Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 174-174)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قولهُ عَزَّ وَجَلَّ : { إنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْكِتَابِ } ، نزل في علماء اليهود والنصارى ، قال الكلبيُّ : عن أبي صالح عن ابنِ عباس : ( كَانَ عُلَمَاءُ الْيَهُودِ يَأْخُذُونَ مِنْ سَفَلَتِهِمُ الْهَدِايَّةَ ، وَكَانُواْ يَرْجَوْنَ أنْ يَكُونَ النَّبِيُّ الْمَبْعُوثُ مِنْهُمْ ، فَلَمَّا بَعَثَ اللهُ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِهِمْ ، خَافُواْ ذَهَاَب مَآكِلِهِمْ وَزَوَالِ رئَاسَتِهمْ ، فَعَمَدُواْ إلَى صِفَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَغَيَّرُوهَا ثُمَّ أخْرَجُوهَا إلَيْهِمْ وَقَالُواْ : هَذَا نَعْتُ النَّبِيِّ الَّذِي يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ، لاَ يُشْبهُ نَعْتَ هَذَا النَّبيِّ الَّذِي بمَكَّةَ ، فَإذَا نَظَرَتِ السَّفَلَةُ إلَى النَّعْتِ الْمُغَيَّرِ وَجَدُوهُ مُخَالِفاً لِصِفَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَلاَ يَتَّبعُونَهُ ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ { إنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْكِتَابِ } يَعْنِي صِفَةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَنُبُوَّتَهُ ) { وَيَشْتَرُونَ بِهِ } ؛ أي بالمكتوب ، { ثَمَناً قَلِيلاً } ؛ أي عِوَضاً يسيراً ؛ يعني المآكل التي كانوا يُصيبونَها من سَفلتهم ، { أُولَـٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ ٱلنَّارَ } ؛ ذكرَ البطونَ ها هنا للتأكيدِ ؛ ما يأكلونَ إلا ما يوردهم النارَ ؛ وهي الرِّشوةُ والحرامُ ، ومن الدين والإسلام ، فلما كان عاقبته النار سَمَّاه في الحالِ ناراً ، كقولهِ تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلْيَتَٰمَىٰ ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً } [ النساء : 10 ] يعني أنَّ عاقبتهُ النار ، وقال عَلَيْهِ السَّلاَمُ في الذي يشربُ في الإناءِ الذهب والفضةِ : " إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ " أخبرَ عن المالِ بالحال . قولهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } ؛ أي لا يكلمهم كلاماً ينفعُهم ويسرهم كما يكلمُ أولياءَه من البشارةِ والرضا ، وأما التهديدُ فلا بدَّ منه لقوله تعالى : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } [ الحجر : 92 ] . وقيل : معناه : لا يُسْمِعُهُمْ كلامَ نفسهِ ، بل يرسلُ إليهم ملائكةَ العذاب ، فيكلمونَهم بأمر الله ، وإنَّما أضافَ السؤال إلى نفسهِ ؛ لأن سؤالَ الملائكة بأمرهِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلاَ يُزَكِّيهِمْ } ؛ أي لا يطهِّرهم من دنس ذنوبهم ؛ ولا يُثني عليهم خيراً ؛ ولا يُصلح أعمالهم الخبيثة ؛ { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ؛ أي مؤلِمٌ .