Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 17-18)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } ؛ أي وما التي بيمِينِكَ يا موسى ؟ { قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا } أي أعتمدُ عليها إذا أُعْييْتُ ، وإذا مَشَيْتُ ، فلفظُ أوَّلِ الآية استفهامٌ ؛ ومعناه : التقريرُ على المخاطَب ، أن الذي في يدهِ عصا ؛ لكيلا تَهولهُ صارت ثُعباناً . وَقِيْلَ : كان الغرضُ بهذا السُّؤال إزالةُ الوحشةِ منه ؛ لأن موسَى كان خائفاً مُستوحشاً . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي } ؛ أي أخْبطُ به الشجرَ ؛ ليتناثرَ وَرَقُهُ فيأكلهُ غَنَمِي . وقرأ عكرمةُ : ( وَأهُشُّ ) بالشِّين ، يعني أزْجُرُ بها الغنمَ ، وذلكَ أنَّ العربَ تقولُ : هَشَّ وقَشَّ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ } ؛ أي حوائجُ أُخرى ، تقولُ : لا إرَبَ لِي في هذا ؛ أي لا حاجةَ لِي فيه ، واحدُ الْمَآرب مَأْرُبَةٌ بضمِّ الراء وكسرِها وفتحها ، وإنَّما لَم يقل : أُخَرَ ؛ لأجلِ رُؤوسِ الآيِ . قال ابنُ عبَّاس : ( كَانت مَآربُهُ أنه إذا ورد ماء قصر عنه رشاؤه وصله بالْمِحجنِ ، ثم أدلَى العصا وكان في أسفلِها عكَّازةٌ يقاتلُ بها السباعَ ، وكان يُلقي عليها كسائَهُ يستظلُّ تحتَها ، ومن مآربهِ أيضاً أنه كان اذا أرادَ الاستسقاءَ مِن بئرٍ أدلاها ، فطالَتْ على طولِ البئر ، فصارت شُعبتاها كالدَّلو ، وكان يظهرُ على شعبَتَيها الشَّمعتين بالليلِ - يعني : يضيءُ لهُ مد البصرِ ويهتدي بها - واذا اشتهَى ثمرة من الثمارِ رَكَزَها في الأرضِ ، فَتَغَصَّنت أغصانُ تلك الشجرةِ ، وأورقت أورقُها وأثْمَرت ) . ثم كان من المعلومِ أنَّ موسى لَمْ يُرِدْ بهذا الجواب إعلامَ اللهِ تعالى ؛ لأن اللهَ تعالى أعلمُ بذلكَ منه ، ولكن لَمَّا اقتضى السؤالُ جواباً لَمْ يكن بدٌّ له من الإجابةِ ، فذكرَ منافعَ العصا إقراراً بالنعمة فيها والتزاماً بما يجبُ عليه من الشُّكر للهِ ، وهكذا سبيلُ أولياءِ الله تعالى في إظهار شُكر نِعَمِ اللهِ تعالى ، وفي هذا جوابٌ عن بعضِ الْمُلْحِدَةِ في باب المسألةِ كانت عن فائدة ما في يده ، ولَم يكن عن منافعِها ، فلِمَ كان الجوابُ عن ما لَم يسأل ؟