Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 40-40)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ } ؛ هذا تخير في المثلِ ، والمعنى : أن مَثَلَ أعمالِ الكفار أيضاً في الدُّنيا ، ومثلَ قلوبهم في حياتِهم الدُّنيا كمثلِ ظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ ؛ أي عميقٍ كثير الماء يعلوهُ موجٌ ومن فوق ذلك الموجِ الأعلى سحابٌ . وهذا حدُّ الكلام ، ثُم ابتدأ فقال : { ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ } ، أرادَ به ظلمةَ البحرِ وظُلمةَ الموجِ الأدنى وظلمةَ الموجِ الأعلى وظلمةَ السَّحاب وظلمة الليلِ . قال المفسِّرون : أرادَ بالظُّلماتِ أعمالَ الكفارِ ، وبالبحرِ اللُّجِّيِّ قلبَ الكافرِ ، وبالموجِ ما يغشَى عليه من الجهلِ والشكِّ والحيرة ، وبالسَّحاب الدِّينَ والختمَ والطبعَ على قلبهِ . قال أُبَيُّ بنُ كعبٍ في هذه الآية : ( الْكَافِرُ يَتَقَلَّبُ فِي خَمْسٍ مِنَ الظُّلَمِ : فَكَلاَمُهُ ظُلْمَةٌ ؛ وَعَمَلُهُ ظُلْمَةٌ ؛ وَمَدْخَلُهُ وَمَخْرَجُهُ ظُلْمَةٌ ؛ وَقَلْبُهُ ظُلْمَةٌ ؛ وَمَصِيْرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى ظُلْمَةٍ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : { ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً } [ الحديد : 13 ] . وقولهُ تعالى : { إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا } ؛ أي إذا أخرجَ يَدَهُ من هذه الظُّلمات لَم يرَها ولَم يُقَارِبْ أن يرَاها من شدَّةِ الظلماتِ ، فكذلك الكافرُ لا يُبْصِرُ الحقَّ والهدى . وقولهُ تعالى : { وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ } ؛ أي مَن لَم يهدهِ اللهُ فما له من إيْمَانٍ ، ومَن لَم يجعلِ اللهُ له نوراً في الدُّنيا ، فما له من نورٍ . وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ : " إنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَنِي مِنْ نُورهِ ، وَخَلَقَ أبَا بَكْرٍ مِنْ نُورِي ، وَخَلَقَ عُمَرَ وَعَائِشَةَ مِنْ نُورِ أبي بَكْرٍ ، وَخَلَقَ الْمُؤْمِنِيْنَ مِنْ أُمَّتِي مِنْ نُورِ عُمَرَ ، وَخَلَقَ الْمُؤْمِنَاتِ مِنْ أُمَّتِي مِنْ نُور عَائِشَةَ . فَمَنْ لَمْ يُحِبَّنِي وَيُحِبَّ أبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَائِشَةَ ؛ فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ فَيَنْزِلُ عَلَيْهِ ، وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ " .