Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 57-58)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُُهُ تَعَالَى : { وَقَالُوۤاْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ } ؛ أي قالت قُريش لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم : إن اتَّبَعْنَاكَ على دِينِكَ يتخطَّفُنا العربُ على أنفُسِنا أن يخرجُوا من أرضِنا مكَّة إن ترَكْنا ما يَعبُدونَ . قَالَ اللهُ تَعَالَى : { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً } أي ذا أمْنٍ يَأْمَنُ فيه الناسُ . وذلك أن العربَ كانت يُغِيْرُ بعضُهم على بعضٍ ، وأهلُ مكَّة آمِنُونَ في الْحَرَمِ مِن القَتْلِ والسَّيفِ والغَارَةِ ؛ أي فكيفَ يخافون إذا أسْلَمُوا وهُم في حَرَمٍ آمِنُونَ . ومعنى { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً } أي أوَلَمْ نَجْعَلْهُ مكاناً لَهم . وقولهُ تعالى : { يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ } ؛ ومعنى { يُجْبَىٰ } أي يحملُ الْحَرَمِ { ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً } . قرأ نافعُ ويعقوب : ( تُجْبَى ) بالتاء لأجلِ الثَّمرات ، وقرأ الباقونَ بالياء لقولهِ { كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً } ومعنى ( تُجْبَى ) أي تُحْمَلُ إلى الحرمِ { ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ } من مِصْرَ والشَّام واليمَنِ والعِرَاقِ . وقولهُ تعالى : { رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا } ؛ أي رزْقاً مِن عندِنا ، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } ؛ أنَّا فعَلْنا ذلك يعني أهلَ مكَّة ، والمعنى : أوَلَمْ يجعل أهلَ مكَّة في أمَانٍ قبلَ الإيْمَانِ يُجْبَى إلى الحرمِ ثَمَراتُ كلِّ شيءٍ نعمةً من عندِنا ، فكيفَ يخافون زوالَ الأمانِ ، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } لأنَّهم لا يتدبَّرُون ولا يتفكَّرُون . ثُم خوَّفَهم بمثل عذاب الأُمَمِ الخاليةِ ، فقال : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا } ؛ أي كم أهلَكْنا مِن أهلِ قَرْيَةٍ بَطَرَتْهَا معيشَتها ، والبَطَرُ : الطُّغيانُ عند النِّعمةِ ، وَقِيْلَ : معناهُ : بَطَرَتْ في معِيشَتِها . قال عطاءُ : ( عَاشُواْ فِي الْبَطْرَةِ ، فَأكَلُواْ رزْقَ اللهِ وَعَبَدُواْ الأَصْنَامَ ) . وقوله تعالى : { فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً } ؛ أي منازلُهم التي كانوا يسكنُونَها لَم يَسْكُنْهَا أحدٌ إلاّ المسافرونَ ومَارُّوا الطريقِ ينْزِلون ببعضِها يوماً أو ساعةً ثُم يرحَلُون . والمعنى لَمْ تُسْكَنْ مِن بعدِهم إلاَّ سُكوناً قليلاً ، { وَكُنَّا نَحْنُ ٱلْوَارِثِينَ } ؛ أي لَم نجعَلْ لَهم أحداً بعدَ هلاكِهم في منازِلِهم ، فبقيَتْ خَراباً غيرَ مسكُونةٍ كقولهِ { إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ ٱلأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا } [ مريم : 40 ] .