Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 27-29)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ } ؛ نزلت في عُقْبَةَ بْنِ أبي مُعِيْطٍ كان إذا أرادَ أن يُؤْمِنَ فقالَ لهُ أُبَيُّ بنُ خَلَفٍ وكان صَديقاً لهُ : صَبَأْتَ يَا عُقْبَةُ ! لَئِنْ آمَنْتَ لَمْ أُكَلِّمْكَ أبَداً ، فامتنعَ عن الإيْمانِ حتى قُتِلَ يومَ بدرٍ كافراً ، وقَتَلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُبَيَّ بنَ خَلَفٍ يومَ أُحُدٍ . وَقِيْلَ : " إنَّ عُقْبَةَ بنَ أبي مُعِيْطٍ كان لا يقْدُمُ من سَفَرٍ إلاّ صَنَعَ طَعَاماً فَدَعَا عَلَيْهِ أشْرَافَ قَوْمِهِ ، وَكَانَ يُكْثِرُ مُجَالَسَةَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَدِمَ ذاتَ يَوْمٍ مِنْ سَفَرٍ ، فَصَنَعَ طَعَاماً فَدَعَا عَلَيْهِ النَّاسَ ، وَدَعَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا قَرُبَ الطَّعَامُ قَالَ صلى الله عليه وسلم : " مَا نَأْكُلُ مِنْ طَعَامِكَ يَا عُقْبَةُ حَتَّى تَشْهَدَ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَأنِّي رَسُولُ اللهِ " فَقَالَ عُقْبَةُ : أشْهَدُ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَأنَّكَ رَسُولُ اللهِ ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم . وَكَانَ أُبّيُّ بْنُ خَلَفٍ غَائِباً ، فَلَمَّا أُخْبرَ بإسْلاَمِ عُقْبَةَ وَكَانَ صَدِيْقَهُ ، قَالَ لَهُ : أصَبَوْتَ يَا عُقْبَةُ ؟ ! فَقَالَ : لاَ ؛ وَاللهِ مَا صَبَوْتُ وَإنَّ أخَاكَ كَمَا تَعْلَمُ ، وَلَكِنِّي صَنَعْتُ طَعَاماً فَأَبَى أنْ يَأْكُلَ مِنْ طَعَامِي إلاَّ أنْ أشْهَدَ ، فَاسْتَحْيَيْتُ أنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْتِي وَلَمْ يَطْعَمْ ، فَشَهِدْتُ لَهُ وَلَيْسَ فِي نَفِسِي ذلِكَ ، فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ : يَا عُقْبَةُ ! مَا أنَا بالَّذِي أرْضَى مِنْكَ أبَداً حَتَّى تَأْتِيَهُ فَتَبْزُقَ فِي وَجْهِهِ ! فَفَعَلَ عُقْبَةُ ذلِكَ " . قال الضحَّاكُ : ( لَمَّا بَزَقَ عُقْبَةُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، عَادَ بُزَاقُهُ فِي وَجْهِهِ وَلَسَعَهُ لَسْعَةً فَأَحْرَقَ خَدَّيْهِ ، وَكَانَ أثَرُ ذلِكَ فِيْهِ حَتَّى الْمَوْتِ ) . وعن عطاءٍ عن ابنِ عبَّاس قال : ( كَانَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ يُجَالِسُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَسْمَعُ كَلاَمَهُ مِنْ غَيْرِ أنْ يُؤْمِنَ بهِ ، فَلَمَّا أرَادَ عُقْبَةُ بْنُ أبي مُعِيْطٍ أنْ يُؤْمِنَ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم زَجَرَهُ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ ، وَكَانَ خَلِيْلاً لَهُ ، فَقَالَ لَهُ : وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إنْ بَايَعْتَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم . فَلَمْ يُؤْمِنْ وَاتَّبَعَ رضَى أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ } يعني عقبةَ بن أبي مُعيطٍ ، يعضُّ على يديه تَنَدُّماً وتَحَسُّراً وأسَفاً على ما فَرَّطَ في جنب الله . قال عطاءُ : ( يَأْكُلُ يَدَيْهِ حَتَّى يَذْهَبَا إلَى الْمِرْفَقَيْنِ ، ثُمَّ يَنْبُتَانِ ، فَلاَ يَزَالُ هَكَذا دَأبُهُ ، كُلَّمَا نَبَتَتْ يَدُهُ أكَلَهَا نَدَامَةً عَلَى مَا فَعَلَ ، وَذلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . ثُم { يَقُولُ } ، على وجه التحسر : { يٰلَيْتَنِي ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً } ؛ أي لَيْتَنِي اتبعتُ الرسولَ وسلكتُ طريقته فإنَّها طريقُ الهدى ، { يَٰوَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } ؛ يعني أُبَيَّ بنَ خلفٍ ، { لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي } ؛ أي لقد صَرَفَنِي عن القُرْآنِ بعد إذ دعانِي مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً } ؛ ابتداءُ كلامٍ ؛ أي كان الشيطانُ للإنسان كثيرَ الْخُذلانِ يتبرَّأُ منه في الآخرةِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : ( يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ ) قراءةُ أبي عمرٍو بفتحِ الياء من ( يَا لَيْتَنِيَ اتَّخَذْتُ ) ، وقُتِلَ عقبةُ يومَ بدرٍ صَبراً كافراً . وحُكم هذه الآية في كلٌ صاحبَين اجتمعا على معصيةِ الله . وقد رُوي عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ : " جَلِيْسُ السُّوءِ كَمَثَلِ الْكِيْرِ ، إنْ لَمْ يُحْرِقْ ثِيَابَكَ عَلِقَ بكَ ريْحُهُ وَدُخَّانُهُ " ، وانشدَ بعضُهم في ذلكَ :