Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 25-25)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } ؛ معناهُ : إنَّ الذين كفَرُوا بمُحَمَّدٍ والقرْآنِ { وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } عطفُ المضارعِ على المضافِ ؛ لأن المرادَ بالمضارعِ الماضي أيضاً . ويجوزُ أن يكون المعنى الذين كَفَرُوا فيما مَضَى وهُمُ الآن يصدُّون عن سبيلِ الله مع كفْرِهم ، والمعنى : يَمْنَعُونَ الناسَ عن طاعةِ الله وعن الطَّوافِ في { وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } ؛ وهم أبو سُفيان وأصحابهُ الذين صَدُّوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم عامَ الحديبيةِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { ٱلَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً ٱلْعَاكِفُ فِيهِ وَٱلْبَادِ } ؛ معناهُ : الذي جعلناهُ للناسِ كلِّهم ، لَم يخصَّ به بعضَهم دون بعضٍ سِوَى المقيمِ فيه ، والذي يأتِي مِن غير أهلهِ ، وليس الذين صَدُّوا عنهُ بأحقَّ به مِن غيرِهم . قِيْلَ : المراد بالمسجدِ الحرام في هذه الآية الْحَرَمُ كلُّهُ ، كما في قولهِ تعالى : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِندَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } [ التوبة : 7 ] وكان العهدُ بالحديبيةِ . وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنهُ قال : " إنَّ مَكَّةَ لاَ يَحِلُّ بَيْعُ ربَاعِهَا وَلاَ إجَارَةُ بُيُوتِهَا " وَقِيْلَ : إن المرادَ بالمسجدِ الحرام نَفْسُ المسجدِ سِوَى الْمُعْتَكَفِ فيه : الْمُجَاوِرُ والبادِيُ الذي يكون مُلازماً له في حُرمتَهِ وحقُّ الله عليهما فيه سواءٌ . قرأ حفصٌ : ( سَوَاءً ) بالنصب بإيقاعِ الْجَعْلِ عليه ، لأن الجعلَ يتعدَّى إلى مفعُولين . وقرأ الباقون بالرفعِ على الابتداءِ ، وما بعدهُ خبره . وقِيْلَ : ( سَوَاءٌ ) خبرُ مبتدأ متقدِّم تقديرهُ : العَاكِفُ فِيْهِ وَالْبَادِي سَوَاءٌ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } ؛ معناهُ : ومَن يُرِدْ فيه إلحاداً بظُلْمٍ ، وفي هذا دليلٌ أن المرادَ بالمسجد الحرامِ كلَّ الْحَرَمِ ، فإن الذنبَ في الحرمِ أعظمَ منه في غيره ، فعلى هذا يكونُ قوله { سَوَآءً ٱلْعَاكِفُ فِيهِ وَٱلْبَادِ } أي سواءً في النَّزول ، فليس أحدُهما أحقُّ بالمنْزِل يكون فيه . وحرَّمُوا بهذه الآية كِرَاءَ دور مكَّة وإجارتَها في أيام الموسم . قال عبدُالله بن أسباط : ( كَانَ الْحُجَّاجُ إذا قَدِمُوا مَكَّةَ لَمْ يَكُنْ أحَدٌ مِنْ أهْلِ مَكَّةَ أحَقَّ بمَنْزِلِهِ مِنْهُم ) ، رُوِي : ( أنَّهَا كَانَتْ تُدْعَى السَّوَائِبُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأبي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، مِن احْتَاجَ سَكَنَ ، وَمَنِ اسْتَغْنَى أُسْكِنَ ) . والإلحادُ هو الشِّرْكَ بالله تعالى ، وَقِيْلَ : كلُّ ظالِمٍ فيه ملحدٌ . وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قالَ : " احْتِكَارُ الطَّعَامِ بمَكَّةَ إلْحَادٌ " وأمَّا دخولُ الباء في قوله : ( بإلْحَادٍ ) فعلى معنى : ومَن إرادتهُ فيه بأنْ يُلْحِدَ بظلمٍ . وَقِيْلَ : الإلحادُ دخول مكة بغيرِ إحرامٍ ، وأخذُ حَمَامِ مكَّة وأشياء كثيرة لا يجوزُ للمُحْرِمِ أن يفعَلَها . قَوْلُهُ تَعَالَى : { نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } خبرٌ لكل ما تقدَّم من الجملتين من قولهِ تعالى { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ } ، ومِن قولهِ تعالى { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ } .