهُما ، وإذا أرادَ أمراً مثلَ عيسى بغيرِ أبٍ أو غير ذلك ، فإنَّما يقولُ له : كُنْ ، فيكونُ كما أرادَه . والإبْدَاعُ : إيجادُ الأشياءِ على غيرِ مثال سبقَ ؛ والبديعُ فعيلٌ بمعنى مُفَعِّلٌ ، والبديعُ أشدُّ مبالغةً من المبدعِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَيَكُونُ } مَن رَفَعَهُ ؛ فمعناهُ : فهو يكونُ . ومَن نَصَبَهُ ؛ فعلى جواب الأمر بالفاءِ . فإن قيلَ : قوله { كُنْ } خطابٌ للموجود أو للمعدوم ، ولا يجوزُ الأول ؛ لأنَّ الشيءَ الكائنَ لا يؤمَرُ بالكونِ ، والثانِي لا يجوزُ أيضاً ؛ لأنَّ المعدومَ لا يخاطبُ ؟ قيل : إنَّما قالَ ذلك على سبيلِ المثَلِ ، لأن الأشياءَ لسهولتها عليه وسرعةِ كونِها بأمره بمنْزلة ما يقولُ له كُنْ فيكونُ . وهذا مِثْلُ قولهِ : { ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } [ فصلت : 11 ] لم يُرِدْ بهذا أن السماءَ والأرضَ كانتا في موضعٍ فقال لَهما : ائْتِيَا ، فجَاءا من ذلك الموضعِ ، ولكن أرادَ به تكوينَهما ، فعلى هذا معنى { كُنْ فَيَكُونُ } أي يُرِيْدُهُ فَيَحْدُثُ .