Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 26-28)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يٰأَبَتِ ٱسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَأْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِينُ } ؛ أي قالَتْ إحداهُما وهي التي تزوَّجَها موسى : يا أبَتِ اتَّخِذْهُ أجيراً يرعَى لنا غنمَنا ، فإنَّ خيرَ منِ استأجرتَ الذي يقوَى على العملِ ، ويؤدِّي الأمانةَ . فقال لَها أبُوهَا : وما عِلْمُكِ بقوَّتهِ وأمانتهِ ؟ فقالت : أمَّا قوَّتهُ فإنه لَمَّا رأى أغنامَنا محبوسةً عن الماءِ ، قال لنا : هل بقُربكُما بئرٌ ؟ قلنا : نَعَمْ ؛ لكن عليها صخرةٌ عظيمة لا يرفَعُها إلاّ أربعونَ رجُلاً ، قال : انطَلِقا بي إليها ، فانطلَقا به إليها ، فأخذ الصخرةَ بيدهِ ونَحَّاهَا سَهْلاً من غيرِ كُلْفَةٍ . وأمَّا أمانتهُ فإنه قال لِي في بعضِ الطَّريق : إمْشِ خلفِي ، فإنْ أخطأتُ الطريقَ فارْمِ قِبَلِي بحصاةٍ حتى أنْهَجَ نَهْجاً ، فإنَّّا قومٌ لا ننظرُ إلى وراءِ النِّساء . ولِهذا المعنى قال عمرُ رضي الله عنه : ( لاَ يَصْلُحُ لأُمُور الْمُسْلِمِيْنَ إلاَّ الْقَوِيُّ مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ ، وَالرَّقِيْقُ مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ ) . قال فلمَّا ذكرَتِ المرأةُ من حالِ موسى ازدادَ أبُوهَا رغبةً فيهِ و { قَالَ إِنِّيۤ أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ } ؛ أي على أن تَرْعَى غنَمِي ، ويكون فيها أجْراً إلى ثَمان سِنين ، { فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ } ؛ فهو بفَضْلٍ منكَ ليس بواجبٍ عليكَ ، { وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ } ؛ في العشرِ ، ولا أكلفَّكَ إلاّ العملَ المشروط ، والمرادُ بالحِجَجِ السِّنين . قَوْلُهُ تَعَالَى : { سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ } ؛ مِمن وافَقَ فِعْلَهُ . وَقِيْلَ : ستجدُنِي إن شاءَ اللهُ من الوَافِيْنَ بالعهدِ ، الْمُحسِنينَ الصُّحبةَ . فـ { قَال } مُوسَى لشعيب : { ذَلِكَ } ؛ الشرط { بَيْنِي وَبَيْنَكَ } ؛ يعني الذي وصفتَ وشَرَطْتَ على ذلك ، وما شرطتَ لِي مِن تزويجِ إحداهما عَلَيَّ فلي ، والأمر بيننا . وثم السلام . ثُم قال : { أَيَّمَا ٱلأَجَلَيْنِ } ؛ أيُّ الأجلَين من الثَّمانِ أو العَشْرِ ، { قَضَيْتُ } ؛ أي أتْمَمْتَ وفَرَغْتَ ، { فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ } ؛ أي لا ظُلْمَ ولا حرجَ ولا كُلفَةَ . قال الفرَّاء : ( مَا ) صِلَةٌ فِي قَوْلِهِ : { أَيَّمَا ٱلأَجَلَيْنِ } . وقولهُ تعالى : { وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } ؛ أي شهيدٌ على ما عَقَدَ بعضُنا على بعضٍ . قال ابنُ عبَّاس : ( وَاللهُ شَهِيْدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ) . وعن ابنِ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ : " سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أيُّ الأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى ؟ فَقَالَ : " أوْفَاهُمَا وَأبْطَئُهُمَا " وعن أبي ذرٍّ قالَ : قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " وَإذا سُئِلْتَ عَنْ أيِّ الأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى ؟ فَقُلْ : خَيْرُهُمَا أوْ أبَرُّهُمَا ، وَإنْ سُئِلْتَ أيُّ الْمَرْأتَيْنِ تَزَوَّجَ ؟ فَقُلِ الصُّغْرَى مِنْهُمَا وَالَّتِي جَاءَتْ فَقَالَتْ : يَا أبَتِ اسْتَأْجِرْهُ " .