Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 40-40)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عَزَّ وَجَلَّ : { يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ } ؛ أي يا أولادَ يعقوب . ومعنى إسرائيل يعني : صفوةَ اللهِ ، و ( إيل ) هو الله . وَقِيْلَ : ( إسْرَ ) هو العبدُ ، و ( إيْلُ ) هو اللهُ ، فمعناه : عبدُالله . وهو خطابٌ لليهود والنصارى . وإنَّما سُمي يعقوب ؛ لأن يعقوبَ وعيصا كانا توأمين ، فاقتَتَلا في بطن أمهما ؛ فأراد يعقوبُ أن يخرجَ فمنعه عيصٌ وقال : واللهِ لإن خرجت قبلي لأعترضنَّ في بطن أمي فأقتُلها ، فتأخَّر يعقوب وخرج عيص وأخَذ يعقوبَ بعقبهِ فخرج بعده فسمي يعقوب ؛ فلذلك سُمي عيصاً لَمَّا عصيَ فخرجَ قبل يعقوب وكان عيصُ أحبهما إلى أبيهِ ؛ وكان يعقوب أحبَّهما إلى أُمه ؛ وكان عيص صاحبَ صيدٍ ؛ فلما كَبَرَ إسحاق وعميَ قال لعيصُ : يا بنيَّ أطعمني لحمَ صيدٍ واقترب مني حتى أدعو لك بدعاءٍ دعا لي به أبي إبراهيمُ عليه السلام وكان عيصُ رجلاً أشعرَ ؛ وكان يعقوبُ أجرد ، فخرج عيصُ وطلب الصيدَ ، فقالت أُمه ليعقوب : يا بُنَيَّ إذهب إلى الغنمِ فاذبح شاةً منها ثُم اشْوِهَا والبس جِلدها وقدِّمها إلى أبيك ، وقل أنا ابنُكَ عيص ، ففعل ذلك يعقوبُ ، فلما جاءَ قال : يا أبتاهُ ، كُلْ . قال : من أنتَ ؟ قال : ابنك عيصُ . فمسَّهُ فقال : المسُّ مسُّ عيصِ والريح ريحُ يعقوب ، فقالت أُمه : هو ابنك عيص فادعُ له . قال : قدِّم طعامَك . فقدمهُ فأكل منه ، ثم قال : ادْنُ مني ، فدنَى منهُ فدعا له أن يجعلَ اللهُ في ذرِّيته الأنبياءَ والملوك . وذهب يعقوبُ فجاء عيص ، فقال : قد جئتُك بالصيد الذي أردتَه ، قال : يا بني قد سبقكَ أخوك يعقوبُ ، فغضبَ وقال : والله لأقتلنَّه . فقال إسحاقُ : يا بني قد بقيت لك دعوةٌ فهلمَّ أدعو لك بها ، فدعا أن تكونَ ذريته عددَ التراب ؛ وأن لا يَملكَهُم أحدٌ غيرهم . قَوْلُهُ تَعَالَى : { ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } ؛ أي احفَظُوا واشكُروا . قال الحسنُ : ( ذِكْرُ النِّعْمَةِ شُكْرُهَا ) . قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : " الْمُتَحَدِّثُ بنِعَمِ اللهِ شَاكِرٌ ، وَتَاركُهَا كَافِرٌ " وقولهُ تعالى : { نِعْمَتِيَ } أراد نِعَمِي ؛ لفظُها واحدٌ ومعناها جمعٌ ؛ نظيرها قوله تعالى : { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا } [ إبراهيم : 34 ] . والعددُ لا يقع على الواحد . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } أي على أجدادكم وأسلافِكم ؛ وذلك أن الله تعالى فَلَقَ لهم البحر فأنجاهم من فرعون وأهلكَ عدوَّهم وأورثهم ديارَهم وأموالهم وظلَّل عليهم الغمامَ في التيه تقيهم حرَّ الشمس ، وجعل لهم عموداً من نورٍ يضيء لهم بالليل ؛ إذا لم يكن ضوءُ القمرِ ، وأنزل عليهم المنَّ والسلْوَى ، وفَجَّر لهم اثني عشر عيناً ؛ وأنزلَ عليهم التوراةَ بيانُ كلِّ شيء يحتاجون إليه في دِينهم ودُنياهم ، فهذه نِعَمٌ من الله كثيرةٌ لا تحصى . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ } ؛ أي الذي عَهِدْتُ إليكم في التوارة ، { أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } ، أي أدخلكم الجنةَ وأُنجز لكم ما وعدتكم . وقرأ الزهري : ( أُوَفِّ ) بالتشديد على التأكيدِ ؛ يقال : وفَى وَوَافَى ووفَّى بمعنى واحد . قِيْلَ : إن اللهَ تعالى كان قد عَهِدَ إلى بني إسرائيلَ في التَّوراةِ : إنِّي باعثٌ من بني إسماعيلَ نبيّاً أُمِّياً فاتبعوهُ ، فمن تَبعَهُ وصدَّقَ بالنور الذي يأتِي به غفرتُ له ذنوبَه وأدخلتُه الجنة وجعلتُ له أجرَين ؛ أجراً باتِّباعه ما جاءَ به موسى والأنبياءُ من بني إسرائيل ؛ وأجراً باتباعه ما جاء به مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم . وقال قتادةُ : ( هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أخَذَهُ اللهُ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِهِ : { وَلَقَدْ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَ بَنِي إسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثَنَيْ عَشَرَ نَقيبًا } [ المائدة : 12 ] إلَى قَوْلِهِ : { قَرْضًا حَسَنًا } [ المائدة : 12 ] فَهَذَا قَوْلُهُ { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ } ، ثُمَّ قَالَ : { لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ } [ المائدة : 12 ] الآيةُ ، فَهَذَا قَوْلُهُ : { أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } ) . وَقِيْلَ : معناهُ : أوْفوا إلَيَّ بشرطِ العبوديَّة أوْفِ بشرطِ الرُّبوبيَّة . وقال أهلُ الإشارةِ : أوفُوا بعهدي في دار مِحنَتي بحفظ حُرمتي أوفِ بعهدكم في دار نِعمَتي على بساطِ كرامَتِي بقُربي ورؤيَتي . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَإِيَّٰيَ فَٱرْهَبُونِ } ، أي خافونِي في نقضِ العهد .