Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 34-36)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } ؛ معناهُ : لئِنْ أطعتُم آدميّاً بَشَراً مثلَكُم إنَّكم إذا لَمبعوثون ، وهذا القولُ منهم دليلٌ على غايَةِ جهلِهم حيث عبَدُوا أصناماً لا تضُرُّ ولا تنفعُ ، ولَم يعدُّوا ذلك خُسراناً ، والأصنامُ أجسامٌ مثلُهم بل دونَهم . ثُم عَدُّوا عبادةَ الله وطاعتَهُ هو خُسراناً ، قالوا : { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ } ؛ أي وصرتُم ، { تُرَاباً وَعِظاماً } ؛ بالية ؛ { أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } ؛ أي أن تُخرجوا من قبُورِكم ، { هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ } ؛ أي بُعْداً بُعْداً لِمَا تُحاوِلون من البعثِ بعدَ الموت ، وهذه كلمةُ استنكارٍ واستبعاد ، ويقرأُ ( هَيْهَاتَ ) سبعَ قراءاتٍ بالنَّصب والكسرِ والرفعِ والتنوينِ وغير التنوين والسُّكون ، فمَن نصَبَ جعلَها مثل ( أيْنَ وكَيْفَ ) ، وَقِيْلَ : لأنَّها أداةٌ مثلُ خمسةَ عشرَ وبَعْلَبَكَّ ، ومَن رفعَ جعلَهُ مثلَ ( مُنْذُ وَقَطُّ وحَيْثُ ) ، ومَن كسرَ جعله مثلُ أمس . قال الشاعرُ : @ تَذكَّرْتُ أيَّاماً مَضَيْنَ مِنَ الصِّبَا وهَيْهَاتَ هَيْهَاتاً إلَيْكَ رُجُوعُهَا @@ وقال آخر : @ لَقَدْ باعَدَتْ أُمُّ الْحَمَارسِ دَارَهَا وَهَيْهَاتَ مِنْ أُمِّ الحمَارسِ هَيْهَاتاً هَيْهَات @@ ومعنى ( هَيْهَاتَ ) بَعُدَ الأمرُ جداً حتى امتنعَ ، وهو اسمٌ سُمي به الفعلُ ، وهو بَعُدَ كما قالوا : صَهْ بمعنى اسْكُتْ ، ومَهْ بمعنى لا تَفْعَلْ ، وليسَ له اشتقاقٌ وفيه ضمير مرتفعٌ عائد إلى قولهِ ( مُخْرَجُونَ ) ، والتقديرُ ( هَيْهَاتَ ) أي هو الإخراجُ ، والمعنى : بَعُدَ إخراجُكم للوعدِ ؛ أي الذي توعَدُون . قال أبو عمرٍو : ( إذا وَقَفْتَ فَقُلْ هَيْهَاه بالْهَاءِ ) وقال الفرَّاءُ : ( كَانَ الْكَسَائِيُّ يَخْتَارُ الْوَقْفَ عَلَيْهَا بالْهَاءِ ، وَأنَا أخْتَارُ التَّاءَ لأنَّهَا لَيْسَتْ هَاءَ التَّأْنِيْثِ ) . ورُوي أن سيبويه قال : ( هِيَ بمَنْزِلَةِ بَيْضَات ) يَعْنِي فِي التَّأْنِيْثِ ، فإذا كَانَ كَذلِكَ كَانَ الْوَقْفُ بالْهَاءِ .