Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 63-63)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ } ؛ أي { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ } يا معشرَ اليهودِ { وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ } وهو الجبلُ بالسِّريانية في قولِ بعضِهم . وقالُوا : ليسَ من لغةٍ في الدُّنيا إلاَّ وهي في القُرْآنِ ! وقال الْحُذَّاقُ من العلماءِِ : لا يجوزُ أن يكونَ في الْقُرْآنِ لُغةٌ غيرَ لغةِ العرب ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى قال : { قُرْآناً عَرَبِيّاً } [ الزمر : 28 ] . وقال : { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ } [ الشعراء : 195 ] وإنَّما قَالَ هذا وأشْبَاهَهُ وفَاقاً وقعَ بين اللُّغتين ؛ وقد وجدنَا الطُّور في كلامِ العرب ، قال جَرِيرُ : @ فَإنْ تَرْسِلْ مَا الْجِنُّ نَسَواْ بهَا وَإنْ يَرْسِلْ مَا صَاحِبُ الطُّور يَنْزلُ @@ والمأخوذُ عليهم ميثاقان ؛ الأوَّلُ : حين أخرجَهم من صُلب آدم كالذَّرِّ . والثانِي : الذي أخذَ عليهم في التوراةِ وسائرِ الكتب . والمرادُ في هذه الآية الثانِي ؛ وذلك أنَّ اللهَ تعالى أنزلَ التوراةَ فأمرَ موسى قومَهُ بالعملِ بأحكامها فأبَوا أن يقبَلُوا ويعمَلُوا بها للآصَار والأثقالَ التي كانت فيها ، وكانت شريعتهُ ثقيلةً فأمرَ الله جبريلَ فقطعَ جَبَلاً على قدر عَسكَرِهم ؛ وكان فَرْسَخاً في فرسخٍ ، فرفعهُ فوق رؤوسِهم مقدارَ قامةِ الرَّجُلِ . عن ابنُ عبَّاس : ( أمَرَ اللهُ جَبَلاً مِنْ جِبَالِ فِلَسْطِيْنَ فَانْقَطَعَ مِنْ أصْلِهِ حَتَّى قَامَ عَلَى رُؤُوسِهِمْ مِثْلَ الظُّلَّةِ ) . وقال عطاءُ : ( رَفَعَ اللهُ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ الطُّورَ ، وَبَعَثَ نَاراً مِنْ قِبَل وُجُوهِهمْ ؛ وَأتَاهُمُ الْبَحْرُ الْمِلْحُ مِنْ خَلْفِهِمْ ) . وقيلَ لَهم : { خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ } ؛ أي اقبَلُوا ما آتيناكم بجِدٍّ ومواظبةٍ في طاعة الله تعالى . وفيه إضمارٌ ؛ أي وقلنا لَهم خُذوا . وقَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ } ؛ أي احفظوهُ واعملوا بما فيه . وَقِيْلَ : معناهُ : واذكرُوا ما فيه مِن الثواب والعقاب . وفي حرفِ أبي بكرٍ : ( وَادَّكِرُواْ ) بدالٍ مشدَّدة وكسر الكاف . وفي حرفِ عبدِالله . ( وَتَذَكَّرُوا مَا فِيْهِ ) ومعناهُما اتَّعِظُوا بهِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ؛ أي لكي تَنجُوا من العذاب في العُقبَى والهلاكِ في الدُّنيا إنْ قَبلْتُمُوهُ وفعلتم ما أُمِرْتُم بهِ ؛ وإلا وَضَحْتُكُمْ بهذا الجبلِ وأغرقتُكم في البحرِ وأحرقتُكم بهذه النار . فلما رَأوا أنْ لا مهربَ منه قَبلُوا ذلك وسَجَدُوا خَوفاً ، وجعَلُوا يلاحظونَ الجبلَ وهم سُجودٌ مخافةَ أن يقعَ عليهم ؛ فصارت صِفَةً في اليهودِ لا يسجدونَ إلاَّ على أنصافِ وجُوههم ؛ فلمَّا رأوا الجبلَ قالوا : يا موسَى سَمعنا وأطعنا ولولا الجبلُ ما أطعنَا .