Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 78-78)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } ؛ أي جَاهِدُوا المشركين بحسب الطَّاقة واستفراغِها ، ولا تخافُوا في اللهِ لومةَ لائمٍ ، وقال بعضُ المفسِّرين : معناهُ : اعبدوا اللهَ حقَّ عبادتهِ وأطيعوهُ حقَّ طاعته . قال السديُّ : ( هُوَ أنْ يُطَاعَ فَلاَ يُعْصَى ) وقال مقاتلُ : ( نَسَخَتْهَا آيَةُ التَّغَابُنِ { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ } [ التغابن : 16 ] ) ، وَقِيْلَ : هو مجاهدةُ النَّفسِ والهوَى ، وذلك حقُّ الجهاد وهو الجهادُ الأكبر . وقال بعضُهم : هو حقُّ الجهاد ؛ لِمَا " رُوي عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال حينَ رجعَ من بعضِ غزواته : " رَجَعْنَا مِنَ الْجِهَادِ الأصْغَرِ إلَى الْجِهَادِ الأَكْبَرِ " " وقال بعضُهم : في حقِّ الجهاد أنه " كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ " وقال الحسنُ : ( هُوَ أنْ تُؤَدِّيَ جَمِيْعَ مَا أمَرَكَ اللهُ بهِ ، وَتَجْتَنِبَ جَمِيْعَ مَا نَهَاكَ اللهُ عَنْهُ ، وَتَتْرُكَ رَغْبَةَ الدُّنْيَا ) . وقال الضحَّاكُ : ( مَعْنَاهُ : جَاهِدُوا بالسَّيْفِ مَنْ كَفَرَ باللهِ ، وَإنْ كَانُواْ الآبَاءَ وَالأَبْنَاءَ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { هُوَ ٱجْتَبَاكُمْ } ؛ أي اختارَكم لدِينه وجهادِ أعدائه ، والاجْتِبَاءُ : هو اختيار الشَّيء بمَا فِيْهِ مِنَ الصَّلاَحِ ، يقال : الحقُّ يُجْتَبَى ، والباطلُ يُتَّقَى . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } ؛ أي ما جعلَ عليكُم في شرائعِ دِينكم من ضِيْقٍ ، وذلك أنه ما يتخلَّص منه بالتوبةِ ، وما يتخلَّص منه برَدِّ المظلمةِ ، ويتخلصُ منه بالقصاصِ ، وليس في دِين الإسلام ما لا سبيلَ إلى الخلاصِ من العقاب به ، بل مَن أَذنبَ ذنباً جعلَ اللهُ له مَخرجاً منه بالتوبةِ والكفَّارات ، ولَم يبقَ في ضِيْقِ ذلك الذنب . وقال مجاهدُ : ( يَعْنِي الرُّخَصَ عِنْدَ الضَّرُورَاتِ كَالْقَصْرِ ؛ وَالتَّيَمُّمِ ؛ وَأكْلِ الْمَيْتَةِ ؛ وَالإفْطَار عِنْدَ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ } ؛ أي إلْزَمُوا واتَّبعُوا مِلَّتَهُ ، وَقِيْلَ : معناهُ : وَسَّعَ عليكم في الدِّين كَمِلَّةِ أبيكم إبراهيمَ ، إلاّ أنه لَمَّا حَذفَ حرفَ الجرِّ نصبَ الْمِلَّةَ ، وإنَّما أمَرَ باتِّباع ملَّة إبراهيمَ ؛ لأنَّها داخلةٌ في مِلَّةِ نبيِّنا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم . وإنَّما قال : ( أبيْكُمْ إبْرَاهِيْمَ ) وإن لَم يكن جميعُهم من نَسَبهِ ؛ لأن حرمةَ إبراهيمَ عليه السلام على المسلمين كحرمةِ الوالدِ على الولد ، وحَقَّهُ كحقِّ الوالدِ ، كما قال تعالى : { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } [ الأحزاب : 6 ] . قَوْلُهُ تَعَالَى : { هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ } ؛ نزولِ القُرْآنِ ، { وَفِي هَـٰذَا } ؛ القُرْآنِ ، كما رُوي أنَّ الله تعالى أوحَى إلى إبراهيمَ : يُبْعَثُ بعدَكَ نبيٌّ فيكون قومُهُ مسلمينَ . وَقِيْلَ : معناهُ : إن إبراهيمَ سَمَّاكم المسلمينَ ، كما قال في دعائهِ { وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ } [ البقرة : 128 ] . قَوْلُهُ تَعَالَى : { لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ } ؛ أي لِيَكونَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم شَهيداً عليكم يومَ القيامة بطاعةِ مَن أطاعَ في تبليغه ، وعِصيَانِ مَن عَصَى ، { وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ } ؛ أنَّ الرُّسُلَ بلَّغَتهم . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ } ؛ أي أدُّوهُما كما وَجَبَتَا . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱعْتَصِمُواْ بِٱللَّهِ } ؛ أي واعتَصِمُوا بدينِ الله وتَمسَّكوا به . وَقِيْلَ : معناهُ : اتَّقُوا باللهِ وتوكَّلوا عليهِ ، { هُوَ مَوْلاَكُمْ } ؛ أي هو رَبُّكم وحافِظُكم ، { فَنِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ } ؛ أي فَنِعْمَ الحافظُ لكم ، ونِعْمَ الناصرُ . وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قالَ : " مَنْ قَرَأ سُورَةَ الْحَجِّ ؛ أُعْطِيَ مِنْ أجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ اعْتَمَرَهَا بعَدَدِ مَنْ حَجَّ وَاعْتَمَر فِيْمَا مَضَى وَفِيْمَا يَبْقَى " .