Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 5-5)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ } ؛ معناهُ : يا أهلَ مكة إن كُنتم في شَكٍّ مِنَ البعثِ بعد الموتِ ، فتفكَّرُوا في ابتداءِ خَلْقِكُمْ فإنَّ إعادَتَكم ليست بأشدَّ مِن أوَّل خلقِكم ، ثم بيَّن ابتداء خلقِهم فقالَ : { فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ } أي خلَقنا أباكُم آدمَ ، ثُم صوَّرناهُ لَحماً ودَماً . قَوْلُهُ تَعَالَى : { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } ؛ أي ثُم جعلناكم بعد ذلكَ من النُّطفة التي تكون من الذكر والأنثى ، { ثُمَّ } خلَقنا { مِنْ } تلكَ النطفةِ ؛ { عَلَقَةٍ } ؛ وهي قطعةٌ من الدمِ { ثُمَّ } ؛ جعلنا العلقةَ { مِن مُّضْغَةٍ } ؛ وهي القطعةُ من اللَّحم ، تسمَّى مُضْغَةً ؛ لأنَّها مقدارُ ما يُمضَغُ من اللَّحم . قَوْلُهُ تَعَالَى : { مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ } ؛ أي تامَّة الخلقِ وغيرِ تامة الخلقِ ، وَقِيْلَ : مصوَّرةٍ وغيرِ مصوَّرةٍ ، وهي السَّقْطُ . قال عبدُالله بنُ مسعود : " إذا وَقَعَتِ النُّطْفَةُ فِي الرَّحِمِ ؛ بَعَثَ اللهُ مَلَكاً يَأْخُذُهَا بكَفِّهِ فَيَقُولُ : يَا رَب مُخَلَّقَةٌ أوْ غَيْرُ مُخَلَّقَةٍ ؟ فَإنْ قَالَ : غَيْرُ مُخَلَّقَةٍ ؛ مَجَّتْهَا الأَرْحَامُ دَماً ، وَإنْ قَالَ : مُخَلَّقَةٌ ، قَالَ : يَا رَب أذكَرٌ أمْ أُنْثَى ؟ وَمَا رِزْقُهَا وَمَا أجَلُهَا ؟ وَشَقِيٌّ أمْ سَعِيْدٌ ؟ وَبأَيِّ أرْضٍ تَمُوتُ ؟ فَيُقَالُ لَهُ : اذْهَبْ إلَى أُمِّ الْكِتَاب فَإنَّكَ تَجِدُ ذلِكَ ، فَاسْتَنْسِخْ مِنْهُ صِفَةَ هَذِهِ النُّطْفَةِ ، فَيَنْطَلِقُ فَيَسْتَنْسِخُهَا . فَتُخْلَقُ فَتَعِيْشُ فِي أجَلِهَا ، وَتَأْكُلُ رزْقَهَا ، حَتَّى إذا جَاءَ أجَلُهَا مَاتَتْ ، فَتَذْهَبُ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي كُتِبَ لَهَا " قَوْلُهُ تَعَالَى : { لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ } ؛ أي لِنُبَيِّنَ لكم كمالَ قُدرَتِنا وحُكمِنا في تصريفِنا في الخلقِ . وقولهُ تعالى : { وَنُقِرُّ فِي ٱلأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } ؛ أي ونَتْرُكُ في الأرحامِ ما نشاءُ من الولدِ إلى وقتِ التَّمامِ ولا نُسْقِطْهُ . ورُوي عن عاصمٍ : ( وَنُقِرَّ ) بالنصب على العطف ، وقراءةُ الباقينَ بالرفع على معنى : ونَحْنُ نُقِرُّ . قولهُ تعالى : { ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } ؛ أي ثُم نُخرِجُكم من الأرحامِ طِفْلاً صِغَاراً ، وإنَّما لَم يقل أطفَالاً لأنه لَم يُخْرِجْهُمْ من أُمٍّ واحدة ، ولكن يُخرجهم من أُمَّهات شتَّى ، كأنهُ قال : ثُم نخرجُ كلَّ واحدٍ منكم طفلاً . قَوْلُهُ تَعَالَى : { ثُمَّ لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ } ؛ أي ثُم لِنُعَمِّرَكُمْ لتبلغُوا أشُدَّكم بمعنى الكمالِ والقوة ، { وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ } ؛ قبلَ بلُوغِ الأشُدِّ ، { وَمِنكُمْ مَّن } ؛ يُعَمَّرُ حتى { يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ } ؛ أي هَوَانِهِ وأخَسِّهِ وهو الْهَرَمُ والْخَرَفُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً } ؛ أي لكَيْلاَ يَعْقِلَ مِن بعد عقله الأوَّلِ شيئاً . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً } ؛ هذه دلالة أخرى تدلهم على إحياءِ الْمَوْتَى بإحياءِ الأرضِ الميتَةِ ، والَهَامِدةُ : هي اليابسةُ الجافَّةُ ، كأنه قال : وتَرَى الأرضَ يابسةً جافَّةً ذاتَ تُرابٍ كالنار إذا اطفئت ورمدت ، { فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ } ؛ أي على الأرضِ ، { ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ } ؛ أي تحرَّكَت بالنباتِ ، وازدادت وأضعَفت النباتَ ، وذلك أن الأرضَ ترتفعُ على النباتِ ، فذلك تحريكُها ، وهو معنى قولهِ { وَرَبَتْ } أي ارتفعَتْ وزَادَتْ وانتفخت للنباتِ ، من رَبَا يَرْبُو إذا ازدَادَ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } ؛ أي وأخرجت أكَماً من كلِّ لونٍ حَسَنِ البهجةِ ، ومِن كلِّ صنفٍ مؤنق العينِ ، والبهيجُ الحسنُ . قَالَ اللهُ تَعَالَى : { وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ } [ النمل : 60 ] .