Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 238-238)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عَزَّ وَجَلَّ : { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ } ؛ أي وَاظِبُوا وداومُوا على الصلواتِ المفروضةِ في مواقيتِها وشروطِها . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ } اختلفُوا فيها ؛ فعن عليٍّ وابنِ عباس وأبي هريرةَ وعبدالله والحسنِ والنخعيِّ وقتادة وأبي أيوبَ والضحاكِ والكلبيِّ ومقاتل : ( إنَّهَا صَلاَةُ الْعَصْرِ ) يدلُّ عليه ما رَوى سمرة بن جندبٍ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قالَ : " الصَّلاَةُ الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْرُ " وفي بعضِ الأخبار : هي التي فرَّط فيها سليمانُ . وعن هشامِ بن عروةَ عن أبيهِ قال : كَانَ فِي مُصْحَفِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : ( حَافِظُوا علَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى صَلاَةُ الْعَصْرِ ) { وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ } ؛ وهكذا كان يقرؤُها أُبَيّ بن كعبٍ . وعن أبي يونسَ رضي الله عنه مولَى عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ؛ قَالَ : أمَرَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنْ أكْتُبَ لَهَا مُصْحَفاً ، فَقَالَتْ : إذا بَلَغْتَ { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ } فَآذنِّي ، فَلَمَّا بَلَغْتُ أعْلَمْتُهَا فَأَمْلَتْ عَلَيَّ : ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى صَلاَةُ الْعَصْرِ ) . وروى نافعٌ عن حفصةَ زوجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهَا قَالَتْ لِكَاتِب مُصْحَفِهَا : إذَا بَلَغْتَ ( { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ } فَأَخْبرْنِي ، حَتَّى أُخْبرَكَ بَما سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم . فَلَمَّا بَلَغَ إلَى ذَلِكَ وَأخْبَرَهَا ، فَقَالَتْ لَهُ : اكْتُبْ ، فَإنَّي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطََى صَلاَةِ الْعَصْرِ " . وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قالَ يومَ الخندقِ : " شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الْْوُسْطَى صَلاَةِ الْعَصْرِ ، مَلأَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَبُطُونَهُمْ نَاراً " وقال عليٌّ رضي الله عنه : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى صَلاَةِ الْعَصْرِ ، مَلأَ اللهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَاراً " ثُمَّ صَلاَّهَا بَيْنَ الْعِشَائَيْنِ " ورويَ أن رجلاً قال في مجلسِ عمر بن عبدالعزيز بنِ مروان : أرْسَلَنِي أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَأنَا غُلاَمٌ صَغِيْرٌ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أسْأَلُهُ عَنِ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى ، فَأَخَذَ بإصْبَعِي الصَّغِيْرَةِ وَقَالَ : " هَذِهِ الْفَجْرُ " وَقَبَضَ الَّتِي تَلِيْهَا وَقَالَ : " هَذِهِ الظُّهْرُ " ، ثُمَّ قَبَضَ الإبْهَامَ وَقَالَ : " هَذِهِ الْمَغْرِبُ " ثُمَّ قَبَضَ الَّتِي تَلِيْهَا وَقَالَ : " هَذِهِ الْعِشَاءُ " ثُمَّ قَالَ : " أيُّ أصَابعِكَ بَقِيَ ؟ " قُلْتُ : الْوُسْطَى ، وَقَالَ : " وَأيُّ صَلاَةٍ بَقِيَتْ ؟ " قُلْتُ : الْعَصْرُ ، قَالَ : " هِيَ الْعَصْرُ " " . قالوا : وإَّما كانت العصرُ هي الوسطى ؛ لأنَّها بينَ صلاتَي ليل وصلاتَي نَهارٍ ؛ وإنَّما خصَّها بالذكر لأنَّها تقعُ في وقت اشتغالِ الناس بأمور البيت ، فخصَّها بالذِّكر للحثِّ عليها . روى بُرَيْدَةَ قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " بَكِّرُواْ بالْعَصْرِ يَوْمَ الْغَيْمِ ، فَإنَّهُ مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبطََ عَمَلُهُ " وروى نافعٌ عن ابنِ عمر : أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَنْ فَاتَتْهُ صَلاَةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وَتِرَ أهْلُهُ وَمَالَهُ " . وقال قبيصةُ بن دُويب : ( هِيَ صَلاَةُ الْمَغْرِب ؛ لأنَّهَا أوْسَطُ صَلاَةٍ وَجَبَتْ عَلَى النَّاسِ ) . وقيل : لأنَّها وسطٌ في عدد الركعاتِ ؛ لأنَّها بين الثنتين والأربعِ ولا تُقْصَرُ في السفر ، وهي وتْرُ النهار . وإنَّما خصَّها بالذِّكر لأنَّها أولُ صلاة الليلِ الذي يرغبُ الناس عن الصلاة فيه . روى هشامُ بن عروة عن أبيه عن عائشةً رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " إنَّ أفْضَلَ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ اللهِ صَلاَةُ الْمَغْرِب لَمْ يُحِطَّهَا عَنْ مُسَافِرٍ وَلاَ مُقِيْمٍ ، فَتَحَ اللهُ بهَا صَلاَةَ اللَّيْلِ وَخَتَمَ بهَا صَلَوَاتَ النَّهَار ، فَمَنْ صَلاَّهَا وَصَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ بَنَى اللهُ لَهُ قَصْراً فِي الْجَنَّةِ ، وَمَنْ صَلَّى أرْبَعَ رَكَعَاتٍ غَفَرَ اللهُ لَهُ ذَنْبَ عِشْرِيْنَ سَنَةً " أو قال " أرْبَعِيْنَ سَنَةً " . وحكى الشيخُ الإمام أبو الطيِّب السهلُ بن محمد بنِ سليمان : ( أنَّهَا صَلاَةُ الْعِشَاءِ ؛ لأنَّهَا بَيْنَ صَلاَتَيْنِ لاَ تُقْصَرَانِ ) . روى أبو عمرَ عن عثمانَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ ، وَمَنْ صَلَّى الْفَجْرَ مَعَ جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ " . وقال جابرُ بن عبدالله : ( هِيَ صَلاَةُ الْفَجْرِ ؛ لأنَّهَا تَقَعُ بَيْنَ الظَّلاَمِ وَالضِّيَاءِ ) . وقال زيدُ بن ثابت وأبو سعيدٍ الخدري وأسامةُ وعائشةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ : ( إنَّهَا صَلاَةُ الظُّهْرِ ) لأنَّهَا تَقَعُ فِي وَسَطِ النَّهَارِ . وإنَّمَا خَصَّهَا بالذِّكْرِ ؛ لأنَّهَا أوَّلُ صَلاَةٍ فُرِضَتْ عَلَى النَّاسِ . روى زيدُ بن ثابتٍ قال : كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ ، وَكَانَتْ أثْقَلُ الصَّلَوَاتِ عَلَى أصْحَابهِ ، فَلاَ يَكُونُ وَرَاءَهُ إلاَّ الصَّفُّ وَالصَّفَّانِ مِنَ النَّاسِ ، يَكُونُونَ فِي قَائِلَتِهِمْ وَتِجَارَتِهِمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " لَقَدْ هَمَمْتُ أنْ أُحَرِّقَ عَلَى قَوْمٍ لاَ يَشْهَدُونَ الصَّلاَةَ بُيُوتَهُمْ " فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ } . وقال عليٌّ رضي الله عنهُ : قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " إذا زَالَتِ الشَّمْسُ سَبَّحَ كُلُّ شَيْءٍ لِرَبنَا ، فَأَمَرَ اللهُ بالصَّلاَةِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ " وهي الساعةُ التي تفتح فبها أبواب السماءِ ، فلا تغلقُ حتى تصلى الظهر ، ويستجابُ فيها الدعاء ؛ ولأنَّها أولُ صلاةٍ توجَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فيها وأصحابُه إلى الكعبةِ ، وهي التي ترفعُ جميع الصلوات والجماعاتِ لأجلها يومَ الجمعة . وقال بعضُهم : هي إحدى الصلوات الخمسِ ولا نعرفُها بعينها . وسئلَ الربيعُ ابن خَيْثَمَ عن الصلاةِ الوسطى ، فقال للسائلِ : ( إذا أنْتَ عَلِمْتَهَا أكُنْتَ مُحَافِظاً عَلَيْهَا وَمُضَيِّعاً سَائِرَهُنَّ ؟ ) قال : لاَ ، قال : ( فَإنَّكَ إذَا حَافَظْتَ عَلَيْهِنَّ فَقَدْ حَافَظْتَ عَلَيْهَا ) . وبه يقولُ أبو بكر الورَّاق ؛ قال : ( لَوْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى لَعَيَّنَهَا ، وَلَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ أرَادَ تَنْبيْهَ الْخَلْقِ عَلَى أدَاءِ جَمِيْعِ الصَّلَوَاتِ ، فَأَخْفَاهَا اللهُ تَعَالَى فِي جُمْلَةِ الصَّلَوَاتِ لِيُحَافِظُواْ عَلَى جَمِيْعِهَا رَجَاءَ الْوُسْطَى كَمَا أخْفَى لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي لَيَالِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَأخْفَى اسْمَهُ الأَعْظَمَ فِي جَمِيْعِ الأسْمَاءِ ، وَأَخْفَى سَاعَةَ الإجَابَةِ فِي سَاعَاتِ الْجُمْعَةِ ؛ حِكْمَةً مِنْهُ فِي فِعْلِهِ ، وَرَحْمَةً لِخَلْقِهِ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ } أي طائعينَ ؛ وبه قال الشعبيُّ وعطاء والحسنُ وابن جبيرٍ وقتادة وطاووسُ وعطية ؛ وهو روايةُ عكرمة عن ابنِ عباس . قال الضحَّاك ومقاتلُ والكلبيُّ : ( لِكُلِّ أهْلِ دِيْنٍ صَلاَةٌ يَقُومُونَ فِيْهَا عَاصِيْنَ ؛ وَقُومُواْ أنْتُمْ فِي صَلاَتِكُمْ مُطِيْعِيْنَ ) . ودليلُ هذا التأويل ما روى أبو سعيدٍ الخدريِّ : أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : " كُلُّ قُنُوتٍ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ الطَّاعَةُ " . وقال عبدُالله بن مسعودٍ : ( مَعْنَاهُ : وَقُومُوا للهِ سَاكِتِيْنَ ) . كما روي عن زيدِ بن أرقمَ قال : [ كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَيُكَلِّمُ أحَدُنَا مَنْ هُوَ إلَى جَانبهِ ؛ وَيَدْخُلُ الرَّجُلُ فَيُسَلِّمُ وَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ السَّلاَمَ ؛ وَيَسْأَلُهُمْ كَمْ صَلَّيْتُمْ ؟ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ كَمْ صَلَّواْ ؛ وَيَجِيْءُ خَادِمُ الرَّجُلِ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ فَيُكَلِّمُهُ بحَاجَتِهِ كَفِعْلِ أهْلِ الْكِتَاب . وَكُنَّا كَذَلِكَ إلَى أنْ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ } فَأُمِرْنَا بالسُّكُوتِ وَنُهِيْنَا عَنِ الْكَلاَمِ ] . قال مجاهدٌ : ( مَعْنَاهُ : { وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ } خَاشِعِيْنَ ، فَنُهُوا عَنِ الْعَبَثِ وَالالْتِفَاتِ فِي الصَّلاَةِ ) . وقيل : معناهُ مُطِيْلِيْنَ القيامَ كما في قوله تعالى : { يٰمَرْيَمُ ٱقْنُتِي لِرَبِّكِ } [ آل عمران : 43 ] . ويدلُّ عليه أيضاً حديثُ جابرٍ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ : أيُّ الصَّلَوَاتِ أفْضَلُ ؟ قَالَ : " طُولُ الْقُنُوتِ " وقيل : معناهُ : وقومُوا لله مُصَلِّيْنَ . دليلهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ ٱلَّيلِ } [ الزمر : 9 ] أي مُصَلٍّ . وقال صلى الله عليه وسلم : " مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبيْلِ اللهِ كَمَثَلِ الْقَانِتِ الصَّائِمِ " أي المصلِّي الصائِم . وقال ابنُ عباس : ( وَقُومُواْ للهِ دَاعِيْنَ ) . والقنوتُ : هو الدعاءُ في الصلاةِ .