Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 100-101)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ } ؛ الزَّفِيْرُ شِدَّةُ النَّفَسِ بهَوْلِ ما يردُ على صاحبهِ ، وهم فيها لا يَسْمَعُونَ شيئاً ، ولا يرَى أحدٌ منهم أنَّ في النارِ أحداً يُعَذبُ غيرهُ . قال ابنُ مسعودٍ : ( يُجْعَلُونَ فِي تَوَابيتَ مِنْ نَارٍ ، ثُمَّ جُعِلَتْ تِلْكَ التَّوَابيْتُ فِي تَوَابيْتَ أُخْرَى فَلاَ يَسْمَعُونَ شَيْئاً ) . " وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم : أنَّهُ أتَى قُرَيْشاً وَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ مُجْتَمِعُونَ وَحَوْلَهُمْ ثَلاَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَنَماً مَصْفُوفَةً ، لِكُلِّ قَوْمٍ صَنَمٌ لَهُمْ ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ " ثُمَّ ذهَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَشُقَّ عَلَيْهِمْ ذلِكَ ، فَأَتَاهُمْ عَبْدُاللهِ بْنُ الزُّبْعَرِىِّ فَرَآهُمْ يَتَهَامَسُونَ ، فَقَالَ : فِيْمَ حَوْصُكُمْ ؟ ! فَأَخْبَرَهُ الْوَلِيْدُ بْنُ الْمُغِيْرَةِ بمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبْعَرِىِّ : أمَا وَاللهِ لَوْ وَجَدْتُهُ لَخَصَمْتُهُ . فَدَعَوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ ابْنُ الزبعرى : أنْتَ قُلْتَ أنَّا وَمَا نَعْبُدُ فِي النَّار ؟ قَالَ : خَصَمْتُكَ وَرَب الْكَعْبَةِ ، ألَيْسَتِ الْيَهُودُ تَعْبُدُ عُزَيْراً ، وَالنَّصَارَى تَعْبُدُ الْمَسِيْحَ ، وَبَنِي مَلِيْحٍ يَعْبُدُونَ الْمَلاَئِكَةَ ! أفَتَرَى أنَّ هَؤُلاَءِ لاَ يَكُونُونَ فِي النَّار ؟ فَبَيَّنَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ اللهَ تَعَالَى أرَادَ بهِ الأَوْثَانَ " وفي الآية ما يدلُّ على ذلكَ ؛ لأنَّ قولَهُ تعالى { وَمَا تَعْبُدُونَ } [ الأنبياء : 98 ] لا يكون إلاَّ لِمَا لا يعقلُ ، إذ لو أرادَ الملائكةَ والناسَ لقال ( وَمَنْ تعبدون ) . ثُم أنزلَ اللهُ تعالى : قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } ؛ معناهُ : أنَّ عيسى وعُزَيراً والملائكةَ هم الذين سَبَقَتْ لَهم مِنَّا الْحُسْنَى ؛ أي وَجَبَتْ لَهم العِدَةُ من اللهِ تعالى بالبُشرى والسعادة . ويدخلُ في هذه الآية جُملة المؤمنين ؛ لما رُوي أنَّ عثمان سَمِعَ عليّاً كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ يقرأ هذه الآيةَ { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } قال : ( أنَا مِنْهُمْ وَأبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدُ وَسَعِيْدُ وَعَبْدُالرَّحْمَنِ وَأبُو عُبَيْدَةَ ) . وقال الجنيدُ : ( سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللهِ الْعِنَايَةُ فِي الْهِدَايَةِ ، فَظَهَرَتِ الْوِلاَيَةُ فِي النِّهَايَةِ ) .