Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 258-258)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله عَزَّ وَجَلَّ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ } ؛ أي ألَمْ تعلم يا محمدُ بالذي جادلَ إبراهيمَ في ربه ؛ أي هل رأيتَ كالذي { حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ } أي بأن أعطاهُ الله الملكَ وأُعجب بملكه وسلطانه وهو نَمْرُودُ بْنُ كَنْعَانَ أوَّل من تجبَّر في الأرضِ بادعاء الرُّبُوبيَّةِ فَخاصمَ إبراهيمَ في توحيدهِ . وقيل : إنَّّ الهاءَ في قوله { آتَاهُ } راجعةٌ إلى إبراهيمَ عليه السلام ، و { ٱلْمُلْكَ } هو النبوَّة ووجوبُ طاعتهِ على الناس . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ } ؛ وذلك أن نَمْرُودُ قال لإبراهيم : مَنْ رَبُّكَ ؟ قال : { إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ } عند انقضاءِ الأجل . فـ { قَالَ } ؛ نَمْرُودُ : { أنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ } قالَ إبراهيمُ : ائتني ببيانِ ذلك ؟ فأتَى برجلين من سجنهِ وجبَ عليهما القتلُ ؛ فقتلَ أحدهما وتركَ الآخر . فقال : هذا قد أحييتهُ ، وهذا قد أمَتُّهُ . { قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ } ؛ أي تَحيَّر وانقطعَ بما ظهرَ عليه من الحجَّة ، { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } ؛ أي لا يرشِدُ المشركينَ إلى دينه وحجَّته . فإن قيل : لِمَ لَمْ يَثْبُتْ إبراهيمُ على الحجَّة الأولى ؛ والانتقالُ من الحجة إلى حجَّةٍ أخرى في المناظرةِ غيرُ محمودٍ ؟ قيل : عنهُ أجوبةٌ : أحدُها : أن إبراهيم كان داعياً ولم يكن مُناظراً ، فمى كان يراهُ أقربَ إلى الهداية أخذَ به . والثاني : أنه روي أنه قالَ لنمرود : إنكَ أمَتَّ الحيَّ ولم تُحْيي الميَّتَ ، والانتقالُ بعد الإلزامِ محمودٌ . والثالث : أن نَمرودَ كان عالماً أن ما ذكرهُ ليس بمعارضةٍ وكان مَن حوله من أصحابهِ يوقنون بكذبهِ في قوله : { أنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ } لكن أرادَ التمويهَ على أغمَار قومه كما قال فرعونُ للسحرة حين آمنوا : أن هذا المكرَ مكرتُموه في المدينةِ ، كذلك فعلَ نَمرودُ بقوله : { أنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ } . فتركَ إبراهيم إطالةَ الكلامِ ، وعَدَلَ إلى حجَّةٍ مسكتةٍ لا يُمكنه التمويهُ فيها . فإن قيل : فهلاَّ قال نَمرود لإبراهيمَ : إن مجيءَ الشمس هو العادةُ ؟ فقُلْ لربك حتى يأتي بها من المغرب ! قيل : عَلِمَ لِمَا رأى من المعجزات التي ظهرت أنهُ لو سأله ذلك لأتى بهِ . فكان يزدادُ فضِيحة عند الناسِ . وقيل : خَذَلَهُ عن هذا القولِ ، فلم يُوَفَّق للسؤالِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ } البُهْتُ في اللغة : هي مُوَاجَهَةُ الرجلِ بالكذب عليه ؛ يقال : بَهَتَ يَبْهَتُ بُهتاناً ، وبَاهَتَ يُبَاهِتُ مُبَاهَتَةً . وفي الحديثِ : " إنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهْتٌ " أي كَذَبَةٌ . والبهتُ الحيرة عند انقطاعِ الحجة أيضاً . وفيه لغاتٌ : بَهَتَ وبَهِتَ وبُهِتَ ، وأجودها بُهِتَ بضمِّ الباء .