Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 227-227)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } ؛ استثناءُ الشُّعراء المسلمينَ حَسَّانُ بْنُ ثَابتٍ ، وعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الذين مَدَحُوا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، كَانَ يَقُولُ لِحَسَّان : [ أُهْجُهُمْ وَمَعَكَ رُوحُ الْقُدُسِ ] . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱنتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ } ؛ يعني أنَّهم كانوا يذكُرون اللهَ كثيراً في أشْعَارِهم ، ويناضِلون عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بألسِنَتهم وأيدِيهم من بَعْدِ هجائِهم الكفارَ . والانتصارُ بالشِّعر جائزٌ في الشَّريعة بما يجوزُ ذِكْرُهُ فيها ، لِمَا قالَ تعالى في آيةٍ أُخرى { لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوۤءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ } [ النساء : 148 ] . ويُروَى : " أنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ مَا تَقُولُ فِي الشِّعْرِ ، فَقَالَ : " إنَّ الْمُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ ؛ لَكَأَنَّمَا يَنْضَحُونَهُمْ بالنَّبْلِ " " وقال صلى الله عليه وسلم " إنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكْمَةٌ " . وقالت عائشةُ : ( الشِّعْرُ كَلاَمٌ ، فَمِنْهُ حَسَنٌ وَمِنْهُ قَبيْحٌ ، فَخُذُواْ الْحَسَنَ وَدَعُواْ الْقَبيْحَ ) . وعن الشعبيِّ قال : ( كَانَ أبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَقُولُ الشِّعْرَ ، وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ الشِّعْرَ ، وَكَانَ عَلِيٌّ أشْعَرَ الثَّلاَثَةِ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً } لَم يَشْغَلْهُمُ الشِّعْرُ عن ذِكْرِ اللهِ ، ولَم يجعَلُوا الشِّعْرَ هَمَّهُمْ ، وانتَصَرُوا من بعد ما ظلموا أي انتصروا من المشركين لأنهم بدأوا بالهجاء . ثُم أوعدَ شعراءَ المشركين فقال : { وَسَيَعْلَمْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ } ؛ أي سَيَعْلَمُ الَّذِيْنَ أشْرَكُواْ وَهَجَوُا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنينَ أيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ، قال ابنُ عبَّاس : ( إلَى جَهَنَّمَ يَخْلُدُونَ فِيْهَا ) . والمعنى : سيعلَمُون إلى أينَ مصيرُهم وهو نارُ جهنَّمَ ، فعلى هذا يكونُ قولهُ { أَيَّ مُنقَلَبٍ } منصُوباً بدلاً من المصدرِ ، ولا يجوزُ أن يكون منصوباً بقولهِ ( سَيَعْلَمُ ) لأن { أَيَّ } لا يعملُ فيه ما قَبْلَهُ ؛ لأنه مِن حروفِ الاستفهامِ ، وموضعُ حروف الاستفهامِ صدرُ الكلامِ ، فكان انتصابُ قولهِ { أَيَّ مُنقَلَبٍ } على معنى المصدرِ ، أو بقولهِ { يَنقَلِبُونَ } . وعن أبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ : " مَنْ قَرَأ سُورَةَ الشُّعَرَاءِ ، كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ عَشْرُ حَسَنَاتٍ ، بعَدَدِ مَنْ صَدَّقَ بنُوحٍ وَكَذبَ بهِ ، وَهُودٍ وَشُعَيْبٍ وَصَالِحٍ وَإبْرَاهِيْمَ وَلُوطٍ وَاسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَمُوسَى وَعِيْسَى ، وَبعَدَدِ مَنْ صَدَّقَ بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم " .