Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 36-38)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ } ؛ يعني ذلك المصباحَ في بُيُوتٍ ، قِيْلَ : معناهُ : تُوقَدُ في بيوتٍ وهي المساجدُ ، أذِنَ اللهُ في رفعِها ؛ أي رَفْعِ بنائها كما قال تعالى { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَٰهِيمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ } [ البقرة : 127 ] ، ويستدلُّ مِن هذه الآيةِ أن لا يؤذنَ في رفعِ شيء من الأبنية فوقَ الحاجة غيرَ المساجد التي يُصَلِّي فيها المؤمنونَ ، ويستضيءُ بنور قناديلها العابدونَ . وقال الحسنُ : ( مَعْنَى قَوْلِهِ { أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ } أيْ تُعَظَّمَ وَتُصَانَ عَنِ الأَنْجَاسِ وَاللَّغْوِ مِنَ الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ وَعَنِ التَّكَلُّمِ بالْخَنَا ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ } ؛ وفي الحديثِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : " جَنِّبُواْ مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِيْنَكُمْ ؛ وَبَيْعَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ ؛ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ وَإقَامَةَ حُدُودِكُمْ ؛ وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ ، وَاجْعَلُواْ عَلَى أبْوَابهَا الْمَطَاهِرَ " قال ابنُ عبَّاس : ( الْمَسَاجِدُ بُيُوتُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الأَرْضِ ، وَهِيَ تُضِيْءُ لأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا تُضِيْءُ النُّجُومُ لأَهْلِ الأَرْضِ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ } أي ويُذْكَرُ في المساجدِ اسمُ الله تعالى وتوحيدهُ . وقولهُ تعالى : { يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا } ؛ أي يُصَلِّي للهِ تعالى في تلك البيوتِ الصلاةَ المفروضةَ ، { بِٱلْغُدُوِّ } ؛ أي صلاة الغداة ، وقولهُ تعالى { وَٱلآصَالِ } ، يعني العَشِيَّاتِ ، والأصِيلُ ما بين العصرِ إلى الليلِ ، وسُميت الصلاةُ تَسبيحاً لاختصاصها بالتسبيحِ . وقرأ ابنُ عامر : ( يُسَبَّحُ ) بفتحِ الباء على ما لَم يسمَّ فاعلهُ . ثُم فسَّرَ مَن يُصلي فقال : { رِجَالٌ } ؛ كأنه قالَ : مَن يُسَبِّحُ ؟ فقيلَ : رجَالٌ { لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَـاةِ } ؛ أي لا تشغَلُهم تجارةٌ ، ولا بَيْعٌ عن طاعةِ الله ، وعن إقامةِ الصَّلاة في البيوتِ ، وعن إعطاءِ الزكاة . قال الفرَّاءُ : ( التِّجَارَةُ لأَهْلِ الْجَلْب ، وَالْبَيْعُ مَا بَاعَهُ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْهِ ) وَخَصَّ قَوْمٌ التِّجَارَةَ هُنَا بالشِّرَاءِ لِذِكْرِ الْمَبيْعِ بَعْدَهَا . والمعنى : لا يَمنعُهم ذلك عن حضور المساجد لإقامةِ الصلاة وإتْمَامِها ، وإذا حضرَ وقتُ الزكاةِ لَم يحبسُوها عن وقتِها . قَوْلُهُ تَعَالَى : { يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلأَبْصَارُ } ؛ أي يفعلون ذلك خَوْفاً من يومٍ تَرْجِفُ فيه القلوبُ ، وتدورُ حُدَقُ العيونِ حالاً بعد حالٍ من الفَزَعِ والخوفِ رجاءَ أن { لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ } ؛ فِي دارِ الدُّنيا ، { وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ } ؛ بغيرِ استحقاقٍ ، { وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } ؛ أي بغيرِ حَصْرٍ ولا نِهايةٍ .